تناسلت المقالات والتحليلات بعد قرار بوتين الانسحاب من سوريا، في وقت كان فيه الجميع يعتقد أن موسكو أصبحت تدير خيوط ملف الأزمة السورية التي جاء التدخل فيها ليعمق من هوة الخلاف بين روسيا والغرب.
قرار الرئيس بسحب قواته من سوريا رأى فيه المسؤول السابق بالمخابرات الفرنسية، آلان روديي، مناورة من قبل بوتين خصوصا وأنه بالرجوع إلى ما قالته الرئاسة الروسية يتضح أن الأمر لا يتعلق بانسحاب كلي للقوات الجوية، ولكن بانسحاب يسمح لروسيا بالاحتفاظ بقوات على الأرض، وهو ما من شأنه أن لا يؤثر كثيرا على الحضور الروسي في سوريا.
ويعتقد المسؤول المخابراتي الفرنسي السابق أن تحرك بوتين المقصود الأول منه هو الرئيس السوري بشار الأسد من أجل دفعه لأن يكون أكثر مرونة هو ومحيطه في المفاوضات التي انطلقت.
قرار بوتين الانسحاب من سوريا يبدو إذن كمحاولة من الكرملن للضغط على حليفها الأسد، وهو ما يعضد الشائعات التي تروج حول وجود فتور في العلاقات بين الرئيس الروسي ونظيره السوري.
إقرأ أيضا: هل تضع الحرب بين السعودية والحوثيين أوزارها؟
بيد أن القرار لا يشمل فقط النظام السوري ورئيسه، يؤكد ألان روديي، مضيفا أن فلاديمير بوتين يريد توجيه رسالة إلى الغرب مفادها أنه مستعد للتفاوض وأنه لا يرتبط بزواج كاثوليكي مع بشار الأسد، دون أن يعني ذلك أن مصير النظام السوري لا يعني روسيا أو حتى الولايات المتحدة التي ليس في مصلحتها هي الأخرى سقوط نظام الأسد وحلول الجماعات المسلحة مكانه.
الإعلان عن قرار بوتين الانسحاب من روسيا لا يساهم كثيرا في تبدد ضبابية المشهد في سوريا خصوصا في ما يتعلق بالمستقبل، وإن كان المستقبل سيتحدد في جزء منه على ضوء ما ستفرزه المفوضات الدائرة حاليا على أمل أن لا يكون مآلها مشابها للمفاوضات السابقة.
ويرى ألان روديي أن فلاديمير لعب أحد أهم الأوراق التي يملكها للضغط على بشار الأسد، أما الآن فالكرة في ملعب هذا الأخير، حيث ينتظر معرفة ما إذا كان سينضبط للتوجيهات الروسية أم لا.
توقيت قرار الانسحاب الروسي من سوريا طرح بدوره العديد من التساؤلات حيث أكد المسؤول المخابرات الفرنسي أن تدخل موسكو عسكريا أنقذ النظام السوري، وبالتالي فإن قرار الانسحاب لا يضع حدا فقط لانتصار عسكري كان يلوح في الأفق بل قد ينظر له كهزيمة سياسية بالنسبة للروس.