عارضت الكنيسة الاسبانية صراحة، دعوات استقلال اقليم،كاتالونيا (شرقي البلاد) الذي ستبت فيه مبدئيا نتيجة انتخابات السابع والعشرين من الشهر الجاري ،في حالة حصول مؤيدي الانفصال على الأغلبية في البرلمان المحلي الذي قد يعلن الاستقلال،امتثالا،كما يزعم الانفصاليون، لإرادة سكان الإقليم ؛ وهو السيناريو الذي يشكك حقوقيون ومختصون في القانون الدستوري سلامته،اذ يعتقدون ان الفصل في امرخطير مثل الذي يعتزم الانفصاليون القيام به ؛لا يمكن ان يتم الا وفق آلية الاسفتاء الشعبي العام، الذي ترفض الحكومة الاسبانية إجراءه في الإقليم ، بناء على الدستورالحالي، مسنودة في رفضها بحكم المحكمة الدستورية العليا التي قضت بمنع تلك الخطوة.
ومع اقتراب يوم الاقتراع، تتسع رقعة الهجوم على ،ارتور ماص، رئيس الحكومة المحلية ومتزعم تحالف الانفصال، لكنه ،وهو المستهدف شخصيا،لا يزداد الا إمعانا في موقفه ، مدفوعا بالتنظيمات المتطرفة من احزاب اليسارالجمهوري والفوضويين الذين لا يَرَوْن بديلا عن الاستقلال والمعروفون بمعارضتهم القوية للعيش في ظل الملكي في اسبانيا.
وفي تطور، لم يكن متوقعا، دخلت الكنيسة الاسبانية على خط الصراع بين الوحدويين والاستقلاليين، فوقفت كما هو بديهي الى جانب الصف الأول.
وجاء موقف رجال الدين، من خلال ما قاله صباح اليوم الثلاثاء، كاردينال وأسقف مدينة “بلنسية”انطونيو كانييثاريس “ومساعده ،إذ دعيا المؤمنين واتباع الكنيسة الى الصلاة وترديد الدعوات من اجل وحدة الممملكة الاسبانية، وذلك خلال تجمع ديني سيعقد يوم الجمعة المقبل ، قبيل موعد الاقتراع .
وأشار بيان أسقفية بلنسية الى ان انفصال كاتالونيا ، غير مبرر اخلاقيا.
وأوضح الموقعان عليه أنهما لا يخوضان في أمور السياسة، فالذي أجبرهما على التعبير عن رأي الكنيسة هو شعورهما ان البلاد مقبلة على اجتياز ظرف بالغ الخطورة.
للمزيد:اسبانيا تأمل رفض واشنطن انفصال كاتالونيا
جدير بالذكر أن اسبانيا تتبع نظاما علمانيا يقوم على الفصل الصارم بين الدين والسياسة ،رغم حضور المؤسسة الدينية الكاثوليكية وتأثيرها المعنوي لدى فئات واسعة من الشعب الإسباني.
ونأت الكنيسة بنفسها، عن الجدل السياسي الذي عرفته اسبانيا خلال العقود الماضية بعد عودة الديموقراطية، ولم تعد تدلي بموقفها الا في القضايا الأخلاقية مثل الطلاق والإجهاض والزواج المثلي؛ تفعل ذلك من باب النصيحة والموعظة بينما يعود القرار في خاتمة الامر الى الشعب من خلال السلطة التشريعية .
انفصال “كاتالونيا”وإحياء عهد ملوك الطوائف بإسبانيا
ووجه لوم شديد في الماضي الى الكنيسة، كونها ساندت أو سكتت عن الفضائع التي ارتكبها النظام الفاشيستي الذي فرضه الجنرال فرانكو في أعقاب انتصار تمرده عام 2939 وادعائه انه قاد ثورة من اجل الملكية والكنيسة والنظام ،بغاية تخليص البلاد مما اسماه خطر الشيوعية والإلحاد، وكلها شعارات وجدت هوى في نفوس المحافظين، مستغلة نزعة التدين عند الإسبان وخاصة في فترة الثلاثينيات من القرن الماضي .
وعلى صعيد آخر وجديد، قال رئيس الاتحاد الاوروبي ،جان كلود جانكير، ان جمهورية ،كاتالونيا، المستقلة لن تصبح عضوا جديدا في الاتحاد الاوروبي ، موضحا في رسالة جوابية مكتوبة الى نائب من الحزب الشعبي الإسباني ان الاتحاد لا يمكن ان يعترف بأقاليم منتزعة قسرا، من الدول الوطنية المعترف بها في الكيان الاوروبي والتي تحدد وضعيتها الدساتير المطبقة فيها.
الى ذلك ،لم يستطع ملك اسبانيا التدخل علانية حتى اللحظة ،في النزاع الدائر بين الحكومة ومؤيديها من الأحزاب والرأي العام في اغلب الأقاليم الاسبانية، معارضين الراغبين في استقلال اقليم ،كاتالونيا،الذي زاره الملك في وقت سابق من العام الجاري ، دون ان يجرؤ على التفوه بعبارات معارضة لمطلب فئات من سكان الإقليم ؛ علما ان ملك اسبانيا الحالي ،مثل اسلافه،من سلالة “آلِ بوربون”لا يمكن ان يكون الا مع وحدة البلاد في ظل التاج المتوارث .