بعد أن كانت رأس حربة التدخل العسكري في ليبيا في سنة 2011 ضد نظام القذافي، عبر قيادتها مع بريطانيا للحملة الجوية لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، أصبحت فرنسا تطيل التشويق بخصوص نواياها الحقيقية هذه المرة.
فبعد أن لوح بعض مسؤوليها قبل أشهر بحتمية التدخل العسكري في ليبيا ، أكد رئيس الدبلوماسية الفرنسية جون مارك أيرو عدم وجود أي نية لدى باريس لتوجيه ضربات جوية أو إرسال جنود إلى هذا البلد المغاربي الممزق بسبب الصراع الداخلي.
وبرر وزير الخارجية الفرنسي موقف بلاده هذا بكونها تحترم استقلالية ليبيا وبأنه لا ينبغي تكرار أخطاء الماضي، مؤكدا أن قيام باريس بشن ضربات جوية أو إيفاد جنود على الأرض خيار غير مطروح على الطاولة.
إقرأ أيضا: هل تشكل تونس الحلقة الأضعف لمواجهة الإرهاب مغاربيا؟
ويبدو من الجيد سماع وزير خارجية فرنسا يقر بحصول أخطاء في الماضي، خاصة وأن عددا من الأوساط الغربية حملت حملة نيكولا ساركوزي وديفيد كاميرون لإسقاط نظام القذافي مسؤولية الفوضى التي غرقت فيها ليبيا خلال الخمس سنوات الأخيرة، والتي جعلت البلاد عرضة لصراع داخلي ومرتعا للجماعات المتطرفة ومسرحا لاضطرابات ترخي بظلالها على الجيران وتهدد بتحول البلاد إلى نقطة عبور لآلاف المهاجرين نحو سواحل أوروبا.
حرص جون مارك أيرو عن استقلالية ليبيا لم يمنعه مع ذلك من فتح قوس مرتبط بدراسة طلب حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فايز السراج، بالحصول على مساعدة دولية في حال تقدمت به.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي أنه تحدث مع السراج عبر الهاتف، حيث دعاه هذا الأخير لزيارة ليبيا، فكان رد جون مارك أيرو أنه سيزورها حالما تكون الظروف مناسبة.
الأكيد أن زيارة أيرو إلى ليبيا، في حال تمت، لن تكون زيارة الفاتحين كما كان الشأن بالنسبة لساركوزي قبل خمس سنوات، حيث جاء إلى بنغازي رفقة كاميرون موزعا الابتسامات والوعود بالوقوف إلى جانب ليبيا في مرحلتها الانتقالية.
لكن وعود ساركوزي رحلت مع الطائرة التي أقلت خارج ليبيا، تاركة وراءها بلدا فيه مقومات فوضى أمنية وتناقضات داخلية سرعان ما تحولت إلى صراع مسلح بعد أن فعلت الخلطة الغربية لليبيا ما بعد القذافي فعلتها، فاتحة المجال أمام إمكانية قيام “الناتو” بتدخل عسكري آخر تحت مسميات جديدة.