أصدر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان تقريرا حول أحداث الريف، اعتبرته مصادر أمنية غير دقيق ويحمل مغالطات وادعاءات كثيرة، ما يجعله عديم المصداقية.
وقال المصدر الأمني، الذي رفض الكشف عن اسمه، أنه تقرير يفتقد إلى “المعطيات النوعية والكمية والإحصائية المفروضة في التقارير الدورية والتقصيّات الميدانية في مجال حقوق الإنسان”، ما يجعله مجرد وثيقة غير ذات قيمة، حين استعرض شهادات عن “نزع ملابس المعتقلين داخل سيارات الشرطة”، و”تجريدهم من نقودهم وهواتفهم المحمولة”، و”القيام بحملة اعتقالات عشوائية مصحوبة بالتعذيب…”، دون ذكر “أسماء الأشخاص المعنيين بعمليات نزع الملابس، مدعومة بإفادات مكتوبة للشهود، أو بصور أو تسجيلات تعزز هذه الاتهامات” ما يجعلها “عبارات مطلقة وفضفاضة، عن تجاوزات وإخلالات مفترضة…”، صادرة عن ائتلاف انزلق إلى مفاهيم خطيرة بسبب الموقف المسبق وغير الحيادي لبعض مكونات الائتلاف.
ودوّن المصدر الأمني سبع “مزاعم” جاءت في تقرير الائتلاف الخاص بأحداث الريف، أولها زعم “التقرير” بأن القوات العمومية باشرت اعتقالات عشوائية لإجراءات تفتيش المنازل، وهذا “كلام فاقد للدقة والموضوعية، يقول المصدر الأمني، بدليل أن جميع الأشخاص الموقوفين تم التصريح بضبطهم فورا بموجب بلاغات رسمية للنيابة العامة، وتم إشعار عائلاتهم، كما أن معظمهم استفادوا من حصص المخابرة مع محاميهم، ومن الاتصال الهاتفي مع ذويهم… وهذه كلّها وقائع موثقة بمحاضر قانونية وإجراءات قضائية”.
ودحض المصدر فرضية “نزع ملابس المعتقلين داخل سيارات الشرطة، والسماح لمرافقيهم بالاطلاع على عوراتهم، كما تم تجريدهم من نقودهم، كونها ادعاءات نابعة عن الصور المفبركة، التي صدرت في بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لضحايا في سوريا وفلسطين وتم تقديمهم على أنهم من نشطاء الريف.
وحول ما أورده التقرير من اتهامات مفادها تسجيل حالات مزعومة للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو المهينة أو الحاطة من الكرامة في صفوف المعتقلين، فإن “خبرة طبية أجريت على جل الموقوفين، سواء بطلب منهم أو من محاميهم أو تلقائيا من طرف قاضي التحقيق، ستمكن نتائجها من الوقوف على الحقيقة”، بعد رفع سرية التحقيق عنها.
ويضيف المصدر أن التقرير استعمل صياغة ملغومة تفتح الباب أمام التأويلات المغرضة عندما قدّم عدة روايات متناقضة لواقعة اندلاع الحريق في بناية مخصصة لإيواء عناصر الشرطة، بشكل يحمل على الاعتقاد بأن مسؤولية نشطاء الحراك غير قائمة خلف هذه الأحداث الإجرامية.
وعن ما أسماه التقرير بـ “انتهاك حرمة المؤسسات التعليمية”، على إثر توصل الائتلاف بشهادات تفيد استغلالها لإيواء القوات العمومية، فقد اعتبره المصدر الأمني منطقا غير سليم في صياغة التقارير الحقوقية، على اعتبار أن قوات حفظ النظام لم يتم إيواؤها في أية مؤسسة تعليمية بالحسيمة، لتزامن الاحتجاجات مع فترة الدراسة، باستثناء مرفق إداري واحد كان شاغرا.
وانتقد المصدر الأمني التجريح في صحة المؤشرات الرقمية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية بخصوص عدد المصابين في صفوف عناصر الأمن، عبر الإدلاء بأرقام منخفضة لعدد الضحايا بدعوى أنها صادرة عن المندوب الإقليمي للصحة، يؤشر على معطى أساسي وهو أن “الائتلاف ينظر إلى هؤلاء الضحايا كأرقام وبيانات إحصائية وليس كأشخاص جديرين بالحماية الحقوقية”. وهنا تظهر أولى تجليات تخلّي الائتلاف عن قواعد الحيادية والتجرد.
وأخيرا، زعم الائتلاف بأن السلطات العمومية لجأت إلى الاستعمال المفرط للعنف لفض “تجمعات سلمية”، مستعملة القنابل المسيلة للدموع وشاحنات ضخ المياه والعصي، لكن تعذر عليها تقدير عدد المصابين، في حين ان الحقيقة هي أن معظم الإصابات المسجلة كانت في صفوف عناصر القوة العمومية، “وهذا بشهادة أعضاء الائتلاف أنفسهم الذين صرحوا للإعلام بإصابة أكثر من 90 أمنيا”.
واستغرب المصدر الأمني في الختام “ازدواجية الخطاب” في تقرير الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، والتي ذهبت إلى حد تسويق إصابة الشرطيين على أنها تستفز المتجمهرين وتدفعهم إلى ارتكاب ردة فعل غاضبة إزاء السلطات العامة، وكيف أن الضحايا من جانب الشرطيين هم مجرد أرقام قابلة للتخفيض والزيادة في بورصة النضال.