مجموعات منظمة تسيطر أو تسعى للسيطرة على الحكم في البلاد الديمقراطية.
تتنافس الأحزاب السياسية في الانتخابات للاحتفاظ بالسلطة أو للوصول إلى السلطة. وقد تنشط الأحزاب السياسية على المستوى القومي أو الإقليمي أو المحلي.
في نظام الحكم الديمقراطي تعد الأحزاب السياسية هياكل بالغة الأهمية.
فكثير من الديمقراطيات ديمقراطيات تمثيلية ؛ حيث ينتخب الناس ممثليهم ليقوموا بسن القوانين، وتنفيذها نيابة عنهم. وفي ظل نظام الحكم التمثيلي الديمقراطي تنشأ الحاجة لوسيلة تقدم المرشحين لتولي المناصب العامة، ولطرح القضايا المهمة للنقاش العام. وتقوم الأحزاب السياسية بهذا الدور. وفي الانتخابات يختار الناس من يريدونه من المرشحين لتولي المناصب العامة. والأحزاب السياسية تنظيمات طوعية، تسعى لأن ينضم إليها أكبر عدد ممكن من الأعضاء. ولبعض هذه الأحزاب لوائح، واشتراكات عضوية، وبعضها ليست له لوائح، ولا يجمع اشتراكات من أعضائه.
لا تسمح أغلب الأنظمة الدكتاتورية (الاستبدادية) إلا بحزب واحد، يستأثر بالحكم. وفي مثل هذه البلاد تحرّم الأحزاب الأخرى، أو يحظر عليها تقديم مرشحين عنها لتولي مناصب عامة. وتسمى مثل تلك الدول دول الحزب الواحد .
وظائف الحزب
تقوم الأحزاب السياسية في البلاد الديمقراطية بعدة وظائف مهمة؛ هي
1- اختيار مرشحين للمناصب العامة.
2- المساعدة في تنظيم الحكم.
3- تمثيل معارضة للحزب الحاكم.
4- تجميع الأموال لتجهيز الحملات الانتخابية.
وللأحزاب السياسية في البلاد الديمقراطية وظائف أخرى كثيرة منها أنها توضح للناخبين الشؤون العامة، والمشكلات التي تحتاج إليها لعمل حكومي. ومن المهم في هذا المضمار أنها تضع برنامجًا، أو منهجًا سياسيًا، وتستهدف وضعه موضع التنفيذ لمصلحة البلاد، إذا كسبت السلطة، أو احتفظت بها في الانتخابات القادمة. وتخضع مثل هذه السياسة للدراسة والنقاش داخل الحزب. وقد تتناول أي مجال يرى الحزب أنه مهم، كصيانة الموارد الطبيعية، أو تولي الخدمات العامة، أو التخطيط الاقتصادي، أو ملكية الأراضي والصناعات الكبرى. ويصدر الحزب أحيانًا بيانًا يبيّن سياساته، أو خطته لسنوات قادمة؛ لإغراء الناخبين بإعطاء أصواتهم لمرشحيه. أما في البلاد ذات الحزب الواحد، فتتمثل مهام الحزب السياسي في اختيار المرشحين للمناصب وتنظيم الحكومة.
اختيار المرشحين.
في الدول ذات الحزب الواحد، يفوز المرشحون الذين يختارهم الحزب في الانتخابات تلقائيًا، لعدم وجود منافسين لهم.
أما في الدول المتعددة الأحزاب، فيختار كل حزب مرشحين لمختلف المناصب، لينتخب الناخبون من يشاءون من بينهم. لذلك، تحاول الأحزاب اختيار مرشحيها، ممن تحسب أنهم أكثر قبولاً لدى الناخبين، وأفضل خبرة للوظيفة. وقد يتم الاختيار في اجتماع لقادة الحزب، أو في مؤتمرات ينظمها الحزب لأعضائه في كل المناطق.
