منظومة الفشل في النظام الجزائري تورطه في مزيد من الأزمات مع فرنسا!!

بقلم: هيثم شلبي

بعد أن كان الرئيس عبد المجيد تبون هو عنوان “الفشل” الأبرز في النظام الجزائري، لتخصصه في إطلاق تصريحات لا تجد من يصححها، وسرعان ما تتحول إلى مصدر سخرية من طرف المواطنين والمهتمين بالشأن الجزائري، يبدو أن منافسين آخرين قد انضموا إلى هذه المباراة في الفشل، وعلى رأسهم أجهزة المخابرات ووزارة الخارجية!

الرئيس تبون، وفي غياب صلاحيات رئاسية حقيقية، يشغل وقت فراغه بالعمل كناطق رسمي باسم النظام العسكري، رغم افتقاره لأبسط مقومات هذا الدور، وبهذه الصفة، أصبح متخصصا في إطلاق إحصائيات عجائبية، وتقديم وعود خيالية، بل تفوق في استخدام اللغة السوقية حتى على الذباب الإلكتروني لدى نظامه، وآخرها وصفه الكاتب المعتقل بوعلام صنصال بأنه “مجهول الأب”!!

لغة وجد من ينافسه فيها مؤخرا في هيئة وزارة الخارجية الجزائرية، التي يفترض أنها تقود دبلوماسية البلاد! وتبدو المفارقة صارخة في غياب أي ملمح من الدبلوماسية والهدوء والكياسة عن بلاغات وزارة الخارجية في “الجزائر الجديدة”، وهو ما بدا واضحا في جميع بلاغاتها الصحفية سواء تعلق الأمر بالعداء مع المغرب، أو الأزمة مع اسبانيا، وبعدها فرنسا، أو التهجم على الإمارات، وآخرها الأزمة مع مالي، ناهيك عن لغة خطاباتها عندما يتعلق الأمر بمعارضي النظام في الخارج، كما حصل قبل ساعات في بلاغ الرد على اعتقال بعض المشتبه بهم في محاولة اغتيال المعارض الجزائري أمير دي زد، والذين كان من بينهم موظف بأحد قنصلياتها في فرنسا.

وأجمع كل من قرأ بلاغ الخارجية بأن كاتبه لا يمكن أن يكون قد أمضى حتى مجرد تدريب في أي وزارة الخارجية، وأنها لغة مستوحاة من قاموس المخابرات الجزائرية، وهو نفس المصدر الذي يستخدمه الرئيس تبون!

لقد أصدرت الخارجية الجزائرية بلاغا يؤكد الحرج الشديد الذي تحس به مختلف أجهزة النظام تجاه اعتقال هؤلاء الأفراد، على الرغم من أنه مجرد “توقيف احتياطي” بغرض التحقيق عن علاقتهم بالحادثة، حيث يمكن بعدها تثبيت التهمة على الموقوفين أو نفيها.

“النرفزة” التي أصبحت طابعا دائما لجميع بلاغات وزارة الخارجية، والتي تتنافى مع وظيفة هذا الجهاز، بالتعريف والضرورة، دليل على تجاوز حجم الأخطاء التي ترتكبها مختلف أجهزة الدولة السيادية مستوى قدرة وزارة الخارجية على التغطية والمعالجة.

وهنا يبرز دور أجهزة المخابرات الجزائرية، متضاربة الصلاحيات، والتي يديرها أشخاص عديمي التأهيل العلمي الاحترافي؛ فمدير جهاز المخابرات الداخلية المدعو ناصر الجن هو سفاح متخصص في تعذيب المعارضين، وسجل جرائمه خلال العشرية السوداء موثق ومعروف للقاصي والداني، بينما مدير المخابرات الخارجية رشدي فتحي موساوي فلا تعدو مؤهلاته منصب ملحق أمني بالسفارة الجزائرية في برلين (حيث تعالج تبون وعرفته عائلته) وباريس حيث يحج الجنرالات كلهم.

هذه الأجهزة الاستخباراتية ورطت النظام في أزماته مع الإمارات، حرائق الغابات في القبايل، الأزمة مع مالي، الدعم الموثق مع التنظيمات الجهادية والإرهابية في الصحراء الكبرى، وأخيرا، محاولات اغتيال المعارضين في الخارج، وأبرزها تلك المتعلقة بأمير دي زد في فرنسا وهشام عبود في اسبانيا. هذه المحطات الأساسية التي كللت كلها بفشل يجب تدريسه في المعاهد الأمنية في العالم، تصعب مهمة أي جهاز دبلوماسي من أجل التعامل مع تبعاتها الكارثية على البلد والنظام.

ومن المثير فعلا للعجب، أن النظام الجزائري، وكما ظهر في بلاغ الخارجية -أيا كان من صاغه!!-، صب جام غضبه، وتهجم بلغة عصبية على عملية توقيف شخص يعمل في قنصليته، مدعيا عدم مراعاة “حصانته الدبلوماسية”، بينما برر عمليا محاولة اغتيال معارض جزائري “مسالم” على أرض الدولة الفرنسية دون أن يقيم وزنا لسيادتها، وليس مجرد حصانة من يقيمون على أرضها!! ومثل هذه المفارقات العجيبة، لا يمكن أن تراها إلا في بلاد الجنرالات، الذين يقومون بتجنيد المرتزقة لاغتيال مواطنيهم على أراض أجنبية، ولا يتوقعون أن تقوم أجهزة الأمن والقضاء في البلدان المعنية بمحاولة القبض على الجناة ومحاكمتهم!!

