لا تزال عملية تفتيش وزير الاتصال الجزائري عبد الحميد قرين، تلقي بظلالها على الرأي العام الجزائري، الذي وصف تعامل سلطات البلاد مع الحادث بمنطق “التخاذل”، خاصة وأن قرينلم يكن أول وزير جزائري تعرض للتفتيش من طرف السلطات الفرنسية.
وكان وزير الاتصال عبد الحميد قرين، وقبله وزير السكن والعمران عبد المجيد تبون، ووزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، قد تعرضوا إلى التفتيش في مطارات فرنسية، الأمر الذي اعتبره الكثيرون اهانة لا تغتفر في حق الجزائر، حيث طالبوا باعتذار رسمي وقوي من طرف فرنسا، التي لم تكلف نفسها عناء نشر بيان توضيحي شامل، مكتفية بالتعبير عن أسفها جراء ما حدث مؤخرا مع وزير الاتصال.
وفي تناولها للخبر، ترى بعض الصحف الجزائرية أن الرد الفرنسي بخصوص قضية الوزير، جاء ليؤكد منطق “الفكر الاستعماري” الذي يتعامل به الجانب الفرنسي مع كل كل ما هو جزائري.
وأشارت جريدة “الشروق” الجزائرية أن توالي المواقف الفرنسية، باتت دليلا واضحا على حنين هذه الأخيرة إلى ماضيها الاستعماري بالجزائر، والذي ترفض إلى اليوم، حسب الجريدة، تقديم اعتذار إلى الشعب الجزائري بخصوصه.
وأضافت الجريدة أنه وفي ظل “التعامل المتعالي” لفرنسا مع الجزائري، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، خاصة بعد تفضيلها، حسب الجريدة، الاستثمار في السوق المغربية، في إشارة إلى شركتي “رونو” و”بيجو”، بات يهدد مستقبل العلاقات الثنائية بين باريس والجزائر.
ولعل طريقة تعاطي السلطات الجزائرية مع القضية هو أكثر ما يثير استياء الجزائريين، الذين وصفوا تعاطي بلادهم مع هذه الاهانات المتكررة بـ ” منطق التخاذل”، متسائلين عن الأسباب الكامنة وراء ذلك.
ونقلا عن مصادرها، أشارت جريدة “الشروق” أن سبب تفضيل الجزائر عدم تصعيد لهجتها مع “المستعمر القديم”، هو أن فرنسا، ونظرا لكونها “دولة قوية متقدمة وكبيرة” فإن الدخول معها في صراع لن يكون في صالح الجزائر، في وقت الذي يعتبره البعضمبررا “غير كافي”، والذي يزيد من ترسيخ علاقة يغيب فيها الاحترام.
وفيما سلكت السلطات الرسمية طريق السكوت عن قضية قرين، تصر بعض الشخصيات السياسية بالبلاد على المطالبة باعتذار فرنسا عن ما بدر منها من إهانة في حق المسؤولين الجزائريين.
وطالب الطاهر بن بعيبش، الأمين العام السابق للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، سلطات بلاده بضرورة توضيح موقفها من قضية قرين، والتعجيل في اتخاذ موقف صارم بخصوص ما أسماه “تجاوزات السلطات الفرنسية” المتكررة في حق وزراء بلاده.
وأكد أن بن بعيبش أن ما حدث مع قرين في مطار أورلي يعد تجاوزا صريحا لكل الأعراف الدبلوماسية، مؤكدا أن سياسة غض الطرف التي تنهجها السلطة الجزائرية في التعامل مع الأمر، هو ما أدى إلى “تعالي السلطات الفرنسية وإهانتها للجزائر والجزائريين” كلما سنحت الفرصة بذلك.
إقرأ أيضا:ديبلوماسي جزائري حول قضية قرين: رد الفعل الفرنسي غير كاف”
هذا ولا يستبعد البعض أن سكوت الجزائر عن القضية، سيعطي الضوء الأخضر للجانب الفرنسي في مواصلة “محاولاته الاستفزازية” في حق الجزائريين.