الحكومة الإسبانية

سحب ترشيح  “مانويل صوريا” يضعف سعي “راخوي” نحو رئاسة الحكومة الإسبانية

تراجعت الحكومة الإسبانية عن قرار ترشيح وزير الصناعة السابق، خوسي مانويل صوريا، لشغل منصب رفيع في إدارة  البنك الدولي، على إثر ردود الفعل المنتقدة  والمستاءة التي عبرت عنها مختلف الأطياف السياسية، بما فيها  أصوات معارضة داخلية للقرار في صفوف الحزب الشعبي نفسه.

وذكرت مصادر صحافية أن “صوريا “سحب ترشيحه للمنصب  بطالب ملح من رئيس الحكومة ما ريانو راخوي  في اتصال هاتفي، بعد أن  صعب عليه تمرير القرار في الداخل والخارج بالنظر إلى ورود اسم وزير الصناعة والسياحة  السابق ضمن ما بات يعرف بـ “أوراق بنما” خاصة وأنه كذب على الحكومة والحزب الشعبي والرأي العام.

وكان راخوي حاول الدفاع عن الوزير السابق بالقول  إن من حقه المشاركة في مباراة لشغل المنصب  باعتباره موظفا حكوميا استأنف عمله بالإدارة العمومية وبالتالي صار من حقه التقدم لشغل أي منصب بعد تحرره من المسؤولية السياسية . لكن ردود الفعل على  “راخوي” كانت  أعنف وطالبت قيادات حزبية بالتراجع عن القرار الخطأ في الظرف الخطأ.

وألقت قصة الوزير المنسحب بظلالها على الأزمة الحكومية وأعطت دليلا أضافيا لمنتقدي الحزب الشعبي ورئيسه، راخوي، بأنه يتستر على المخالفات المرتكبة من أتباع حزبه وخرق  القانون: على الرغم من أنه لم توجه أية تهمة قضائية للوزير المستقيل، لكن كذبه على الرأي العام يعتبر أكبر مخالفة  أخلاقية يقترفها سياسي في الأنظمة الديمقراطية الغربية.

على صعيد آخر، لا يظهر في الأفق مخرج من الأزمة الحكومية،  على الرغم من المشاورات الباردة التي باشرها زعيم الحزب الاشتراكي  بهدف استكشاف الآراء والمواقف لدى الأحزاب الممثلة في البرلمان الحالي.

واعتبرت مبادرة، بيدرو سانشيث، ميتة في المهد  فاقدة  للمعنى السياسي  خاصة وأنه لا يجري المشاورات كمرشح محتمل لرئاسة الحكومة، إضافة إلى أنه  يلقى معارضة  حتى داخل  صفوف حزبه  وخاصة من إقليم الأندلس حيث توجد أكبر فيدرالية اشتراكية،  وهي التي  حذرت الأمين العام،  بدفع من سوسانا دياث، رئيسة الحكومة المحلية، من المراهنة على تحالف مع  حزب، بوديموس،  لأن الطرف المكمل أي حزب  “مواطنون” بزعامة البرت ريفيرا، لن يقبل الجلوس  في حكومة مع أنصار بابلو إيغليسياس.

وفي هذا السياق المتأزم، وكدليل واضح على عدم رضاه من مواقف الطبقة السياسية، لم يشرع الملك فيلبي السادس في أجراء مشاورات حزبية جديدة لتعيين مرشح محتمل لرئاسة الحكومة بعد فشل  زعيم الحزب الشعبي  في كسب ثقة البرلمان؛ ذلك ان العاهل الإسباني يدرك إن العودة إلى البرلمان بدون اتفاق مسبق بين الأحزاب معناه تكرار الفشل والدعوة إلى انتخابات جديدة ستكون الثالثة في ظرف سنة وهي سابقة سيئة في تاريخ الديمقراطية الإسبانية لا يرضاها الملك لبلاده.

unnamed (1)

ولم يفصح الملك عن موقف محدد لأن الدستور يلزمه  الوقوف على الحياد،  بل إنه بدا صارما في ملامحه وهو يستقبل رئيسة البرلمان التي اجتمع بها لأكثر من ساعة، مكتفيا بالتعبير  عن الأمنية في أن تستأنف الأحزاب المشاورات فيما بينها في أفق الاتفاق على تشكيل الجهاز التنفيذي. وطلب الملك من رئيسة البرلمان “آنا باستور” أن تبقى على اتصال به لموافاة القصر الملكي بما  يجد على الساحة السياسية.

إلى ذالك يحس الرأي العام الإسباني بالملل، من متابعة فصول مسلسل سياسي ممل، لا يوحي بنهاية سعيدة؛ وارتفعت نسبة الامتعاض من حالة الجمود لدى شرائح عدة، لكن أكبر قسط من النقد موجه لزعيم الحزب الاشتراكي الذي يسبح وحده ضد التيار بدون أفق واضح وخارطة طريق؛ فالتوجه إلى صناديق الاقتراع لا يضمن له رفع عدد مقاعد الحزب بل إن المستفيد الأكبر سيكون مرة ثالثة،  حسب التوقعات، الحزب الشعبي  الذي سيتصدر مجددا النتائج  طبقا لاستطلاعات أولية للرأي التي ذهبت إلى الاستنتاج بأن الحزب الشعبي  متحالفا مع “ثيودانونس” من المحتمل  أن يحققا المفاجأة ويجمعان الأغلبية المطلقة  وبالتالي سيصطف الحزب الاشتراكي في المعارضة إلى جانب بوديموس،  لتبدأ معركة أخرى بين الحزبين المتنافسين على زعامة اليسار الإسباني.

ويتفق محللون إسبان على أن الفاعلين  الحزبيين الأساسيين في  ساحة الصراع السياسي بإسبانيا، ينتظرون  النتائج التي ستسفر عنها الانتخابات التشريعية الإقليمية المقررة يوم 25 من الشهر الجاري  في منطقتي الباسك وغاليثيا، إذ ستكون مؤشراتها كافية لتبصير الأحزاب المعنية  بالوجهة التي ينبغي أن تسلكها لإنهاء الأزمة الحكومية، مع عدم استبعاد أن تزيد النتائج المنتظرة الوضع تعقيدا،  وحينذاك لا يبقى أمام الإسبان إلى التصويت من جديد على لاعبين حزبيين فشلوا في تحقيق نتيجة مشرفة لبلدهم.

تجدر الإشارة إلى أن أصواتا بدأت تتعالى مطالبة بإعادة النظر في المنظومة السياسية برمتها، تلك المتولدة عن اتفاق القوى السياسية التي كانت  حاضرة في الميدان بعد رحيل الديكتاتور فرانكو، والتنازل الطوعي للملك السابق  خوان كارلوس عن صلاحيات الحكم المطلق.

اقرأ أيضا

غزة

غزة.. شهداء وجرحى إثر القصف المتواصل وإسرائيل تبحث بنودا جديدة حول صفقة تبادل الأسرى

لليوم الـ202، يواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه على غزة، مخلفا شهداء وجرحى في غارات على رفح ومناطق أخرى، في حين يشهد شمال مخيم النصيرات اشتباكات وقصفا متواصلا، في ظل استعداد إسرائيل لشن عمليات في بيت لاهيا شمالي القطاع.