الحظ خدمهم “مؤقتا”: تأجيل طرد البوليساريو من الاتحاد الأفريقي إلى العام المقبل!!

بقلم: هيثم شلبي

بعد شهور من الرعب، عاشها مرتزقة البوليساريو ورعاتهم في الجزائر وجنوب أفريقيا، من جراء التحرك الدبلوماسي الذي قاده المغرب من أجل تصحيح الوضع “الشاذ” داخل الاتحاد الأفريقي، ونزع صفة العضوية عن “جمهورية تندوف” الوهمية، والنجاحات الدبلوماسية المتلاحقة عام 2023، والتي اتخذت أشكال اعتراف مزيد من الدول الأفريقية بمغربية الصحراء، أو تحسين علاقاتها وتبادل الزيارات عالية المستوى مع الرباط؛ وبعد أن كان الكثيرون ينتظرون أن يطلب المغرب وحلفاؤه التصويت على تعديل ميثاق الاتحاد الأفريقي، وحذف المواد التي تتيح للعصابات المسلحة والجماعات الانفصالية (وما أكثر في أفريقيا) نيل عضوية الاتحاد، قبل الاعتراف بها من قبل الأمم المتحدة، ساهمت بعض الظروف القاهرة في تأجيل طرح هذا الموضوع إلى الاجتماع الموالي في فبراير 2025 (أو ربما قبلها في الاجتماع نصف السنوي!!)، وهي فرصة للمغرب من أجل رص الصفوف لتحقيق نتيجة تصويت كاسحة تتجاوز نسبة الثلثين المطلوبة (37 صوتا).

وقبل التعرف على هذه الظروف التي سببت ترحيل التصويت المنتظر إلى العام المقبل، من المفيد مطالعة وضعية المغرب والبوليساريو داخل القارة الأفريقية، لمعرفة موازين القوى والتأكد من كون المغرب يتوفر على فرصة لكسب رهان طرد البوليساريو من الاتحاد الافريقي.

بداية، فقد سبق ل 28 دولة أن تقدمت بطلب مكتوب إلى قمة الاتحاد الأفريقي عام 2016، من أجل تصحيح الوضعية الشاذة في الاتحاد، التي واكبت تأسيسه وفق موازين القوى ساعتها (في غياب المغرب). رصيد لم ينقص دولة واحدة منذ ذلك الوقت، بل إنه تغذى بإضافة بعض الدول التي حسمت موقفها من مغربية الصحراء، كمدغشقر ومالاوي واسواتيني وتشاد، وهي دول قامت بافتتاح قنصليات رسمية في الأقاليم الجنوبية، أو أعلنت عن نيتها في فعل ذلك. وإذا أضفنا النيجر ومالي اللتان تشهد علاقتهما بالمغرب طفرة، بعد أن تم الإعلان عن المبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، والأهم بعد أن تخلصت من التأثير الفرنسي ودور وكلائه الجزائريين الخطير على أمن هذه الدول! دون نسيان أن شريكهما الثالث في الاتحاد المزمع بينهم، بوركينافاسو، يمتلك قنصلية في حاضرة الصحراء المغربية، فإن هذا الأمر يضيف ستة أصوات إلى مؤيدي عريضة طرد البوليساريو. وباحتساب الصوت المغربي، يكون لدينا 35 صوتا من أصل 37 صوتا المطلوبة، فما هي احتمالات أن يستطيع المغرب توفير صوتين من أصل الأصوات العشرين المتبقية؟!

لا يخفى وجود دول تقوت علاقة المغرب الاقتصادية والسياسية معها بشكل كبير، مع وجود أخرى اختارت الوقوف على الحياد، مع اكتفائها بإعطاء إشارات إيجابية بين حين وآخر، تنبئ بقرب حسمها لخطوة سحب الاعتراف (وليس مجرد تجميده) والترحيب بمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، كحل أوحد يمتلك مصداقية وجدية التعامل مع النزاع المفتعل. وهنا، يمكن على الأقل ذكر 11 دولة على الأقل، تتناسب سخونة علاقتها بالمغرب عكسيا مع برودة علاقتها بالبوليساريو: أثيوبيا، نيجيريا، الكاميرون، رواندا، جنوب السودان، كينيا، تنزانيا، بوتسوانا، ليسوتو، أنغولا، وبدرجة أقل، ناميبيا. كما ينتظر أن يسهم الانضمام المنتظر للدولتين الأخيرتين (أنغولا وناميبيا) إلى “حلف جنوب الأطلسي” الذي أنشأه المغرب، في تسجيل نوع من الاعتراف “العملي” بسيادته على صحرائه! وهكذا، تبدو مهمة المغرب سهلة لكسب صوتين من بين هذه الأصوات الأحد عشر، مقابل نقلة نوعية في علاقاتها مع المغرب!