وتختار الأحزاب السياسية رؤساءها في مؤتمر عام، أو ينتخبهم ممثلوها في الهيئة التشريعية.
تنظيم الحكومة.
هو من وظائف الحزب السياسي المهمة. لكن ذلك يتوقف على نظام الحكم المقرر، وعلى توزيع السلطة فيه.
الأنظمة الوحدوية والأنظمة الاتحادية.
في البلاد التي تأخذ بنظام الحكومة الموحدة، مثل: فرنسا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، تتركز معظم السلطات في الحكومة المركزية، ويشمل ذلك السيطرة على الحكومات المحلية. أما في البلاد ذات النظام الاتحادي، مثل: أستراليا وكندا، فتقسم السلطات بين الحكومة المركزية وحكومات الولايات، أو الأقاليم.
وتركز الأحزاب السياسية، في البلاد ذات النظام الموحد، على تولي وتنظيم الحكومة المركزية؛ فهي في الأساس قومية التوجّه، في نشأتها وتكوينها. وفي البلاد ذات النظام الاتحادي، تسعى الأحزاب السياسية للوصول إلى السلطة لتنظيم كل من الحكومة المركزية، وحكومات الولايات أو المقاطعات. فهي إذن أحزاب قومية وإقليمية في أنشطتها وتكوينها.
النظام الرئاسي.
في النظام الرئاسي ـ كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية ـ يقتضي الدستور توزيع السلطات بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية؛ لذلك فالرئيس ليس عضوًا في الكونجرس ـ الهيئة التشريعية للولايات المتحدة ـ ولا الوزراء. فالرئيس منتخب من قبل الشعب، وقد يكون من حزب غير الحزب صاحب الأغلبية في الكونجرس ـ الهيئة التشريعية. وكثيرًا ما يعتمد الرئيس على قادة الحزبين لكي يتمكن من الحصول على موافقة الهيئة التشريعية على سياساته.
النظام البرلماني.
في الدول البرلمانية الديمقراطية كالمملكة المتحدة، رئيس الحكومة هو رئيس الوزراء. وهو عضو في البرلمان، وفي الغالب الأعم، زعيم الحزب صاحب الأغلبية في مجلس العموم. وعادةً، يختار رئيس الوزراء أعضاء وزارته من قادة الحزب نفسه أي أغلبية الأعضاء في البرلمان.
وفي المملكة المتحدة، يستحوذ رئيس الوزراء ومجلس وزرائه على السلطة التنفيذية والتشريعية في آنٍ واحد. وهم أعضاء في البرلمان ومسؤولون لديه. فإذا أخفق رئيس الوزراء في الاحتفاظ بمساندة البرلمان له، فقد يطالب حزب المعارضة بانتخابات عامة جديدة.
التنظيم داخل الهيئة التشريعية.
ينسق الأعضاء المنتخبون المنتمون لأحزاب سياسية داخل المجلس التشريعي أو البرلمان أعمالهم من أجل أداء مهامهم بفعالية. ويدير جلسات المجلس رئيس ينتخبه الأعضاء. وفي الواقع، يختار حزب الأغلبية رئيس المجلس.
ولكل حزب أعضاء نشطون ينقلون لرؤساء الأحزاب ملاحظاتهم عن رأي أعضاء الحزب حول مشروعات القوانين المعروضة للاقتراع ويعملون على تأكيد الالتزام الحزبي بين الأعضاء.
وفي داخل معظم الهيئات التشريعية، تُنشأ لجان تُمثَّل فيها كل الأحزاب، حسب ثقلها في المجلس، للبحث في مشروعات القوانين. ويرأس هذه اللجان عادةً عضو من حزب الأغلبية.
تشكيل المعارضة.
