ما تزال قضية رهبان تيبحيرين، الذي قتلوا في الجزائر في أواخر شهر مارس سنة 1996 في ما قيل إنها جريمة ارتكبتها جماعة إسلامية، حبيسة الغموض الذي يلفها.
في آخر تطورات هذه القضية التي تعد من بين النقط الخلافية بين فرنسا والجزائر، وجه محامي عائلات رهبان تيبحيرين اتهامات إلى النظام الجزائري بالوقوف في وجه سير التحقيق في القضية لمعرفة ظروف مقتل الرهبان السبعة.
وكانت السلطات الجزائرية قد رفضت أن يأخذ الفرنسيان المكلفان بالتحقيق في القضية عينات من الاختبارات التي خضعت لها جماجم رؤوس رهبان تيبحيرين الذين كانوا يقيمون بدير تيبحيرين ببلدية ذراع السمار بولاية المدية جنوب الجزائر العاصمة.
وقال المحامي باتريك بودوان في تصريح لإذاعة France Inter، “لا يمكنا إلا أن نستنتج، من خلال الرفض المستمر الذي يبديه الجزائريون، إلى أن لديهم ما يخفونه في هذه القضية، وبأن الرواية الرسمية، التي تقول بأن إسلامي الجماعة الإسلامية المقاتلة هم من قاموا باختطاف واحتجاز وقتل الرهبان، لم تعد ذات مصداقية”.
إقرأ أيضا: لماذا استعادت “المافيا” الحاكمة في الجزائر شكيب خليل؟
وأضاف محامي أهالي رهبان تيبحيرين، “أعتقد أنه بإمكاني اليوم أن أقولها، بأن هذا الرفض والعناد الذي تبديه السلطات الجزائرية للتعاون في القضية، هو اعتراف بمسؤوليتها في اختفائهم”.
ولا يعد اتهام عائلات رهبان تيبحيرين إلى السلطات الجزائرية بالمسؤولية في ما وقع لرجال الدين المسيحيين السبعة أمرا جديدا، حيث لطالما كانت المخابرات الجزائرية محل اتهام من قبل البعض بالضلوع في القضية.
ويرجع اقتناع البعض بأن للمخابرات والجيش الجزائري يد في الموضوع هو ما كشف عنه عسكريون سابقون، مؤخرا وفي الأشهر الماضية، بأن الجيش الجزائري كان مسؤولا عن عدد من عمليات الذبح والقتل التي كان تتم إبان العشرية السوداء.
كما اتهم الجنرال حسين بن حديد قبل أشهر جنرالات في الجيش بتكوين جماعات إسلامية كانت ترتكب الجرائم في حق الشعب الجزائري في سنوات التسعينات، في ما كان يصور على أنه حرب بين الجيش ومصالح الأمن ضد الجماعات المتطرفة في أعقاب الأزمة التي نشبت إثر إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي أفرزت فوز “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” في يناير 1992.
ويبقى الكشف عن هوية الجهة المسؤولة عن جريمة تيبحيرين من شأنه أن يضيء بعض الجوانب الخفية بخصوص العشرية السوداء في الجزائر، والتي راح ضحيتها أزيد من 200 ألف شخص حسب الأرقام الرسمية.