يسابق، پيدر سلنشيث، زعيم الحزب الاشتراكي العمالي، الزمن لتحقيق هدف جمع اغلبية برلمانية تصوت لصالحه رئيسا لحكومة اسبانيا المقبلة، بعد ان اقترحه الملك فيليپي السادس للمهمة، على إثر فشل رئيس الحكومة المنتهية ولايته، ماريانو راخوي، في كسب ثقة اغلب الكتل الممثلة في البرلمان الاسباني.
وباشر سانشيث، مشاوراته امس الاربعاء مع التشكيلات السياسية، بادئا بالاحزاب الصغيرة التي يحتمل ان تضم صوتها لصالحه، مرجئا الاجتماع مع الاحزاب القومية المساندة لانفصال اقليم كاتالونيا، الى نهاية جولات المباحثات والاكتفاء برضعها في صورة المفاوضات وتذكيرها بتوجهاته الكبرى، دون ان يطلب منها التصويت لصالحه او عدمه، مفضلا ان تغيب عن جلسة التنصيب او تمتنع عن التصويت، ما يرجح الكفة لصالحه. وقال سانشيث، انه سيجتمع مع زعيم الحزب الشعبي، ماريانو راخوي، لكنه في نفس الوقت لن يطلب تأييده، مشيرا الى انه يحترم الحزب الشعبي، كون الاسبان منحوه حوالي سبعة ملايين صوتا.
وعلى رغم التفاؤل الذي عبر عنه سانشيث، ويقينه شبه التام من نجاحه في تشكيل حكومة تقدمية اصلاحية، فان رياحا معاكسة تهب عليه، معرقلة سرعته، هذا ان لم تقطع عليه الطريق قبل الوصول الى هدفه.
وعلى سبيل المثال فان غريمه السياسي، پابلو اغليسياس، زعيم حزب “پوديموس” ليس مضمون الولاء، يتفنن في اختلاق المقالب للمرشح ؛فتارة يبدي مرونة واستعدادا للتفاهم وفي احايين اخرى يامر مساعديه بإطلاق أعيرة نارية في سماء التوقعات، من قبيل تحذير سانشيث، من اشراك “ثيودادنوس” في حكومته، مشددا ان عليه ان يختار بين الاثنين، وهو امر صعب على اعتبار ان، البرت ريفيرا، متردد في الانضمام الى الحزب الاشتراكي العمالي وحده بل يحبذ صراحة وفي قرارة نفسه تحالفا ثلاثيا بينه وبين الشعبي والاشتراكي، لضمان اغلبية مريحة، تتيح إجراء الإصلاحات المؤسساتية الكبرى، فبدون تصويت “الشعبي” يستحيل تعديل الدستور والتصديق على ذلك في البرلمان.
وتحول حجرة “راخو ي” وعدم الرغبة فيه، دون قيادته التحالف الثلاثي بالنظر الى تلطخ سمعة الحزب الشعبي في فضائح فساد مالي واستغلال النفوذ، كما ان الطبقة السياسية تحمله قسطا من الأزمة العميقة في البلاد.
وفي هذا السياق، أشادت بعض وسائل الاعلام بحكمة وحيادية الملك، فيليپي، بصرفه النظر عن شخص، ماريانو راخوي، اذ فضلا عن فشله في جمع اغلبية، فإن حزبه على صفيح ساخن، جراء ملفات الفساد المالي التي تتناسل واخرها ما تم كشفه في مدينة “ڤلنسية”حيث وجهت تهم الضلوع في الفساد الى حوالي 60 متهما ضمنهم قياديين في الحزب الشعبي على الصعيد المحلي، بل ان تقارير اولية ذهبت الى حد القول ان المال الفاسد استعمل في تمويل الحملات الانتخابية للحزب الشعبي، مايلقي على كاهل راخوي، عبء المسؤلية الاخلاقية.
الى ذلك، تصدرت اليوم الخميس صفحات الجرائد نتيجة استطلاع جديد للرأي أجراه “مركز البحث السوسيولوجي” في غضون الأسبوع الثاني من شهر يناير الماضي، تزامنا مع مباشرة العاهل الاسباني مشاوراته مع قادة الاحزاب. وكشف الاستطلاع ان صورة المشهد الحزبي لن تتغير جذريا في اسبانيا في حال إعادة الانتخابات التشريعية، سيظل الحزب الشعبي متصدرا للمشهد بفارق ضئيل نحو الاحسن، بينما سيتراجع قليلا الحزبان الاشتراكي وثيودادنوس، عن نتيجتهما، في حين سترتفع حظوظ “پوديموس” وهذا هو الأغرب والمثير وقد يكون عاملا في استمرار التأزيم.