في كل بلد ديمقراطي، يقع عبء انتقاد سياسات الحزب الحاكم، وطرح البديل لها، على عاتق الحزب، أو الأحزاب خارج السلطة. وفي بلاد مثل فرنسا، وإيطاليا، وبلاد أخرى ـ حيث تتعدد الأحزاب ـ قد تختلف آراء الأحزاب المعارضة حول نوع نظام الحكم نفسه اختلافًا كبيرًا. أما في البلاد ذات الحزبين، فإن حزب الأقلية يشكل عادةً معارضةً موحدةً. وقد تتجمع عدة أحزاب في شكل ائتلاف، ليعارض الحكومة أو ليحل محلها.
وظائف أخرى.
في الدول الديمقراطية تستخدم الأحزاب السياسية وسائل الإعلام، كالصحف والإذاعة والتلفاز وغيرها، لتتحدث إلى الناس عن برامجها وأهدافها؛ فهي تنشد كسب السلطة، أو البقاء فيها. وتحاول الأحزاب المعارضة الكشف عن مواطن الضعف في سياسات وبرامج الحكومة، وتزعم أنها تقدم البديل الأفضل لها. وبذلك تزيد الأحزاب السياسية وعي الناس بشؤونهم، وتسلط الأضواء على المسائل التي تهمهم.
النظم الحزبية
أنظمة الحزب الواحد.
ترتبط دائمًا بالدكتاتوريات، أي الحكومات الاستبدادية؛ ذلك لأن أغلب الحكومات المستبدة (الدكتاتوريات) لا تسمح إلا بحزب واحد، يكون هو المسيطر على الحكم. وقد تسمح بعضها بقيام أحزاب أخرى، مادامت لاتنطوي على تهديد للحكومة.
وفي الدول الشيوعية، ذات الحزب الواحد، كالصين مثلاً، يهيمن الحزب الشيوعي على الحكومة. وتعد العضوية في الحزب مَزِيَّة لا ينالها شخص إلا بعد استيفاء شروط معينة. ويقوم الحزب بمهام أكثر مما تقوم به الأحزاب السياسية في الدول الديمقراطية. ولذلك ينشئ الحزب الواحد عدة أجهزة، لضم أعضاء إليه، ولتدريب قادته.
نظام الحزبين.
وهو شائع في البلاد الناطقة بالإنجليزية. ويشمل المملكة المتحدة التي ساد فيها مؤخرًا حزبا المحافظين والعمال. وهناك أحزاب صغيرة أخرى، كحزب الأحرار الديمقراطيين، غير أن النظام الانتخابي يقلل من أهميتها.
وبالرغم من وجود حزبين في بلد من البلدان، يسيطر حزب واحد على الحياة السياسية في مناطق معينة في الدولة. ففي المملكة المتحدة مثلاً، هناك دوائر انتخابية معينة تكاد تكون معقلاً تقليديًا لحزب العمال. وهناك ما يسمى بالدوائر الهامشية التي تتأرجح بين الحزبين، وغالبًا ما يفوز فيها أحدهما بفارق بسيط في الأصوات عن الحزب الآخر. وفي الانتخابات القومية، لا يشترط في المرشحين أن يكونوا من سكان المناطق التي يتقدمون للانتخاب فيها.
التعددية الحزبية.
نظام قائم في كثير من البلاد التي تحكم حكمًا برلمانيًا. ففي أستراليا مثلاً يوجد ثلاثة أحزاب. ومن البلاد المتعددة الأحزاب بلجيكا والدنمارك وفرنسا والهند وإيطاليا وسريلانكا واليابان. وقد يكون في كثير منها أربعة أو خمسة أحزاب كبيرة، إضافة إلى عدد من الأحزاب الصغيرة، ولكل حزب أهدافه ومراميه الاقتصادية أو الاجتماعية. ومع اختلاف نظم التعددية الحزبية، فالغالب أن يكون من بينها أحزاب يسارية، تتبنى أفكارًا تحرريةً أو راديكالية (متطرفة)، أو أحزاب يمينية تتبنى أفكارًا محافظة.
