الجزائر

مع نهاية ولايتها.. حصيلة المشاركة الجزائرية في مجلس الأمن!!

بقلم: هيثم شلبي

لا تزال الضجة التي أثارها الإعلام الدعائي للنظام الجزائري حاضرة في الأذهان، بسبب المبالغة في اعتبار هذا الحدث الروتيني الذي يعكس مبدأ المداورة على التمثيل الجغرافي “فتحا دبلوماسيا” يدلل على قوة “الجزائر الجديدة”! ضجة ذكرتنا بمثيلتها عام 2022 الخاصة بعقد القمة العربية في الجزائر العاصمة، والتي انتهت بفضيحة دبلوماسية بسبب مقاطعة رؤساء 13 دولة عربية لأعمالها، مما جعلها القمة العربية الأقل حضورا للقادة العرب في تاريخ جامعة الدول العربية، حيث اكتفى بالحضور 8 قادة يمثلون: مصر، قطر، فلسطين، تونس، موريتانيا، الصومال، جيبوتي، وجزر القمر!! ولأن إعلام النظام العسكري لا يأخذ العبرة، فقد كرر ضجته الإعلامية الدعائية بعدها بعام، في محاولة للتغطية على “نكسة” القمة العربية، وذلك عندما صور أن عضوية الجزائر في منظمة البريكس في 2023، قد صدرت فعلا وتنتظر فقط شهر نوفمبر للإعلان عنها خلال القمة، التي -لسخرية الأقدار- استضافتها الحليفة جنوب أفريقيا، لينزل قرار المنظمة كالصاعقة: قبول طلب عضوية مصر وإثيوبيا ورفض الطلب الجزائري، بسبب ما اعتبره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ساعتها “غيابا للوزن والهيبة والمواقف المؤثرة” على الساحة الدولية!! فهل لاقت ضجة دخول مجلس الأمن عام 2024 مصير سابقتيها، أم أن الجزائر نجحت في تسجيل مشاركة حاسمة، وقدمت إضافة نوعية لعمل المنتظم الأممي من خلال مجلس الأمن؟ لنحاول البحث عن إجابة..

يمكن القول إن العمل في مجلس الأمن يقع على عاتق الأعضاء الدائمين فيه: الولايات المتحدة، الصين، روسيا، المملكة المتحدة، وفرنسا بنسبة شبه مطلقة، بينما يتمثل نصيب الأعضاء غير الدائمين (10 أعضاء) في المشاركة في النقاشات، وأحيانا المساهمة في صفة حامل قلم مشارك مع عضو رئيسي، أو مع عضوين في “ترويكا” تتولى صياغة قرار ما؛ هذا مع عدم وجود ما يمنع عضوا غير دائم العضوية من صياغة قرار ما، وطلب طرحه للتصويت، سواء من تلقاء نفسه أو ممثلا للمجموعة القارية أو الإقليمية التي ينتمي إليها. وهنا يحق لنا مراجعة المشاركة الجزائرية في عضوية مجلس الأمن خلال 2024 و 2025 لمعرفة ماذا صنعت هناك خدمة للقضايا العربية والأفريقية؟ كم كان عدد القرارات التي صاغتها ومصيرها؟ وكيف صوتت على قرارات المجلس طيلة هذين العامين، وذلك للخروج بخلاصة: هل كان للضجة التي أثارها الإعلام الجزائري حول المشاركة الرابعة للجزائر في عضوية مجلس الأمن أي مبرر (نالت العضوية غير الدائمة قبل ذلك أعوام: 1968-1969، 1988-1989، 2004-2005)؟!

بداية، فقد أصدر مجلس الأمن خلال ولاية الجزائر (حتى الآن) 88 قرارا، بواقع 49 قرارا عام 2024 (بدءا من القرار 2719 وحتى القرار 2767)، و 39 قرارا عام 2025 (بدأت بالقرار 2768 إلى القرار 2806). وقد نالت القارة الأفريقية حصة الأسد من هذه القرارات بواقع 40-45 قرارا (بعضها مشترك مع مناطق أخرى)، بينما كانت القرارات المتعلقة بالمنطقة العربية في حدود 12- 15 قرارا. فكيف صوتت الجزائر في جميع هذه القرارات وغيرها؟ باستثناء القرارين الخاصين بتجديد بعثة المينورسو في الصحراء المغربية عامي 2024 و 2025، واللذان فضلت الجزائر عدم المشاركة في التصويت عليهما رفضا أو موافقة أو امتناعا، فإنها قد صوتت بنعم على جميع القرارات ال 86 الأخرى، دون أن تصوت مرة واحدة بلا، أو حتى امتناع (كما فعلت باكستان في القرار 2797)!! موقف تستدعي الأمانة الإشارة إلى أنه الموقف التقليدي للغالبية الساحقة من الدول غير دائمة العضوية، التي تعلم أن اعتراضها لا يمكنه تعطيل أي قرار توافقت عليه الدول الخمس دائمة العضوية. فهل مثل هذه المشاركة، والتصويت الدائم بنعم على جميع القرارات المعروضة، يبرر هذه الضجة حول “المساهمة الجزائرية في خدمة القضايا العربية والأفريقية والدفاع عنها”؟؟! ونتساءل: هل كان الحال سيختلف لو وضعنا شخصا آليا (روبوت) مكان عمار بنجامع مندوب الجزائر في الأمم المتحدة، وبرمجناه على رفع يده بالموافقة على أي قرار يتم التصويت عليه؟!

