لا يوجد الحليفان الأمريكي والتركي على وفاق تام بخصوص الأزمة في سوريا، ومن بين أكثر القضايا الخلافية بينهما نجد مسألة الأكراد.
ففي الوقت الذي تتبنى فيه واشنطن موقفا متصلبا من “حزب العمال الكردستاني” الذي تضعه على قائمة الإرهاب، وهو ما يتوافق مع السياسة التركية القائمة على محاربة الحزب، تنهج الولايات المتحدة سياسة مغايرة تجاه “وحدات حماية الشعب الكردية” بسوريا.
وكما هو معلوم، فإن علاقات أنقرة مع الأكراد السوريين متوترة وهو ما تعكسه العمليات العسكرية التركية ضدهم في الآونة الأخيرة، وهو الأمر الذي لا تنظر له واشنطن بعين الرضا.
فالولايات المتحدة ترى في هؤلاء حليفا مهما في الحرب ضد تنظيم “داعش”، بالرغم من كون “وحدات حماية الشعب الكردية” تحافظ على علاقات جيدة مع نظام الأسد ما يجعلها مناصرة له في نظر الكثيرين.
في مقال له بموقع مجلة Commentary اليهودية الأمريكية، أكد الباحث مايكل روبن أن الولايات المتحدة بدورها لديها ملاحظة حول “وحدات حماية الشعب” وحزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي تعتبر تابعة له، وتتلخص في ثلاث نقاط:
– علاقة هذه القوات بحزب العمال الكردستان
– رفضها التعاون مع فصائل المعارضة السورية المدعومة من قبل الولايات المتحدة
– تنسيقها وتعاونها مع نظام الأسد
إقرأ أيضا:تركيا منزعجة من التقارب بين واشنطن والمقاتلين الأكراد
وفي حين اعتبر روبن أنه ما من شك بخصوص علاقة “الاتحاد الوطني الديمقراطي” و”حزب العمال الكردستاني”، تساءل الكاتب عن مدى صواب الاستمرار في وضع هذا الأخير على قائمة الإرهاب.
وأكد روبن أن الحزبين معا لا يختلفان كثيرا عن “الحزب الديمقراطي الكردستاني” أو “الاتحاد الكردستاني” في العراق من حيث الأيديولوجية المعتنقة القريبة من الماركسية والشيوعية، والحرب التي تم خوضها ضد أنظمة حاكمة جرت على هذه الأحزاب اتهامات بالإرهاب.
وأضاف الكاتب أن المشكلة بالنسبة لأكراد سوريا هو كون المعارضة بدت متلكئة بخصوص تحول سوريا إلى نظام فيدرالي في المستقبل ما جعل الأكراد يترددون في وضع أيديهم في أيد قوميين عرب لا يؤمنون بفكرة الفيدرالية ولم يسبق لهم أن انتفضوا ضد قمع الأكراد.
من جانب آخر لم يبدو من الحكمة أن يتم التخلي عن الأراضي التي سيطر عليها الأكراد لمجموعات أخرى غير قادرة على الدفاع عنها.
وكشف كاتب المقال أنه خلال زيارته لمدينة القامشلي أنه وجد قوات النظام تسيطر على المطار والمعبر الحدودي مع تركيا ومصنع الخبز وجزء من وسط المدينة في حين كانت عناصر “وحدات حماية الشعب” و”الاتحاد الوطني الديمقراطي” تسيطر على باقي الأجزاء.
روبن أكد أن واجه مسؤولي التنظيمين بخصوص علاقتهما مع النظام السوري حيث كانت إجابته واضحة، وهي أنهم حاربوا النظام لكن هذا الأخير التزم بالهدنة المتفق عليها بين الجانب تاركا لهم المجال للتركيز على محاربة “جبهة النصرة” و”داعش”.
من جانب آخر، أوضحت القيادات الكردية أنه بإمكانها السيطرة على الأجزاء الأخرى من القامشلي، لكن ذلك يعني الدخول في حرب إبادة ضد قوات الأسد والتسبب في تعريض حياة الأكراد في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام للخطر.
وعن السؤال الخاص بالجهة التي يدين لها الأكراد بالولاء، هل الغرب أم نظام الأسد أم سوريا؟ رد مايكل روبن أن الإجابة هي نعم في الحالات الثلاث ما دام كل طرف من هؤلاء يعترف بتطلعات الأكراد.
أما بخصوص علاقتهم بنظام الأسد، فقد أوضح الكاتب أن الأكراد لا يثقون فيه حيث كانت الهدنة التي أبرموها معه تكتيك أملته المصلحة.
وبالرغم من الاتهامات الموجهة إلى أكراد سوريا بارتكاب جرائم تطهير عراقي، يرى كاتب المقال أنهم مع ذلك أقل ادعاءا بكونهم ديمقراطيين مقارنة بتركيا رجب طيب أردوغان، وأكثر تسامحا مع الأقليات العرقية والدينية وبديلا أفضل من “النصرة” و”داعش” و”أحرار الشام”.
وفي حين يظل التطهير العرقي أمرا مرفوضا يجب أن تتم مجابهته، يقول مايكل روبن، يرى الكاتب أن ما ارتكبه “الاتحاد الديمقراطي” و”ووحدات حماية الشعب” ليس أقل مما ارتكبه “الحزب الوطني الكردستاني” في نواحي سنجار والموصل.
وفي الأخير قالكاتب المقال إنه حان الوقت لكي تقوم الولايات المتحدة بتعزيز علاقاتها أكثر مع “الاتحاد الوطني الديمقراطي” وجناحه المسلح .