وفي ظل التعددية الحزبية، يندر أن يكسب حزب واحد عددًا من المقاعد في الهيئة التشريعية، بحيث يكفيه لتشكيل حكومة. لذلك، عادة ما، يأتلف حزبان أو أكثر لتشكيل حكومة ائتلافية. غير أن كثيرًا من الحكومات الائتلافية تخفق في الاتفاق على سياسة أو منهج موحد، وتسقط الحكومة. فالتعددية الحزبية تؤدي إلى قيام حكومة أقل استقرارًا، كما هو الحال في نظام الحزبين.
نبذة تاريخية
تكوَّن أول الأحزاب السياسية خلال القرن التاسع عشر الميلادي في أوروبا وأمريكا. وقبل ذلك ظهر حزبا الويج والتُوري في بريطانيا، حيث كانا في القرن الثامن عشر الميلادي مجموعات متفرقة من ذوي المصالح المشتركة، تهدف للسيطرة على الحكم؛ فقد كان أعضاؤهما في الغالب، من أصحاب الأراضي، والأْعمال التجارية والأثرياء، وكانوا يتنافسون على التقرب من الملك. لم يكونوا بحاجة لمن ينتخبهم؛ لأن حق الانتخاب كان مقصورًا على فئة قليلة من الناس.
نشأت الأحزاب السياسية المنظمة مع تطور نظم الحكم الديمقراطي. بيد أن كثيرًا من القادة لم يكونوا راضين عن نشوئها. لكن المصالح الاقتصادية، والميول السياسية والاجتماعية هي التي جمعت بعض أناس إلى بعض، فكونوا منظمات سياسية.
لقد استخدم مستبدون أحزابًا لتدعيم سلطتهم؛ ففي العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، استولت أحزاب فاشية معادية للحرية على مقاليد الحكم في عدد من البلاد الأوروبية. انظر: الفاشية . *1*
وفي الوقت نفسه، نمت الأحزاب الشيوعية في عدد من البلاد، مستلهمة تجربة قيام النموذج السوفييتي (سابقًا)، بعد الثورة الروسية عام 1917م. وكانت هذه الأحزاب الشيوعية شديدة التنظيم تحت قيادة مركزية.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، تكونت أحزاب سياسية في كثير من البلاد الساعية للاستقلال من الحكم الأجنبي. وكثير من قادة تلك الأحزاب صاروا قادة لدولهم الجديدة.
وفي بعض البلاد، تبرز بعض الأحزاب السياسية التقسيمات القبلية والعرقية والدينية. وفي بعض البلاد النامية لا ينظر إلى الأحزاب المعارضة على أنها ضرورية للحكم الديمقراطي؛ لذلك تتجه بعض هذه الدول إلى نظام الحزب الواحد.
——————————–
brooonzyah.net
* ملحق*
*1*الفاشية
شكل من أشكال الحكومات التي يرأسها دكتاتور، وغالبًا ما تنم عن سيطرة الحكومة سيطرة تامة على النشاطات السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية.
والفاشية شبيهة بالشيوعية. على أنها بخلاف الشيوعية ـ التي تملك فيها الحكومة كل الصناعات ـ تبيح الفاشية للصناعة أن تبقى ملكية خاصة، ولكن تحت سيطرة الحكومة. وتشمل المظاهر الأخرى للفاشية التطرف الوطني، والسياسات النازعة للعسكرية، والتوسّع، والغزو واضطهاد الأقليات.
وكلمة فاشية، صفة أيضًا لكل نظام حكم، أو مفهوم سياسي، يشبه حكم بنيتو موسوليني، وأدولف هتلر وسياساتهما. فقد قامت حكومتان فاشيتان في كل من إيطاليا، بقيادة موسوليني من سنة 1922م إلى سنة 1943م، وفي ألمانيا بقيادة هتلر من سنة 1933م إلى سنة 1945م.
تباينت الفاشية من بلد إلى بلد. وتبحث هذه المقالة في الفاشية، كما سادت بصفة خاصة، في إيطاليا تحت حكم موسوليني، وفي ألمانيا تحت حكم هتلر.
