في الثمانينيات كنا نتهكم على الوزراء في حكومات الشاذلي، فنصفهم وننعتهم بأنهم: “المستفيدون من تعاونية الحكومة بطرق غير شرعيةǃ”، لأن الجو العام الذي كان يحكم الاقتصاد هو “الاستفادة”.. استفادة من أراضي التسيير الذاتي.. واستفادة من أراضي الثورة الزراعية.. واستفادة من تعاونيات “الكابسياس”.. والاستفادة من الوزارة والسفارة.. والاستفادة حتى من سيارات “السوناكوم”.
اليوم لم تعد العضوية في الحكومة استفادة غير شرعية كما كان في الثمانينيات، بل أصبحت العضوية في الحكومة تشبه العضوية في “جمعية أشرار”ǃ حتى العدالة في الجزائر تفضّلت علينا مشكورة بمصطلح “جمعية أشرار”، فأصبح الوزير الذي يطرد من الحكومة ويلف بملف فساد، توجه له تهمة تكوين جمعية أشرارǃ بل حتى جنرال (D.R.S) عندما أبعد عن منصبه، وجهت له تهمة تكوين جمعية أشرار (الجنرال حسان)!
السلطة في الجزائر أصبحت غير قادرة حتى على توجيه التهم المناسبة لمن تطرحهم من صفوفهاǃ
في الماضي عندما كنا ثورة، كان الثوار يوجّهون تهمة الخيانة لمن يخالفهم الرأي، ويصل بهم الحال حتى إلى إعدامه باسم الخيانة، ويعلنونه شهيدا (حالة عبان).. وحالة شعباني.. وحالة لعموري.. ومن معه.. لكن اليوم لم تعد السلطة قادرة على إصدار تهمة تليق بمستوى المتهمǃ
فينعت شكيب خليل بأنه كوّن جمعية أشرارǃ وهو الذي كان وزير الوزراء في الجزائر وبيده كل اقتصاد البلاد.. أو توجه تهمة تكوين جماعة أشرار لشخص مثل الخليفة الذي كان يحمل كل رجال الأعمال الجزائريين في طائرته الخاصة، ومعهم رئيس الجمهورية، وينقلهم على حسابه إلى لاصفيڤاص بأمريكا؟ǃ مثل هذا الشخص ألا يستحق أن توجّه له تهمة تليق بمستواه، مثل تهمة خيانة مثلا أو تهمة المساس بالمصالح العليا للوطن؟ǃ
لماذا توجه إلى هؤلاء تهم بليدة بالية مثل تهمة تكوين جمعية أشرار، التي توجّه عادة إلى مجموعات توزيع “الزطلة” واستعمال السلاح في الاعتداء على الناس.. هل الأمر يتعلق بتخلف في مفاهيم القانون عندنا.. أم يعود إلى كسل قضاة النيابة وقضاة التحقيق؟ǃ أم أن وزراء حكومات الجزائر في المدة الأخيرة حالهم فعلا حال مجموعات أشرار، بالنظر إلى الأضرار التي يلحقونها بالبلد.. وأن مستوى هؤلاء لا يختلف عن مستوى جماعات الأشرار التي توزع الزطلة وتغتصب أموال المواطنين (بالخدمي)ǃ
لست أدري كيف تكون الحالة النفسية لوزير في الحكومة يحترم نفسه وهو يشاهد ويسمع العدالة توجه لزميل له سابقا تهمة تكوين جماعة أشرار؟
*صحفي جزائري/”الخبر”