وماذا عن الأصوات المتبقية؟ هي ما بين الأصوات العربية التي تختار تقليديا الامتناع عن التصويت حتى لا تغضب الجزائر (موريتانيا ومصر وتونس)، وبين ما تبقى من معسكر “عقائدي” في عدائه للمغرب بزعامة الجزائر وجنوب أفريقيا، ومعهما أوغندا وموزمبيق وزمبابوي، علما بأنه لو استثنينا الجزائر وجنوب أفريقيا، فإن الدول الثلاث الأخرى، تتبادل مؤخرا الزيارات مع المغرب، وتبحث عن وسائل وصيغ لتغادر موقع العداء له، ونسج علاقات إيجابية مبنية على الحياد في موضوع الصحراء، وتوسيع التعاون الاقتصادي.

هذه الخريطة، توضح بما لا يدع مجالا للشك، أن خسارة الجزائر لمعركة طرد “جمهورية تندوف” من الاتحاد الأفريقي هي مسألة أشهر قليلة، وأنها تكاد تقف وحيدة في عنادها لحقائق السياسة اليوم، لعدم امتلاك جنرالاتها البدائل، أو قدرتهم على مخالفة الأوامر التي تعودوا تلقيها من سادتهم الفرنسيين!

أما الظرف الذي خدمهم هذا العام، وأدى إلى تأجيل المغرب للتصويت على طرد البوليساريو “موقتا”، فيتمثل ببساطة في تعليق عضوية ستة من حلفائه داخل الاتحاد الأفريقي، وبالتالي عدم مشاركتهم في الاجتماع والتصويت، ويتعلق الأمر بكل من السودان، غينيا، بوركينا فاسو، الغابون، النيجر ومالي، وهو غياب لن يكون سهلا تعويضه من ضمن الأصوات ال 11 المحايدة. لكنها، كما أسلفنا، ستكون فرصة لمزيد من تعميق التواجد المغربي في أفريقيا، وتوسيع خارطة حلفائه المعترفين بمغربية الصحراء، تصريحا لا تلميحا، وبمزيد من التفكيك في صفوف حلفاء الجزائر، على قلتهم. عموما، ففترة الشهور القليلة التي تفصلنا عن الاجتماع نصف السنوي أو الاجتماع السنوي ستمر سريعا، وسيجد جنرالات فرنسا أنفسهم أمام المصير المحتوم، خسارة المعركة الدبلوماسية، مع عدم وجود أمل أصلا في خوض أو ربح المرتزقة لأي معركة عسكرية، مما يعجل، ليس فقط في دفن هذا النزاع المفتعل، بل وفي كتابة شهادة الوفاة لنظام جنرالات فرنسا ورعاتهم!!

اقرأ أيضا

خبير لـ”مشاهد24″: قرار مجلس الأمن يضع الجزائر وصنيعتها “البوليساريو” في مواجهة الشرعية الدولية

أكد الدكتور عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية أن القرار 2756، الذي يمدد ولاية "المينورسو" إلى غاية 31 أكتوبر 2025، يضع الجزائر وصنيعتها "البوليساريو" في مواجهة الشرعية الدولية، ويحملها مزيدا من الضعوط الدولية على اعتبار ما تعملان عليه من الزيادة في أسباب تهديد الأمن والاستقرار الدوليين.

ماذا استفادت الجزائر من عضويتها في مجلس الأمن.. قضية الصحراء نموذجا؟!

بقلم: هيثم شلبي كما كان منتظرا، مدد مجلس الأمن ولاية بعثته “المينورسو” عاما كاملا حتى …

4625

حاول الكابرانات التكتم عليها.. تفاصيل جديدة عن مقتل سائحة سويسرية بالجزائر

كشفت وسائل إعلام فرنسية بشاعة جريمة القتل التي راحت ضحيتها سائحة سويسرية عندما كانت تقضي …