الحياة في ظل الفاشية
الحياة السياسية.
يأتي الفاشيون إلى السلطة ـ في أغلب الحالات ـ على إثر حدوث انهيار اقتصادي بالبلاد أو هزيمة عسكرية أو كارثة أخرى. ويكسب الحزب الفاشي تأييدًا شعبيًا لما يبذله من وعود بأنه سينعش الاقتصاد، وسيسترد كرامة البلاد. وقد يستغل الفاشيون خوف هذه الشعوب من الشيوعية أو الأقليات. ونتيجة لذلك قد يستحوذ الفاشيون على السلطة عن طريق انتخابات سلمية أو عن طريق القوة.
بعد أن يستولي الحزب الفاشي على السلطة، يتسلم أعضاؤه الوظائف التنفيذية والقضائية والتشريعية في الحكومة. وفي أغلب الحالات يتولى رئاسة الحكومة شخص واحد ـ وغالبًا مايكون ذا نزعة استبدادية وجاذبية لدى الجماهير. وأحياناً، تتولى قيادة الحكومة هيئة من أعضاء الحزب. ولايسمح الفاشيون بقيام حزب آخر أو معارضة لسياستهم.
يؤدي شغف الفاشيين بتمجيد الوطنية إلى ازدياد الروح العسكرية. وقد يجنحون، عندما تزداد القوات المسلحة قوة، إلى غزو بلاد أخرى واحتلالها.
الحياة الاقتصادية.
تسمح الفاشية، بل وتشجع النشاط الاقتصادي الخاص، ما دام يخدم أهداف الحكومة. بيد أن الفاشية تسيطر سيطرة تامة على الصناعة للتأكد من أنها تنتج ماتحتاجه البلاد. وتعوق الحكومة الاستيراد بوضع رسوم جمركية عالية على بعض المنتجات الضرورية، أو بحظر استيرادها؛ ذلك أنها لاتريد الاعتماد على بلاد أخرى في المنتجات الحيوية، كالنفط والفولاذ.
وتحظر الحكومة أيضًا الإضرابات؛ حتى لا يضطرب الإنتاج. وتحرم الفاشية النقابات العمالية وتستعيض عنها بشبكة من المنظمات في الصناعات الكبرى. ويطلق على هذه المنظمات التي تتكون من العمال وأصحاب الأعمال، اسم المؤسسات. لكنها تختلف عن تلك التي تنشأ في بلاد أخرى.
يفترض في المؤسسات الفاشية أن تمثل العمال وأصحاب العمل معًا. وفي حقيقة الأمر فإن هذه المؤسسات تخضع لسيطرة الحكومة، وعن طريقها تحدد الحكومة الأجور، وساعات العمل، وأغراض الإنتاج. لهذا السبب يسمى البلد الفاشي أحياناً دولة.
الحرية الشخصية.
الحرية الشخصية مقيدة تقييدًا شديدًا في ظل الحكومة الفاشية، فعلى سبيل المثال، تقيد الحكومة السفر إلى البلاد الأخرى، وتحد من أي اتصال بشعوبها، وتهيمن على الصحف ووسائل الاتصال الأخرى في بلدها، وتبث الدعاية للترويج لسياساتها، وتمارس رقابة صارمة على المطبوعات لقمع الآراء المناوئة لها. ويفرض على كل الأطفال الالتحاق بمنظمات الشباب، حيث يتدربون على المسيرات ويتعلمون المفاهيم الفاشية. وتسحق الشرطة السرية أية مقاومة. وقد تؤدي المعارضة إلى السجن والتعذيب والموت.
يعتبر الفاشيون كل الشعوب الأخرى أدنى من قوميتهم التي ينتمون إليها، لذلك قد تضطهد الحكومة الفاشية أو تقتل حتى الغجر أو من ينتمون إلى أقليات أخرى.
نبذة تاريخية
تتصل كلمة فاشية في الأصل برموز السلطة الرومانية القديمة المسماة الحزيمة الرومانية.انظر: الحزيمة الرومانية. واستحدث بنيتو موسوليني المصطلح عام 1919م، لكن الفاشية نفسها أقدم بكثير من اسمها.
يُرجع كثير من المؤرخين بداية الفاشية الحديثة إلى نابليون الأول الذي حكم فرنسا حكمًا مطلقًا في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين. وقد قام نابليون بكثير من الإصلاحات التحررية، ولم يكن فاشياً حقيقة، غير أن الفاشيين فيما بعد، تبنوا كثيرًا من أساليبه. فقد وعد نابليون شعبه بأن يستعيد مجد فرنسا عن طريق الغزو العسكري، ولكي يمنع المعارضة ضده أسس واحدًا من أوّل أجهزة الشرطة السرية. واستخدم نابليون كذلك، الدعاية والرقابة الصارمة على الصحافة لكسب التأييد لبرامجه.
الفاشية في إيطاليا.
كانت إيطاليا منحازة إلى الجانب المنتصر حينما وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها عام 1918م. بيد أن الحرب أودت بالبلاد إلى حالة اقتصادية متردية. بالإضافة إلى ذلك، أسفرت معاهدات السلام عن منح إيطاليا أراضي أقل بكثير مما كانت تتوقع. فوعد حزب بنيتو موسوليني الفاشي بأن يجلب الرفاهية، ويسترد المجد الذي جمعت إيطاليا أطرافه في عهد الإمبراطورية الرومانية. وكسب موسوليني مساندة كثير من ملاك الأراضي، وكبار أصحاب الأعمال، والعسكريين ودوائر الطبقة الوسطى. وبحلول عام 1922م، قوي ساعد الفاشيين وزحف موسوليني مع أتباعه على روما عام 1924م وأرغموا ملك إيطاليا على تعيين موسوليني رئيسًا للوزراء. وسرعان ما بدأ موسوليني، الذي بات يعرف باسم القائد ـ الدوتشي ـ في إرساء قواعد الدكتاتورية فحظر كل الأحزاب السياسية باستثناء الحزب الفاشي، وسيطر على الصناعات والصحف والشرطة والمدارس. وفي عام 1940م، قاد موسوليني إيطاليا إلى الحرب العالمية الثانية بجانب ألمانيا النازية. ثم ما لبثت إيطاليا أن استسلمت للحلفاء.
أدولف هتلر كان قائدًا لحزب فاشي في ألمانيا سُمي الحزب النازي. وكان يلقب بالفوهرر.
الفاشية في ألمانيا.
انهزمت ألمانيا في الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918م)، وفقدت الكثير من أراضيها بمقتضى معاهدات السلام. وأُجبرت ألمانيا على التخلي عن تسلحها، وتحمل عقوبات باهظة الثمن، بمثابة تعويضات عن خسائر الحرب؛ فآل اقتصادها إلى الخراب بسبب التضخم الحاد أثناء فترة العشرينيات من القرن العشرين الميلادي، والكساد العظيم الذي خيم على العالم أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي.
وفي أثناء فترة الأزمات في أعقاب الحرب، صعد إلى الصدارة سريعًا حزب فاشي سُمي ـ حزب عمال ألمانيا الوطني الاشتراكي. وبحلول عام 1933م، أضحى النازيون أقوى حزب في البلاد. وتسلم قائدهم أدولف هتلر، منصب رئيس الوزراء تلك السنة. وبمجرد توليه السلطة عطل الدستور، وأخذ في تحويل ألمانيا إلى دولة فاشية. وقضت شرطته السرية على أية معارضة له.
نادى هتلر، الذي كان يلقب بالقائد ـ الفوهرر ـ بأن الألمان شعب متفوق وأن اليهود، والسلافيين، والغجر، وغيرهم من الأقليات أدنى درجة. واستخدم أتباعه هذه المعتقدات لتبرير الاضطهاد النازي الوحشي. وقتل النازيون أعدادًا كبيرة من الأقليات العرقية.