أما مسألة حصانة الموظف في القنصلية فهي النقطة الأولى التي سيثيرها محامي المتهم، وسيسمع رد من أمر بالاعتقال، والذي يقول منذ الآن أن الموظف المعني لا يحمل لا صفة دبلوماسية ولا جواز سفر دبلوماسي، بينما يرتبط بتعاقد “خدماتي” مع القنصلية الجزائرية.

وأيا كان رأي القاضي، فالأمر يعالج في النطاق القانوني، ولن تفيد بلاغات النظام “العنترية” في أي شيء، فهي لن تمنع التحقيق معه، ولن تؤثر على إجراءات النيابة العامة، ولا مراحل التقاضي، ولا حكم القضاة النهائي.

ويبدو واضحا أن جنرالات النظام الجزائري مرعوبون حرفيا من إثبات علاقة موظف قنصليتهم بعملية الاغتيال، لما سيكون لها من تبعات صعبة على جهاز المخابرات، الذي سيطلب منه التضحية بأكثر من كبش فداء ضخم؛ وعلى النظام نفسه أمام مناوئيه، حيث أن هذه القضية تؤكد الاتهامات الموجهة لجنرالات النظام في أماكن أخرى، وأولها قضية هشام عبود؛ والأهم من كل ما سبق، أنها ستغلّ أيدي كل من سيترأس جهاز المخابرات بعدها، بخصوص العمل “المافيوي” الذي اعتادوا القيام به تجاه معارضي النظام، وهو ما سيشكل للمعارضين شبكة حماية إضافية تدفعهم لتصعيد هجومهم على الجنرالات!!

كارثة أخرى تتجاوز جميع ما سبق، من المؤكد أنها ستترتب على الملاحقات القضائية المنتظرة في فرنسا في حال ثبوت تورط موظفي القنصليات الجزائرية -العاملين بالضرورة في جهاز المخابرات-، وهي تثبيت تهمة “الدولة الراعية للإرهاب” على الجزائر، والتي أخذت مالي على عاتقها إثارتها في المحافل الدولية، سياسيا وقانونيا. هذا الأمر سيعجل بكتابة شهادة وفاة النظام الجزائري بمدنييه وعسكرييه!!

وتأكيدا للفشل الملاصق للخارجية الجزائرية، وانسجاما مع وتيرة النرفزة التي يعيشها النظام، قامت السلطات الجزائرية صباح الإثنين بطرد 12 موظفا في السفارة الفرنسية تقول أنهم مرتبطون بوزارة الداخلية الفرنسية، وأمهلتهم 48 ساعة للمغادرة، وهو ما ردت عليه الخارجية الفرنسية بعد دقائق بأنها ستقوم بإجراء مماثل، الأمر الذي ينسف ما حاول النظام الجزائري وإعلامه الترويج له حول استئناف “شهر العسل” بين البلدين، نظرا للعلاقة الحميمة التي تجمع رئيسيهما!!

ختاما، فإن فشل مؤسسة الرئاسة والمخابرات والخارجية، لا يخفي الفشل الأكبر الذي تعاني منه رئاسة الأركان التي يتدخل رئيسها، الحاكم بأمره في الجزائر، الجنرال شنقريحة، على جميع الأصعدة، سواء تعلق الأمر بتدخلاته السياسية (التوتر مع المغرب والتدخل في أزمة الكونغو الديمقراطية بعد التسبب في أزمة مالي) أو إدارته للشأن العسكري (إدخال ميليشيا فاغنر والأسلحة الأوكرانية إلى مالي، وعجزه عن تحديث ترسانة البلاد المتهالكة، الخ). يضاف إلى كل ما سبق، فشل مختلف وزارات وأجهزة الدولة في توفير أبسط الخدمات والمواد الغذائية للمواطنين، تعفيهم من الوقوف لساعات في طوابير المهانة!!

هذه المنظومة الكاملة من الفشل، والتي تجاوزت خط الرجعة، وتفوقت كوارثها على قدرة أي جهة داخلية في النظام على إصلاحها، ترشح العلاقة لمزيد من الأزمات مع فرنسا، مما سيجعل من كلفة “توظيف” الجنرالات أعلى بكثير من العائد من وجودهم، وهو ما سيرجح كفة المطالبين في أروقة الحكم الفرنسي بقطع الحبل الرابط بين فرنسا ووكلائها في النظام الجزائري، والسماح بموت النظام وغرقه أيا كانت الطريقة!!

اقرأ أيضا

تأخروا في علاجها فقطعوا ساقها!.. شابة تستفيق على كابوس لم تتخيله

دخلت شابة بريطانية إلى قسم الطوارئ وهي تبكي من الألم، لتستيقظ بعد ساعات من الجراحة …

القرض الفلاحي يوحّد جهود الفاعلين في مجال الزراعة الذكية حول الذكاء الاصطناعي

في إطار مشاركتها في فعاليات الدورة الحالية من المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، نظّمت مجموعة القرض …

احذر.. دُمى الأطفال بؤرة للجراثيم تفوق المراحيض

كشفت دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من شركة MattressNextDay أن الدمى القماشية المحببة للأطفال، مثل …