أما صياغة القرارات واقتراحها، فقد تمت مرة يتيمة لا ثاني لها خلال عامين، وبمبادرة عربية تكفل بنجامع بتقديمها لمجلس الأمن، وخوض المفاوضات مع أعضاء مجلس الأمن الآخرين من أجل تحويلها إلى قرار أممي، ونقصد هنا مشروع قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تم في فبراير 2024، فماذا كانت النتيجة؟ بعد أخذ ورد، تم إفشال القرار بواسطة فيتو أمريكي، وبالتالي وئد المشروع الجزائري اليتيم، وعاد بنجامع لممارسة هوايته في رفع يد الموافقة على كل قرار يتم التصويت عليه! وهنا يحق لنا طرح تساؤل مشروع: بماذا أفاد الوجود الجزائري في مجلس الامن القضية الفلسطينية، أو ساهم في التخفيف من معاناة قطاع غزة، لاسيما وأن حرب الإبادة التي تعرض لها القطاع قد تمت خلال عامي عضوية الجزائر؟! الأدهى، أن الجزائر قامت بإنهاء ولايتها بالتصويت بنعم على القرار الأخير المؤيد لمبادرة ترامب، والذي يفرض وصاية وانتدابا دوليا على قطاع غزة، في مشهد أثار غضب الفلسطينيين والجزائريين والعرب، وناقض جميع أدبيات الأنظمة الجزائرية المتعاقبة، لاسيما شعار “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، رغم تقديرنا بأن الموقف الجزائري لم يشكل أي مفاجأة لمن يحسن قراءة سلوك هذا النظام!

وبالعودة إلى اللحظة الأبرز خلال مشاركة الجزائر “الوازنة” في مجلس الأمن، فقد شهدت “كارثة” اعتماد القرار 2797، مصداقا لكلام لافروف عن عدم تمتع الجزائر بأي وزن أو هيبة على الصعيد الدولي، يمكنها من التأثير على مجرى الأحداث. فرغم الامتعاض الظاهر من القرار، لم يتمكن بنجامع ونظامه من إيقافه، وصدر بأغلبية 11 صوتا، في وجود امتناع 3 أصوات، مما كرس مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية خيارا أوحد لتقرير مصير سكان المنطقة، وأجبر الجزائر -رغم جعجعتها العالية- أن تحضر الموائد المستديرة، مصطحبة صنيعتها البوليساريو، وإلا واجهت غضب المجتمع الدولي. وهنا نتساءل: ماذا أفاد الوجود الجزائري في مجلس الأمن قضيتهم المركزية المتمثلة في معاندة الوحدة الترابية المغربية؟! هل تجرأوا على مجرد رفض أي من القرارين الخاصين بالقضية، ولو من باب تسجيل الموقف؟ أم أن الخوف من غضب العم سام قد ألجمهم؟!

لقد قلنا حينها، عندما تعالت أصوات الاحتفالات بنيل الجزائر لعضوية مجلس الأمن غير الدائمة، أنهم لن يحققوا أي شيء لم تستطع جنوب أفريقيا تحقيقه خلال مشاركاتها الثلاث (2007-2008، 2011-2012، 2019-2020)، عندما كانت شاهدة على تطور الترحيب الدولي بمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الذي صدر خلال ولايتها الأولى؛ وتوالت لغة مجلس الأمن في التطور حياله إلى أن اعتمدته خلال الولاية الجزائرية الحالية، أساس للحل في الصحراء. فأي مبرر لهذا الاحتفال بالله عليكم، وقد سجلتم أنتم وحليفتكم الأكبر فشلا مدويا على صعيد “قضيتكم المركزية”؟!

ختاما، وإذا ما قسنا على سنوات نظام تبون- شنقريحة منذ 2019 إلى الآن، فقد كان الفشل المريع مصير كل دعاية وهمية صدّع بها رؤوس الجزائريين، دون أن يبدو على النظام أي مظهر من مظاهر التعقل أو الاعتبار، وسيكون هذا الفشل مصير دعاية “صفر ديون”، و”الاكتفاء الذاتي من القمح” قريبا، وكذا مصير دعاية “غار جبيلات” في 2026، هذا إن قيض لهذا النظام أن يعيش حتى يشهد هذا الفشل!!

اقرأ أيضا

النيجر ترحب بمصادقة مجلس الأمن على القرار التاريخي 2797 الذي يكرس المخطط المغربي للحكم الذاتي

رحبت النيجر، اليوم الثلاثاء، بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار التاريخي رقم 2797، الذي يكرس في إطار السيادة المغربية، مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحته المملكة كأساس جدي، وذي مصداقية ودائم للتوصل إلى حل لقضية الصحراء المغربية.

بوركينا فاسو تجدد دعمها الثابت للوحدة الترابية للمغرب وتشيد بالمصادقة على القرار التاريخي 2797

جددت بوركينا فاسو، اليوم الثلاثاء، دعمها الثابت والدائم للوحدة الترابية للمملكة المغربية، مشيدة بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار التاريخي 2797 الذي يكرس في إطار السيادة المغربية، مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحته المملكة كأساس جاد وذي مصداقية ومستدام من أجل التوصل إلى حل لقضية الصحراء المغربية.

الصحافي الفرنسي كريستوف غليز

مسجون ظلما في الجزائر.. دفاع الصحافي الفرنسي غليز يأمل بـ”نتيجة إيجابية” في الاستئناف

ينظر قضاء عصابة قصر المرادية، يوم غد الأربعاء، استئنافيا في ملف الصحافي الرياضي كريستوف غليز المحكوم عليه بسبع سنوات سجنا في الجزائر، في قرار مجحف بحق مراسل مهني ومتمرس في السجن بالجزائر،