أقسم هتلر على توسيع الحدود الألمانية والانتقام للإذلال الذي لحق بألمانيا في الحرب العالمية الأولى. فأخذ في تدعيم القوات المسلحة والاستعداد للحرب. وفي عام 1939م اندلعت الحرب العالمية الثانية، عندما غزت الجيوش الألمانية بولندا. واجتاحت الجيوش الألمانية معظم البلدان الأوروبية، مثل فرنسا، وبلجيكا، والدنمارك، والنرويج،، والنمسا، وتشيكوسلوفاكيا، واليونان، وتقدم الألمان في أعماق الاتحاد السوفييتي. غير أن مسار الحرب تبدّل لصالح الحلفاء على دول المحور بعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب، وبذلك هزم الحلفاء ألمانيا عام 1945م فسقطت الحكومة النازية.
الفاشية في بلاد أخرى.
في المجر حصل حزب فاشي يسمى أروكروس على تأييد واسع في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي. وخلال نفس الفترة ظهرت حركة فاشية باسم الحرس الحديدي، كأقوى حزب سياسي في رومانيا، واكتسبت مجموعات فاشية قوة كبيرة في اليابان أيضًا خلال الثلاثينيات من القرن العشرين. واختفت هذه الحركات الفاشية بعد هزيمة النازية عام 1945م.
وفي الأرجنتين أسس خوان د.بيرون دكتاتورية عام 1946م، ثم أرغمته ثورة على الاستقالة. ومع ذلك واصل مؤيدوه نشاطهم، وعاد بيرون إلى السلطة عام 1973م في أثناء فترة ضائقة اقتصادية في الأرجنتين. وبقي بيرون في الحكم حتى وفاته في العام التالي.
وفي أثناء الحرب الأهلية الأسبانية (1936- 1939م) انحازت مجموعة فاشية باسم الكتائب الأسبانية إلى القوى الثورية التي كان يقودها فرانسيسكو فرانكو.
وكسبت قوات فرانكو الحرب، فحكم أسبانيا حكمًا استبداديًا من 1939م حتى وفاته عام 1975م. ويعتبر كثير من الناس أن حكم فرانكو كان فاشيًا. ومهما يكن، فإن أغلبية المؤرخين والمفكرين السياسيين يرون أن حكومة فرانكو، خلت من سمات فاشية جوهرية.
واليوم يتبع بعض حكام العالم الثالث سياسة فاشية بغية تدعيم النمو الصناعي والوحدة الوطنية. على أنه بالنظر إلى ارتباط الفاشية بالعنصرية، وبموسوليني وهتلر، ينفي هؤلاء القادة أي تشابه بين أنظمتهم والدكتاتورية الفاشية.
الفرنكوفونية
تعبير يُقصـد به البـلاد والأفراد الناطقين باللغة الفرنسية وكان أول من استخدمها الجغرافي الفرنسي أونوزيم ريكلوس سنة 1880م. وتحاول الفرنكوفونية التعريف بمجموعة الشعوب الناطقة بالفرنسية على المستويين المحلي والدولي. وتضطلع الفرنكوفونية بنشاطاتها من خلال منظمات وهيئات وجمعيات حكومية وشعبية لتحقيق الأهداف المشتركة للشعوب الناطقة بالفرنسية. واللغة الفرنسية التي هي أساس الفرنكوفونية الدولية، تمثل أداة الإتصال بين الثقافات المتباينة واللغات المحلية المختلفة. وليس من الضروري أن تكون البلاد المنضوية في مختلف مؤسسات الفرنكوفونية متشابهة إجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا واقتصاديًا، بل إن البعض يرى أن اختلاف الثقافات واختلاف اللغات المحلية تعتبر عاملاً محركًا ومؤثرًا لتطوير الفرنكوفونية. وهكذا بدأ إرهاص الفرنكوفونية الدولية إبان اجتماع ثلاثة رؤساء أفارقة عام سنة 1960م وهم : ليوبولد سيدار سنجور (السنغال) والحبيب بورقيبة (تونس) وهماني ديوري (النيجر).
