معمر القذافي

أربع سنوات على مقتل القذافي..هل تخرج ليبيا من متاهتها؟

بعد الإطاحة بنظام الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، تعالت هتافات الليبيين، الذين اعتقدوا أن رحيل العقيد هو انبعاث دولة جديدة متحررة من بطش الديكتاتورية القذافية.

إلا أنه وبعد مرور أربع سنوات على مقتل القذافي بمسقط رأسه في مدينة سرت، تحولت أحلام الليبيين إلى كوابيس حقيقية، فعوض أن تصطبغ البلاد بألوان الديموقراطية، طبعت ألوان الدم، وعلى مدار أربعة سنوات، المشهد الليبي، حيث صارت البلاد ساحة للاقتتال والنزاع على السلطة، كان فيها المواطنون الخاسر الأكبر.

أربع سنوات كانت كافية لتعود ليبيا أميالا إلى الوراء، سواء على المستوى السياسي والاقتصادي والتماسك الداخلي أيضا، حيث انقسم المجتمع بين مؤيد لمعسكر طبرق وآخر داعم لمعسكر طرابلس فيما ما يزال آخرون يحنون إلى زمن العقيد.

أما بإقليم فزان الذي يمتد على مساحات شاسعة في غرب وجنوب البلاد، فقد أصبحت ليبيا فيما بعد الثورة عنوانا للمواجهات العرقية والقبلية بين قبائل “التبو” الزنجية و”الطوارق” الأمازيغ.

الاقتصاد الليبي هو أحد أكبر ضحايا الصراع الدائم من أربع سنوات، فرغم الثروات الغنية التي تتوفر عليها ليبيا، لم تتمكن إلى اليوم من إعادة بناء اقتصادها، نظرا إلى الفوضى التي عمت البلاد، وتسببت في توقف انتاج النفط وتصديره أكثر من مرة، وتوقفت عجلة الانتاج في معظم المرافق.

هذا ولم تقف المأساة الليبية عند هذا الحد، بل أدى النزاع الداخلي من جهة، وبسط تنظيم “الدولة الإسلامية” نفوذه على عدد من المناطق الليبية من جهة أخرى، إلى تحول البلاد لنقطة عبور لقوارب الهجرة السرية في عدد من رحلات الموت باتجاه القارة العجوز.

اليوم، وبعد رحيل العقيد، الذي حكم البلاد على مدى 42 سنة، يحن بعض الليبيين إلى النظام السابق، وإن كان ديكتاتوريا في الصميم، إلا أنه يظل في نظرهم أقل سوء مقارنة بحالة الفوضى والانفلات الأمني والانقسام الحاد الذي تعيشه ليبيا اليوم، والذي قد يجر البلاد إلى حرب أهلية واسعة النطاق.

دفعت ليبيا بمؤسساتها وبنيتها التحتية ضريبة انهيار النظام السابق، الذي وإن جسد انتصارا بالنسبة للبعض، فقد كان بداية مأساة شعب بأكمله، الذي يعاني اليوم من مخلفات الصراعات الدائمة بين بقايا الجيش والميليشيات.

ورغم مرور أربع سنوات على رحيل العقيد، إلا أن الأخير يتحمل جزء من مسؤولية ما وصلت إليه البلاد اليوم، حيث أن سياسته الداخلية، كانت مهدا لعدة اضطرابات اجتماعية، وجدت طريقها اليوم عبر الصراع والاقتتال، في وقت انعكست طريقة إدارة القذافي للعلاقات الديبلوماسية سلبا على للبلاد التي تدفع اليوم ثمنها غاليا بسبب الحروب بالوكالة التي تعرفها.

وفي ظل المصير المجهول الذي تتجه إليه ليبيا، يبقى انبثاق حكومة جديدة من وسط الفوضى العارمة التي تعرفها البلاد خير حل لحالة الانفلات الأمني والسياسي والاجتماعي التي تعيشها هذه الأخيرة.

وعلى مدار سنة كاملة، قادت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برئاسة ليون جولات الحوار السياسي في مدينة الصخيرات، الذي جمع كل الأطراف الليبية من أجل التوصل إلى حل وسط يرضي الجميع، من أجل تشكيل الحكومة الموعودة.

إلا أنه ورغم الجهود الأممية، تصر بعض الأطراف على عرقلة طريق الحوار، الذي يأمل الجميع أن يختتم بتوقيع الاتفاق النهائي الذي سيمكن من تشكيل الحكومة الجديدة، في وقت يرى البعض أن الأزمة الليبية باتت تتجه نحو المزيد من التعقيد بعد إعلان المبعوث الأممي عن تشكيلة حكومة الوفاق الوطني، والتي عارضها البعض باعتبار أنها “تمثل طرفا واحدا فقط” وليس جميع الأطراف المتحاورة.

ولم تكتف بعض الأطراف بالاعتراض على التشكيلة، بل ذهبت إلى حد التهديد بتقسيم البلاد إذا ما تشبثت البعثة الأممية بمقترحها.

إقرأ أيضا:جذور الأزمة الليبية وآفاق التسوية السياسية

وبالمقابل، اكتفى المجتمع الدولي بالتلويح بفرض عقوبات على كل من يقف في وجه إعادة اقرار السلام والأمن بليبيا، من خلال الوقوف في وجه نجاح العملية الانتقالية بالبلاد.

في ظل هذه التخبطات، يبقى التخوف سيد الموقف بخصوص دخول ليبيا إلى متاهة لا يعرف إن كانت ستهتدي إلى طريق الخروج منها بعد مرور أربع سنوات على الإطاحة بنظام العقيد، حيث تحول الأمل في بناء دولة ديموقراطية على أنقاض ديكتاتورية القذافي إلى كابوس ينذر بما هو أسوء مما كان عليه الحال في زمن الزعيم الراحل.

اقرأ أيضا

الأميرة للا مريم تترأس المجلس الإداري للمصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية

تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، ترأست …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *