يشعر، حسين بن عبد الرحمان، وهو إمام إصلاحي ، يدير مركزا للبحث ويعطي دروسا وعظية في مساجد “ببروكسيل” ومدن بلجيكية أخرى، بالهزيمة أمام السلفيين، كونهم كسبوا المعركة ما يجعله يطالب في استجواب أجرته معه جريدة “الباييس” الإسبانية (طبعة الاثنين) بإصلاح المنظومة الدينية وتفنيد الخطاب الجهادي المتطرف، استنادا إلى حجج من المنظومة الدينية ذاتها.
ويسجل، بن عبد الرحمن، جوابا على أسئلة مندوب الجريدة الإسبانية، أنه يشاهد يوميا متطرفين لا يؤمنون إلا بوجه واحد للإسلام؛ مرجعا أسباب انتشار الظاهرة إلى عقد الثمانينيات من القرن الماضي، حين ساد في أوروبا الاتجاه السلفي وفكر جماعة الإخوان المسلمين المصرية. ففي تلك الفترة وذلك السياق، بدأت في الانتشار فتاوي تحرم مصافحة الرجل للمرأة وتهنئة جار مسيحي بمناسبة أعياد الميلاد.
ويضيف الإمام المتنور، أن الشباب المسلم في أوروبا تربى على ذلك الخطاب، معتقدا أنه الإسلام الحق. تلك هي بداية التطرف وما الحركة الجهادية الحالية إلا امتداد لها، فهي تستند إلى نفس المبادئ التكفيرية.
ويعتقد الإمام، أن مرحلة الاستقطاب تبدأ مع الأسرة ثم بين الأصدقاء وأيضا عبر الانترنيت. وفي جميع الأحوال فإن غالبية الشبان لا يفقهون شيئا في الدين.
وبخصوص كيفية التصدي للظاهرة، ينادي بن عبد الرحمن، ببذل جهد في العمق لبيان بطلان الأفكار الجهادية الاستشهادية، ذاكرا في هذا الصدد واقعة طريفة، إذ يكشف أن عائلة أحد الإرهابيين الذين شاركوا في الهجوم الدموي على باريس، واسمه “بلال حدفي” زارته (العائلة) وسألته إن كان ابنها شهيدا فأجابهم الإمام، حسبما نقلت عنه الجريدة، أن الابن إرهابي ومجرم، وكفى.
وعن سؤال إن كان الأئمة المسلمون في وضع يسمح لهم بإنجاز مهمتهم الدعوية؛ يكشف المتحدث أغلبهم لا يعرفون الواقع المجتمعي، فهم ليسوا أوروبيين أولا، ولأنهم يستوردون فتاويهم من الخارج، معترفا بأن المعتدلين الإصلاحيين خسروا المعركة على اعتبار أن الخطاب السلفي نجح في التشكيك في شرعية أئمة المساجد.
ولهذا السبب فإنه يدعو إلى العمل من أجل إعادة الثقة في الشباب بشرط أن يتوفر الأئمة على مستوى تكوين عال.
ويعتقد الإمام الجزائري الأصل، انه لا مفر من إصلاح للإسلام، يمس التشريعات، بممارسة تأويل جديد للنصوص حتى يتطور المسلمون على غرار باقي مكونات الإنسانية، ملاحظا أن الدين الحنيف توجد به أصوات تقدمية لكنها متفرقة على حد قوله.
ويرى بن عبد الرحمن، أن الأباء فقدوا سيطرتهم على الأبناء في المجتمعات الأوروبية، فبمجرد بلوغ هؤلاء الثانية أو الثالثة عشر، من العمر فإنهم يفعلون ما يريدون؛ لأنهم نشئوا في تلك المجتمعات، يتكلمون لغتها ويعرفون مؤسساتها.
وفي الأخير يسأل الصحافي إن كانت الجالية المقيمة في حي “مولانبيك” بالعاصمة البلجيكية، لم تتستر على صلاح عبد السلام الذي أمضى مختفيا عدة أشهر قبل اعتقاله؟
يقدم بن عبد الرحمن، في هذا الصدد إجابة جريئة تتمثل في دعوته إلى إقناع المسلمين بأن “التعاون” مع السلطات الأمنية أحيانا، فيه مصلحة لهم.
إقرأ أيضا: هل عبر صلاح عبد السلام إلى بروكسل مرتديا حزاما ناسفا؟