حتى وإن كان الشقيقان “كواشي” وقبلهما “مراح” من أصول جزائرية، لا ينبغي هكذا محاولة إلصاق صفة الإرهاب في الجزائريين بطريقة غير مقبولة وساقطة ومثيرة للاستفزاز والاشمئزاز.
عجوز طاعنة في السنّ معلقة على الجريمة التي استهدفت “شارلي إيبدو” وإعلان تورط “جزائريين” في الاعتداء قالت: بن زيمة وداتي وزيدان، وغيرهم كثير أيضا “جزائريون”!
فعلا، هو قول مأثور، بل كلام سياسي كبير، وقد قالها بن زيمة ذات يوم بالفم المليان: عندما أسجّل أهدافا فإنني “فرنسي”، وعندما أخسر ولا أسجّل فأنا جزائري.. فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم!
قد يكون الإخوة “كواشي” من أصول جزائرية، وقد يكونان هما بالفعل “منفـّذا” الهجوم على الجريدة الفرنسية الساخرة، لكن هل يُعقل سعي متطرفين إلى إقحام كلّ ما هو جزائري في هكذا أعمال إجرامية!
لا طائلة من محاولة إعطاء دروس للجزائريين، فقد كانوا السبّاقين إلى الاكتواء بنار الإرهاب الأعمى والوحشي، وكانوا السبّاقين أيضا لمقاومة فلوله ومحاربتهم، وكانت الجزائر وحيدة في هذه المأساة، حيّث فرّ الصديق قبل العدوّ، متجاهلين “معركتها” وقاصدين غرقها والعياذ بالله!
لا يجب تعميم ظاهرة عالمية وتدويلها بما يُسيء للمواطن الجزائري ويُهينه وينقل الرعب إليه في مختلف بقاع العالم، نتيجة هذا التحريض على ما تسميه أطراف فرنسية بـ”الأصول الجزائرية”، ففي ذلك تأليب للرأي العام وتأليب لعائلات الضحايا على مطاردة ومعاقبة “المتهمين”!
حتى وإن فعلها “كواشي”، فإن الجزائريين أبرياء من مثل هذه الجرائم المشينة، مثلما الإسلام والمسلمون براء من أعمال يُدينها الصغير قبل الكبير، خاصة أولئك الذين ذاقوا مرارة الإرهاب وهمجيته!
نعم، لا دين ولا لون ولا طعم ولا ملة ولا هوية للإرهاب، فلا داعي إذن للنفخ في الرماد ونبش الجراح، وتشويه صورة جزائريين ذاقوا العلقم قبل غيرهم ودفعوا فاتورة التصدّي والتحدّي بآلاف الضحايا، وبالتالي لا داعي لاستعراض العضلات عليهم من طرف “مبتدئين” في مواجهة الأزمات الأمنية!
تسويق خطاب الترهيب والترويع، بفرنسا، أو غيرها من الدول الغربية، هو الذي نقل وينقل الهلع للجزائريين والعرب والمسلمين، وهذه الفلسفة لا يُمكنها سوى أن تصنع العنف والعنف المضاد وتقتل التعايش وتضرب السلم والأمن في الصميم برصاصات طائشة أو من طرف قناصين يتلذذون بإطلاق النار!
*كاتب صحفي/”الشروق” الجزائرية