الجيش التونسي والمعركة الكبرى

بقلم: نورالدين بالطيب*

تحتفل تونس هذه الايام بالذكرى التاسعة والخمسين لبعث الجيش الوطني في ظرف خاص لم تعرفه طيلة تاريخها المعاصر، فمنذ اربع سنوات يعيش الجيش التونسي حالة استثنائية تطلبت منه جهودا مضاعفة واستثنائية للحفاظ على الدولة اولا وعلى السلم الأهلي وسلامة التراب الوطني وسيادة تونس.
لقد دفع الجيش منذ عملية الروحية الغادرة في شهر ماي 2011 عددا من خيرة ابنائه من جنود وضباط بدءا بالشهيد الطاهر العياري وصولا الى الجنود الذين سقطوا شهداء فرادى ومجموعات في معركة الدفاع على تونس في جبال الشعانبي والمغيلة والكاف ولم تغمض لرجال تونس البررة عين وهم يحرسون ترابها من اقصى جبال الكاف وطبرقة وصولا الى صحراء ذهيبة ورمادة وقصر غيلان وكل المنافذ البحرية والبرية.
ان احتفال تونس هذا العام بذكرى تأسيس الجيش له معانٍ أعمق اذ انها المرة الاولى منذ 2010 التي تحتفل فيها تونس بهذه الذكرى العزيزة برئيس منتخب من الشعب التونسي بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي استمرت اربع سنوات ولولا الجيش لضاعت الدولة وسقطت البلاد في هاوية العنف خلال الفترة الانتقالية فمساء 14 جانفي 2011 كانت تونس بلا رئيس وكانت مهددة بالفوضى والحرب الأهلية وحمامات الدم كما قال انذاك السيد محمد الغنوشي الوزير الاول الذي انسحب في صمت بعد سنوات قضاها في خدمة الدولة ولم تكن انذاك هناك اي جهة قادرة على الحفاظ على مكاسب الشعب التونسي ومؤسسات الدولة الا الجيش الوطني الذي اثبت انه جيش جمهوري جدير باحترام التونسيين ومحبتهم وتقديرهم.
لم يتدخل الجيش طوال تاريخ تونس في الحياة السياسية ولكنه كان على ذمة الدولة في كل الازمات التي مرت بها البلاد ليعود الى ثكناته بعد كل مهمة حتى وان طالت مثلما حدث بعد 14 جانفي وهي أطول فترة قضاها الجيش في الشارع حارسا للمؤسسات والمصالح الحيوية للبلاد. واليوم حان الوقت لمزيد الاهتمام بالمؤسسة العسكرية وخاصة ظروف العاملين فيها من جنود ومختلف الرتب العسكرية فسلم الاجور قياسا بالوظيفة العمومية مازال غير منصف للذين يدفعون ارواحهم دفاعا عن تونس ويحتاج الجيش ايضا الى إمكانيات اكبر لتطوير أدائه حتى يحقق مساهمة اكبر في الاقتصاد الوطني عبر بعث مشاريع فلاحية وصناعية يمكن ان تنمي مداخيل المؤسسة العسكرية والاستئناس بتجارب البلدان التي سبقتنا في هذا المجال.
بعد ستين عاما من تأسيسه يزداد دور الجيش في الدفاع عن تونس وعزتها أهمية وهو ما يتطلب تشريعات جديدة تمكن الجيش من القيام بدور اكبر في التنمية الاقتصادية في البلاد وهي المعركة الكبرى التي تواجهها تونس اليوم.

*صحفي تونسي/”الشروق”

اقرأ أيضا

مهاجرون أفارقة في تونس

“لوفيغارو”.. أكثر من 50 ألف مهاجر إفريقي في “مخيمات العار” بتونس

كشفت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، أن أكثر من 50 ألف مهاجر من جنوب الصحراء الكبرى، يقيمون في مخيمات بشمال مدينة صفاقس التونسية في انتظار العبور إلى أوروبا، ويعيشون مثل الحيوانات في ظلال أشجار الزيتون،

تونس

تونس.. أحزاب المعارضة تتكثل لمواجهة نظام قيس سعيد

تسعى ائتلافات أحزاب المعارضة في تونس إلى توحيد مساراتها وخلق أرضية تحرك مشتركة في مواجهة نظام الرئيس قيس سعيد إثر نجاحه في تجديد عهدته الرئاسية لولاية جديدة في انتخابات الرئاسة في أكتوبر الماضي.

تونس

تونس.. المعارضة تنتقد “الإنجازات الوهمية” لقيس سعيد

تنتقد المعارضة التونسية ما سمته “الإنجازات الوهمية” للرئيس قيس سعيد، على اعتبار أن أغلب الوعود التي قدمها في فترته الرئاسية الأولى لم يتم تحقيقها. ويتواصل الجدل في تونس حول افتتاح “المسبح البلدي” الذي دشنه الرئيس قيس سعيد كأول مشروع في ولايته الرئاسية الجديدة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *