استغرب بعض المتتبعين للشأن السياسي الوطني للموقف التي أبانت عنه فيدرالية اليسار الديمقراطي (الحزب الاشتراكي الموحد، الطليعة الديمقراطي، المؤتمر الوطني الاتحادي ) بترددها وعدم حسمها في الجلوس على طاولة واحدة مع عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، والملكف من طرف الملك محمد السادس بتشكيل الحكومة الجديدة.
هذا التعامل مع الدعوة الموجهة إلى نبيلة منيب ورفيقيها علي بوطوالة، الأمين العام لحزب الطليعة الديمقراطي، وعبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، من طرف قيادة حزب العدالة والتنمية، ممثلة في سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أثار بعض التساؤلات، حول ما إذا كان يفتقر إلى حس اللباقة السياسية، التي تقتضي التواصل مع كل الحساسيات السياسية المعترف بها رسميا وشعبيا، مهما كانت منطلقاتها ومرجعياتها.
الغريب أن أكثر خصوم بنكيران شراسة، ماعدا الياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، سارعوا، دون تردد، إلى مقر حزب العدالة والتنمية في حي الليمون بالرباط، لمقابلته والتحاور معه حول مستقبل التحالفات في الأفق الزمني القريب، واضعين “مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات”، حسب التصريحات المنسوبة لبعضهم.
وحتى العماري نفسه، الذي كان قد رسم خطا أحمر أمام أي لقاء أو حوار مع بنكيران بخصوص التحالف مع بنكيران، كتب مقالة قرأ الكثيرون بين سطورها، دعوة صريحة إلى المصالحة، ومد اليد للتعاون، وطي صفحة الماضي والانصراف نحو بناء المستقبل على أسس جديدة، قوامها تكريس وحدة الوطن، وتقوية جبهته الداخلية في مواجهة كل التحديات.
والكل يعرف أن فيدرالية اليسار الديمقراطي لم يكن نصيبها من تشريعيات 7 اكتوبر سوى إحراز مقعدين في مجلس النواب، فاز بهما عمر بلافريج، ورفيقه مصطفى الشناوي، في حين أخفقت نبيلة منيب في الوصول إلى الغرفة الأولى للبرلمان، رغم وجودها على رأس اللائحة الوطنية لنساء الفيدرالية، بما يعني أن الخطاب السياسي لليسار، وباعتراف بعض مكوناته، في حاجة إلى إعادة النظر فيه، شكلا ومضمونا، كي يكون له صدى واسع عند مختلف الفئات الاجتماعية، وبالتالي لدى الكتلة الناخبة.
إن رفض فيدرالية اليسار الديمقراطي تلبية الدعوة الموجهة إليها من طرف الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب، لم يكن رد فعل عفوي، بل جاء نتيجة إجماع من طرف مكوناتها الثلاث، بعد تدارس الموضوع، وفق الخبر المتداول بقوة، علما أن عبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، كان قد جمد حضوره في هيئتها التنفيذية، عقب ظهور نتائج الانتخابات التشريعية.
السياسة، كما يراها الكثيرون، هي “فن الممكن”، وإن اختلفت التفسيرات حول هذه المقولة، وهي أيضا حوار وتواصل ومقارعة للفكر، واحترام للأخر، دون إقصاء له، أو نصب الأسلاك الشائكة على الحدود، منعا لأي لقاء، فهل خطأت نبيلة منيب ومن معها في فيدرالية اليسار، التصرف برفض الجلوس مع بنكيران؟
الزميلة الإعلامية، فتيحة أعرور، وإحدى الناشطات الفاعلات في مجال دعم فيدرالية اليسار الديمقراطي، كان تفاعلها واضحا وصريحا :”لا أعتقد أن مقاطعة المشاورات مع رئيس الحكومة بالقرار الصائب، وافعلوا ما شئتم! قولوا مرة أخرى راها غير مجرد “ظاهرة فايسبوكية” ولا فعل لي في الميدان وكارية حنكها وداكشي…”
وأضافت في تدوينة لها: “قولوا لي بغيتو، ما كاين غير الازعاج، أما النضال الميداني فلن أتحدث عنه لأن مناضلي الميادين يعرفون بعضهم، والذين يعيشون في الأبراج العاجية لا يبدو له الآخرون سوى أقزام!”
والخلاصة التي توصلت إليها أعرور، بوصفها واحدة من المنتميات للصف اليساري: “سنصبح يسارا “متوحدا” إن استمرينا على هذا المنوال وديرو لي بغيتو هذا زمانكم!”.
والآن، وبعد الانتقادات التي خلفها تردد فيدرالية اليسار الديمقراطي، في تلبية دعوة بنكيران، وفي محاولة منها لاحتواء الموقف، عادت منيب لتقول إنها لم ترفض الجلوس مع بنكيران، وأن الموضوع رهن التشاور “فيما بيننا لأجل تحديد موعد سيُحدد في أقرب الآجال”.
للمزيد : منيب لـ مشاهد24: فيدرالية اليسار لم ترفض الجلوس مع بنكيران لبحث سبل التحالف