كل يوم يمر، في انتظار عقد المؤتمر الوطني المرتقب لحزب الاستقلال في دورته السابعة عشر، إلا ويؤكد حقيقة راسخة، وهي أن العمر السياسي لحميد شباط، الأمين العام للحزب، أوشك على النهاية، بفعل مجموعة من العوامل، بعضها عبارة عن أخطاء ارتكبها هو نفسه في التدبير والتسيير الحزبي منذ المؤتمر 16 في الصخيرات، بضواحي الرباط.
راكم الرجل مجموعة من الاختلالات هي التي يدفع ثمنها الآن، بسبب اتخاذه لقرارات لم تكن في محلها، مثل الدفع بحزب الاستقلال إلى الانسحاب من المشاركة في الحكومة، أو إطلاقه لتصريحات خارجة عن السياق، بشأن الجارة الشقيقة موريتانيا، وغيرها من زلات اللسان، التي يفترض في زعيم يقود أقدم حزب في البلاد،ألا يرتكبها،انصياعا لمزاجه المتقلب.
يضاف إلى ذلك كله، فقدانه للذراع النقابي لحزب “الميزان”، ألا وهو الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذي كان يخطط للجوء إليه والاحتماء به، والعودة إليه من جديد، وعيا وإدراكا منه بأن الأمانة العام ل”الاستقلال” لم تعد مضمونة بالنسبة إليه في المدى الزمني القريب.
وفي تقييم عدد من المراقبين لتحولات المشهد السياسي، فإن البساط تم سحبه من تحت قدم شباط، وفقد الكثير من نفوذه داخل حزب الاستقلال، ولم يعد ممسكا بمقاليد الأمور، لدرجة أن بعض المقربين منه،أولئك الذين كان يراهن عليهم،باتوا يتراجعون عن دعمهم ومساندتهم له،استشعار منهم بنهايته الحتمية في المؤتمر الوطني القادم، الذي ظل يؤجله في محاولة يائسة منه لربح الوقت.
مناسبة هذا الكلام، اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، أمس السبت، للنظر في الترتيبات التي ينبغي اتخاذها بخصوص تحديد حصص الروابط الاستقلالية والجهات في عضوية المجلس الوطني الذي يعتبر بمثابة برلمان الحزب، والذي تعتبر قراراته ومواقفه حاسمة إزاء القرارات التي ترتبط باختياراته السياسية.
وفي ظل كل التداعيات التي شهدها المقر المركزي للحزب، الكائن في شارع ابن تومرت،على مقربة من ساحة باب الأحد، وسط العاصمة السياسية، فإن كل المعطيات تؤكد أن الأمين العام الجديد القادم إلى منصب الأمانة العامة لهذا التنظيم السياسي العريق، هو نزار بركة، المسنود بدعم الرجل القوي حمدي ولد الرشيد، الذي يبذل كل ما في وسعه لحشد أصوات أعضاء المجلس الوطني،لتصب في صالح رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في المحطة السياسية السابعة عشرة.
والقناعة التي باتت سائدة لدى الجميع،هي أن نهاية حميد شباط، لم تعد سوى مسألة أسابيع فقط، لتنحسر عنه كل الأضواء التي كانت مسلطة عليه، ويفقد الأمانة العامة للحزب التي لم يستطع الحفاظ عليها، بفعل تسرعه ومزاجيته التي تسببت له ولحزبه في العديد من المتاعب، وكان يمكن تفاديها لو اتسمت مواقفه وردود أفعاله بالحكمة والرزانة والتبصر وبعد النظر، وهي صفات ينبغي توفرها في كل قائد أو زعيم حزبي.