أجهض جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، اليوم الاثنين، مناورات النظام الجزائري، وذلك من خلال التأكيد على “القيمة الكبيرة” التي يوليها الاتحاد الأوروبي للشراكة الاستراتيجية مع المغرب.
تصريحات بوريل؛ والتي جاءت في ندوة صحفية قدم خلالها خلاصات مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، المنعقد بلوكسمبورغ، تأتي بعد إقدام الخارجية الجزائرية على استدعاء سفراء الدول الأوروبية التي أصدرت بيانات داعمة للشراكة مع المغرب بعد الحكم الأخير لمحكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقيتي الزراعة والصيد البحري مع الرباط، من أجل تقديم شروح وتفسيرات حول هذه البيانات.
ويأتي هذا الموقف الداعم الذي عبّر عنه بوريل، اليوم الاثنين، كرد حازم من الاتحاد على النظام الجزائري الذي أحس بالعزلة وهو يرى دعما أوروبيا منقطع النظير مع المغرب، الشريك التاريخي للاتحاد الأوروبي.
وإذا كانت الجزائر قد شعرت بـ”الإهانة” من دعم 12 دولة أوروبية للمغرب من خلال بيانات توضح صدق العلاقات التاريخية بين الطرفين، فيجب على نظام “العسكر” أن يشعر هذا المساء بالخوف من رد أوروبي موحد وحازم يعكس قوة ارتباط الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بالشراكة مع المغرب.
ومن خلال هذه التصريحات الصادرة عن كافة الدول الأعضاء، يوجه الاتحاد الأوروبي رسالة سياسية واضحة المعالم مفادها أن محاولات الضغط التي تمارسها الدبلوماسية الجزائرية على الدول الأعضاء في الاتحاد “غير مقبولة”، على اعتبار أن الموقف الأوروبي وشراكته الاستراتيجية مع المغرب يعد شأنا داخليا للاتحاد الأوروبي.
وبهذا الموقف الجماعي، يسجل التاريخ توافقا حقيقيا بين مجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية والدول الأعضاء فيه، كما يؤكد مرة أخرى التورط المباشر للجزائر في ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، كونها الطرف الرئيسي في هذا الملف.
ويرى مراقبون أنه نادراً ما تسببت قرارات محكمة العدل في إحداث مثل هذا القدر من السخط داخل الاتحاد الأوروبي ذاته، وذلك بحكم “القيمة الكبيرة” التي يوليها الاتحاد الأوروبي للشراكة الاستراتيجية مع المغرب.
وحيال ذلك، قال بوريل، في ندوة صحفية قدم خلالها خلاصات مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، المنعقد بلوكسمبورغ، إن “الدول الأعضاء الـ 27 ترغب في تعزيز الشراكة التي تربط المغرب والاتحاد الأوروبي، وهي شراكة واسعة النطاق، طويلة الأمد، كثيفة وعميقة”.
وأضاف “لقد أقمنا علاقات ودية وتعاونا متعدد الأوجه مع المغرب، ونأمل أن نستمر في مواصلتها وتعزيزها خلال الأشهر القادمة”، مشيرا إلى أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أخذوا علما بالأحكام الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.
وفي هذا السياق، جدد رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي التأكيد على مضمون البيان المشترك الذي أصدره مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، والذي تم من خلاله تجديد التأكيد على التزام الاتحاد الأوروبي لفائدة الحفاظ أكثر على علاقاته الوثيقة مع المغرب وتعزيزها في كافة المجالات، انسجاما مع مبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”.
وخلص إلى القول: “بالتعاون الوثيق مع المغرب، يتطلع الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز هذه العلاقات والحفاظ على هذه الشراكة في كافة المجالات”.
ويؤكد البيان الذي ألقاه اليوم الممثل السامي للاتحاد الأوروبي، الاتجاه الإيجابي والطبيعة الاستراتيجية للبيان المشترك الذي أدلت به فون دير لاين، رئيسة المفوضية، والممثل السامي، في وقت سابق.
إذ يعد هذا الإعلان نيابة عن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الـ27 المجتمعين في لوكسمبورغ جزءًا من استمرارية الزخم الإيجابي والإجماع الذي ولّدته العديد من الدول الأعضاء الأوروبية بعد الحكم الأخير لمحكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقيتي الزراعة والصيد البحري مع الرباط.