تونس والجزائر.. “الناس تكسب وهو يحسب”

يقول أحد الحكماء “هناك من إذا أمطرت السماء حرية، رفع لها مظلته”.. تستوقفنا هذه المقولة الرائعة عندما نقرأ تحليلات وأفكار بعض الجزائريين، بعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية التونسية، التي لا يمكن أن نقول عنها إلا ما خلص إليه الصحفي والمحلل نجيب بلحيمر “مازال ليل الجزائر طويلا”.
إذ قد نتقبل ذلك من الإنسان العادي والمواطن البسيط، ذلك الذي يجلس بالمقهى، ينتظر تحليلات السياسيين وآراء المثقفين واستشراف المفكرين، لكن أن يتحول هؤلاء كلّهم على شاكلة المواطن البسيط، فإننا سندق ناقوس الخطر، لأنه فعلا مازال ليل الجزائر طويل، وعلينا أن نفكر في إعادة تلقين الكثيرين مفاهيم عديدة سقطت من القاموس السياسي والثقافي والفكري والديني وو..
فلا الحرية هي الحرية التي نعرفها، ولا الكرامة هي نفسها، ولا التقدم والنمو كما فهمناه، ولا الدولة كما عرّفناها، ولا الديمقراطية كما درسنا.. وإلا كيف نفسر كل هذا الانحراف في فهم ما يدور حولنا. فبينما الأمم تتقدم وتحاول أن تغير وتسير إلى الأمام بخطى ثابتة أو متعرجة أو بقفزات لا يهم، نبقى نحن مشلولين متسمرين ومتقوقعين متحملقين حول إخفاقاتنا السابقة، يقتلنا الخوف والضجر من الغد، وننتظر إما البلاء والنهاية أو الحل السحري والمعجزة.
ننتظر رحمة العسكري بنا أو حنكة السياسي.. ننتظر أن يصحو ضمير هؤلاء أو يعود الوعي إلى أولئك.. بينما الأمم تسجل منعرجاتها التاريخية نحو التغيير، ينطبق على نخبنا وسياسيينا فيما يتعلق برؤيتهم لما يحدث في تونس المثل القائل “الناس تكسب وهو يحسب”. فبينما يحتفل هذا الشعب الشقيق الرائع بهذا الإنجاز التاريخي، انتخابات تعددية مرت بسلام وبمشاركة اتسمت بروح الوطنية، وتفهم رهانات الوضع الحالي الداخلي لتونس، والوضع الإقليمي المحيط بها، والوضع الدولي بشكل عام، قلت بينما نشاهد كل هذا في تونس، يتوقف المحلل الجزائري عند تفصيل إن حزب “النهضة” تقهقر والعلماني “نداء تونس” فاز، وذاك سيواجه ذاك، وحسابات الانتخابات الرئاسية، ومن سيكسب الرهان.. نعم، هذه التفاصيل التافهة كتفاهة وضعنا مقارنة بما تشهده تونس “اللهم لا حسد”، هو ما أدى بنا إلى حسابات خاطئة منذ البداية ومن كل الأطراف ودون استثناء، وهو ما أوصلنا إلى عشرية سوداء وأخرى بكل ألوان الطيف الداكنة.
يا سادتي، أنتم الذين مازلتم تنظرون لمستقبل الأمم والشعوب من منظور الزمر والأحزاب، ولم تخرجوا بعد إلى مفهوم أعم للأمة والدولة.. أنتم الذين يقهركم حكم الحزب الواحد أو الزمرة الواحدة، ذات المنظار الواحد، والفساد الواحد، والشرعية الواحدة، حتى أصبحتم مثلهم تفكرون بطريقة واحدة، كيف أصل إلى الكرسي، لا كيف أحكم وأسير الدولة.
أنتم الذين مازلتم تنظرون للديمقراطية بمفهوم التعددية الحزبية فقط، وليس الديمقراطية بتعدد الأفكار والتيارات والخيارات والبرامج ومدى تقبلها.. أنتم الذين مازلتم تقيسون الانتخابات بمسطرة الكوطة والربح والخسارة، بينما غيرنا يزنها بميزان الربح في كل الحالات، ربح الدولة والشعب، ربح الرهان، وبمفهوم أقرب إلى المستقبل عن الحاضر الذي تتموقعون فيه.
أنتم الذين ساعدتم بعقدكم وأفكاركم وكثيرا بصمتكم، بأن تتحول الدولة إلى ملكية خاصة لبعض الزمر تعبث بها كما تشاء.. توقفوا من فضلكم عن تحليل ما يحدث حولكم، وانظروا إلى ما آل إليه الوضع عندنا، لأن الشعب التونسي كسب رهان التغيير والتحول بكل تحضر، بينما ابقوا أنتم تحسبون لهم الأصوات والمقاعد إلى أن يسقط السقف على رؤوسكم..

* كاتبة جزائرية /”الخبر” الجزائرية

اقرأ أيضا

222

تونس.. “أمنستي” تدين اعتقال الناشطة السياسية شيماء عيسى

أدانت منظمة العفو الدولية "أمنستي" جريمة اختطاف الناشطة التونسية المعارضة شيماء عيسى خلال مشاركتها في مسيرة سلمية، معتبرةً هذا العمل استمرارًا لترهيب المدافعين والمدافعات عن الحقوق الإنسانية

تونس

تونس.. محكمة الاستئناف تصدر أحكاما ثقيلة ضد الموقوفين في “قضية التآمر”

أصدرت محكمة الاستئناف في تونس، صباح اليوم الجمعة، أحكاما بالسجن تتراوح بين 10 أعوام و45 عاما ضد الملاحقين فيما يعرف بـ"قضية التآمر على أمن الدولة"،

بن علي

تونس.. فرنسا تطلب معطيات إضافية في ملف تسليم نجلة بن علي

طلبت باريس من تونس معطيات إضافية بشأن احتمال تسليم حليمة، الابنة الصغرى للرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، إلى بلدها، وذلك قبل جلسة مقبلة في العاشر من دجنبر المقبل.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *