في الوقت الذي كانت تسابق فيه حكومة بن كيران الزمن، لإصلاح الملفات العالقة، من أجل كسب ثقة المغاربة لولاية ثانية، بعد الانتخابات التشريعية التي ينتظر أن تنظم في الصيف المقبل، جاء ملف الأساتذة المتدربين ليفسد خلال يوم واحد مابنته الحكومة على مدى سنوات.
فالتعنيف الذي تعرض له أساتذة الغد، أول أمس (الخميس) بعدد من مدن المملكة، وعلى وجه الخصوص بإنزكان، والذي أظهرت فظاعته عشرات الصور المتداولة على صفحات ”فيسبوك” وكذا المواقع الإلكترونية، جر على الحكومة غضبا شعبيا، لايعلم أحد ماذا يمكن أن يحمل في القادم من الأيام.
الحقوقيون والسياسيون كما المثقفون والبرلمانيون، أدانوا أسلوب التدخل الأمني العنيف في حق أساتذة سيحملون مشعل التعليم، كانوا يمارسون أحد الحقوق التي يضمنها الدستور المغربي، وهي حق التظاهر بشكل سلمي، وطالبوا بمثول محمد حصاد وزير الداخلية وعبد اللطيف الحموشي مدير الأمن الوطني تحت قبة البرلمان، لتفسير أسباب هذا التصرف.
وفي ظل هذا التطور الذي أربك حسابات الحكومة، وحاولت التنصل منه، إذ صرح مصطفى الرميد وزير العدل والحريات بأن لاعلم له بهذا التدخل الأمني، ومن جانبه قال مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، إنه أمر مؤسف وغير مقبول، اغتنمت أحزاب المعارضة، وبالتحديد الاستقلال والاتحاد الاشتراكي الفرصة، للرجوع للمشهد السياسي بعد انتكاسة استمرت منذ 4 سبتمبر، وذلك من خلال ورقة أحداث 7 يناير 2016.
حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال وادريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، استبدلا خلال لقاء جمعهما بممثلي الأغلبية نبيل بنعبد الله ومصطفى الخلفي، مساء تدخل إنزكان، كل أوراق الإخفاقات التي كانا سيشهراها لإظهار فشل الحكومة، مثل ملف صندوق التقاعد وتجميد الحوار الاجتماعي، بورقة الأساتذة وقالا بصوت واحد ”حرام مايجري قي حق الأساتذة”.
وحينها صفق الجميع وتعالت الهتافات، لاغية في لحظات كل حديث عن إصلاحات وإنجازات، واضعة بن كيران ووزراءه في قفص الاتهام، فهل يبعد ملف الأساتذة المتدربين الحكومة الحالية من ولاية ثانية، ويقرب الغريمين شباط ولشكر من مراكز القرار؟
الوقت وحده يحمل الإجابة، ولقاء حصاد والحموشي بنواب الأمة ربما يوضح الجزء الخفي من الصورة.