تلقى النظام العسكري الجزائري صفعة جديدة من مالي سيكون لها ما بعدها؛ والتي فضحت من جديد خبث السياسية الخارجية للجزائر الساعية دائما إلى افتعال الأزمات وخلق التوترات بالمنطقة.
وحيال ذلك، أصدرت الخارجية المالية، الأربعاء، بلاغا شديد اللهجة، تستغرب فيه من تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، وتندد بالتدخل الجزائري في الشؤون الداخلية لمالي.
وكان عطاف قد رفض في تصريحاته تصنيف حركة “الأزواد” بشمال مالي بـ”الإرهابية”، ودعا فيها أيضا إلى التفاوض من جديد بين باماكو وبين هذه الحركة بوساطة جزائرية.
ونددت مالي بـ”استمرار تدخل” الجزائر المجاورة في شطرها الشمالي، متهمة إياها بدعم “مجموعات إرهابية” في هذه المنطقة.
وأضافت الوزارة أنها سبق أن دانت “قرب الجزائر وتواطؤها مع المجموعات الإرهابية التي تزعزع استقرار مالي”.
ودعت الخارجية المالية السلطات الجزائرية إلى الانكباب على حل أزماتها الداخلية بدل التدخل في الشؤون السيادية للدول.
والتدخل الجزائري في الشؤون الداخلية لمالي ودعمها للحركات الإرهابية ليس جديدا، ففي 21 دجنبر 2023، استدعت وزارة الخارجية المالية سفير الجزائر احتجاجا على “أفعال غير ودية” من جانب بلاده.
وفي تعليقه على هذا التوتر، قال الدكتور عبد الرحمان مكاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “ديجون” الفرنسية، الخبير في الشؤون الاستراتيجية، إن الجزائر تحولت إلى دولة مارقة؛ تحاول أن تفرض نوعا من الهيمنة والوصاية على مالي وباقي دول الساحل الغنية بالذهب والبترول والغاز والمعادن النادرة، إلى جانب الأراضي الخصبة والمياه الجوفية العذبة.
وأضاف مكاوي في تصريح لـ”مشاهد24″، أن الجزائر تسعى إلى استغلال مناجم الذهب في مالي وإخضاع هذا البلد لنوع من الوصاية، من خلال محاولة زعزعة استقراره. مبرزاً أن مالي تتوفر على حجج ومعطيات دامغة حول تدخل الجزائر وتوظيف جماعات إرهابية لضرب استقرارها.
ويعتقد الخبير في الشؤون الدولية أن الجزائر من مصلحتها أن تظل المنطقة غير مستقرة وغير آمنة، ولهذا تحاول التدخل في شؤون مالي ودعم الجماعات الإرهابية لضرب استقرارها. لافتاً أن ما أثار حفيظة مالي هو أن الجزائر تتباحث مع روسيا حول الملف المالي دون التنسيق مع الدولة المالية وكأنها دولة غير موجودة في خريطة المنطقة.
وقال مكاوي إن مالي، والتي انسحبت مما عُرف بـ”اتفاق الجزائر للسلم في مالي” الموقع سنة 2015، هي الآن في غضب شديد؛ محملة الجزائر مسؤولية تغذية الإرهاب بالمنطقة بأموال النفط والغاز.
وزاد موضحاً “الخرجة الإعلامية غير الموفقة لوزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف أثارت حنق مالي”، لافتاً أن هذه الخرجة بمثابة تدخل سافر في شؤون مالي كدولة مستقلة مما جعل رد فعلها يكون قوياً.
وسجل المتحدث أن الجزائر دائما ما تنسى فضل الدول التي ساهمت في الوصول إلى استقلالها، ومن بينها مالي، مبرزاً أن هذه الأخيرة وفي سنة 1960 في عهد الرئيس مودي بوكيتا فتحت أراضيها لثوار جبهة التحرير الوطني، لكنها اليوم تعض اليد التي ساعدتها.