وبعد سنة 1986م، عقب أول اجتماع قمة فرنكوفونية في باريس بفرنسا توالت اجتماعات القمة للدول الناطقة باللغة الفرنسية مرة كل سنتين. وفي هذه الاجتماعات تدرس القضايا الملحة كافة، وتعد برامج لتنفيذها قبل حلول موعد الاجتماع المقبل.
تكونت مؤسسات وهيئات وجمعيات عديدة حكومية وغير حكومية لخدمة أهداف الفرنكوفونية وتنفيذ البرامج والقرارات المنبثقة عن القمم الفرنكوفونية والهيئات السياسية؛ ويمكن تلخيصها في:
1 – مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الناطقة باللغة الفرنسية ويسمى أيضًا القمة الفرنكوفونية.
2 – المؤتمر الوزاري للفرنكوفونية: يتكون من وزراء الخارجية والوزراء ذوي الصلة بالفرنكوفونية، وهو بمثابة المؤتمر التمهيدي والمتابع لأعمال مؤتمر القمة كما يشرف على وكالة التعاون الثقافي والتقني.
3 – الهيئة الدائمة للفرنكوفونية: تنسق بين مختلف اللجان التي تكون بعد كل قمة.
4 – المجالس الوزارية الدائمة:
– مجلس وزراء التربية (التعليم)
– مجلس وزراء الشباب والرياضة
5 – الجمعية الدولية للبرلمانيين في الدول الناطقة باللغة الفرنسية
6 – وكالة التعاون الثقافي والتقني (المنظمة التي تنسق بين الحكومات).
مؤسسات وجمعيات أخرى
أ – جمعية الجامعات التي تدرس بالفرنسية جزئيًا أو كليًا.
ب- تي في 5 (T V 5) قناة تلفازية باللغة الفرنسية. تمثل الإداة الإعلامية للقمم الفرنكوفونية أو أداة توزيع لمجموعة القنوات التلفازية الفرنكوفونية التي تتكون من أربع قنوات هي: القناة الأوروبية بدأت بثها في 1984م وقناة كندا، وقناة أمريكا اللاتينية، والقناة الأفريقية التي بدأت بثها في 1993.
ج – جامعة سنجور بالأسكندرية (مصر) وهي جامعة دولية تدرس باللغة الفرنسية وتعني بخدمة التنمية في أفريقيا.
د – الجمعية الدولية لرؤساء البلديات والمسؤولين عن العواصم والمدن الفرنكوفونية.
مؤسسات أخرى
– مكتب الاتصال للسينما في الدول الفرنكوفونية.
– المجلس الدولي للإذاعات والتلفازات الناطقة بالفرنسية
– اللجنة الدولية للمسرح الفرنكوفوني
– الملتقى الفرنكوفوني للأعمال التجارية
جمعيات أخرى
– الجمعية العالمية للنساء الفرنكوفونيات
– الاتحاد العالمي للصحفيين والصحافة المكتوبة باللغة الفرنسية.
– جمعية الصحافة الفرنكوفونية
– اتحاد الناشرين باللغة الفرنسية
– المحيط والتنمية في العالم الثالث
وهناك العديد من الجمعيات والهيئات ذات المسؤوليات الخاصة على المستويين المحلي والدولي في عدة مجالات أخرى. والجدير بالذكر أن الدول العربية الأعضاء في القمم الفرنكوفونية ووكالة التعاون الثقافي والتقني هي تونس ولبنان: عضوان أما المغرب ومصر فهما مشاركان. وبحلول عام 2001م، بلغ عدد الدول الأعضاء في المنظمة الدولية للفرنكوفونية 55 دولة يسكنها نحو 500 مليون نسمة.
المرجع
” الموسوعة العربية العالمية “