ويستنتج من هذه النتائج، والمركز الذي أجراها ذو مصداقية علمية، ان الاسبان راغبون في حكومة متعددة الألوان، غير مبالين بتحذيرات بعض القوى السياسية من اشراك حزب “پوديموس” اليساري الطفولي في الحكم، بل لا يكترثون بالحملة المسلطة على حزب “پابلو إيغليسياس” واتهامه بتقاضي اموال من إيران وفنزويلا، ما يؤكد ان الراي العام والناخبين الاسبان يثقون في شعارات العدالة الاجتماعية والتخليق التي يرفعها الحزب الوافد معلنا انه سيطبقها بمجرد وصوله الى السلطة لذلك يشترط منحه حقائب سيادية وازنة في الهرم الحكومي (نائب رئيس الوزراء ووزارات الداخلية والدفاع والعدل والشؤون الاجتماعية،،،).
وبينما يستمر سانشيث، في لقاءاته مع الاحزاب، فإنه نجح حتى الان في إخماد نار الانتقادات التي واجهها داخل حزبه من لدن الزعامات الاقليمية في المجلس الفيدرالي، بدليل ان الصوت القوي، سوسانا دياث، رئيسة حكومة الاندلس، صرحت ان الملك مارس الاختيار الديموقراطي الافضل، معلنة تأييدها لزعيم الحزب، لكنها لا تحبذ بالقطع حكومة يكون “پوديموس” طرفا شريكا ومؤثرا فيها، فقد سبق للحزب ان حجب عنها الثقة في حكومة الاندلس وقاد معارضة شرسة حيالها، الى ان وجدت المساندة في كتلة “ثيودادانوس” في البرلمان المحلي، والحكومة مستمرة نتيجة تفاهم الحزبين.
ويواجه رئيس الحكومة المعين، ضغوطا من، پوديموس والشعبي، لجهة التسريع بتشكيل الحكومة في ظرف 15 يوما وهي مدة يعتبرها المرشح غير كافية لتفاوض مدقق وتفاهم نهائي بين المكونات.
وفي هذا الصدد، اختار زعيم الاشتراكيين، فريقه التفاوضي، مكون من مساعديه الاقربين، بين من هم محل ثقته ومن خبراء الحزب المشهود لهم بالكفاءة ولاسيما في القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وهم معروفون اجمالا بالاعتدال والمرونة في المواقف، وقد عكفوا على فحص مدقق لبرامج الاحزاب المرشحة للانضمام الى حزبهم وخاصة پوديموس وثيودادانوس.
ولوحظ ان منسق المفاوضات Antonio Hernando له صلة بالمغرب من خلال نشاطه في جمعية المغاربة في إسبانيا ( أتيمي)
وفي تذور دبلوماسي جديد، الغى ملك اسبانيا زيارة رسمية كانت مبرمجة من قبل الى بريطانيا بناء على نصيحة من رئيس الحكومة المعين، حتى لا يعطى الانطباع ان الملك يناقل الى الخارج وبلاده بدون حكومة ومرافق الدولة الحيوية معطلة. وكان العاهل الاسباني ارجأزيارة للسعودية لذات الاسباب.
من جهته عبر وزير الخارجية الحالي، مارغايو، عن خشيته من تراجع دور إسبانيا في الخارج متسائلا هل سيتم تشكيل حكومة جديدة قبل اجتماع المجلس الاوروبي الذي سيناقش قضايا حيوية من جملتها بقاء او انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.
وعلى صعيد آخر، يمضي الانفصاليون في اقليم كاتالونيا، في تنفيذ مخطط الاستقلال عن التاج الاسباني، رغم الا غامات القانونية والدستورية التي رفضت محاولاتهم، في طل تجاهل منهم، ما يفرض على الحكومة الحالية اتخاذ اجراءات رادعة وقوية.
إقرأ أيضا: ملك إسپانيا تجنب الأزمة ووزير الدفاع مع الوحدة والدستور