ما إن وافق الملك محمد السادس، على الدعوة التي وجهت له للمشاركة في قمة “الهند – إفريقيا”، حتى استبشرت الهند، البلد البعيد عنا جغرافيا، خيرا، تبعا لما تناقلته وسائل إعلامها. فالضيف في منظور الدبلوماسية الهندية، إستراتيجي وجد مهم، لاسيما في الظرفية الراهنة. أين تكمن هذه الأهمية؟ وماذا سيجني المغرب من هذه المشاركة؟.
العلاقة بين المغرب والهند ليست وليدة اللحظة، بل ترجع إلى القرن الرابع عشر، عندما قام الرحالة المغربي ابن بطوطة برحلة إلى الهند، حيث قضى بها عشر سنوات، كتب خلالها عن تجربته في مؤلفه الشهير “الرحلة”.
مرت قرون وقرون، وبقيت العلاقة بين البلدين جد وطيدة، فالهند وكما يعلم الجميع، هو أكبر مستورد للفوسفاط، والذي يحتل صدارة العرض التصديري في المملكة المغربية، لكن هناك من يعتبر أن المملكة المغربية تسعى بمشاركتها هذه تنويع اقتصادها خارج صادرات الفوسفاط، من خلال توسيع قاعدة صناعة السيارات وقطاع الطيران وغيرها، بهدف خفض نسبة اعتماده على الأسواق الأوروبية، بما في ذلك شريكيه التاريخيين فرنسا وإسبانيا.
إقرأ أيضا: الملك محمد السادس يسافر إلى الهند بأجندة مهمة
“مشاركة المغرب في قمة “الهند – إفريقيا”، بحضور الملك محمد السادس، سيجني من وراءها بلدنا الكثير على المستوى الاستراتيجي، والسياسي، والاقتصادي. فالدبلوماسية المغربية، أدركت أن الاكتفاء بالارتباط إستراتيجيا مع حليف واحد، هو شيء غير محمود في العلاقات الدولية”، يقول محمد الفتوحي أستاذ باحث في العلوم السياسية، والذي أبرز من خلال تصريحه لـ”مشاهد24، مدى أهمية الزيارة التي قام بها العاهل المغربي لدولة الهند، مستطردا حديثه قائلا :”الكل يعلم أن الهند تحضر بقوة في قلب إفريقيا، إذ تعتبرها أرضا عذراء يمكن استغلالها في المستقبل، وبالتالي، المغرب يمكنه أن يشكل منصة مركزية لإعادة توجيه العلاقات عبر جنوب الصحراء، ومنطقة الساحل، وهو دور أشادت به حتى الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال على المستوى الاقتصادي”.
واستطرد الفتوحي، أن “الهند تعيش طفرة فريدة من نوعها على مستوى النمو الاقتصادي، فهي تتطور بتكلفة منخفضة، الشيء الذي جعلها تشكل تحديا كبيرا لكافة الدول المنافسة لها”، فهي الدولة الوحيدة، يضيف المتحدث ذاته، “التي تتوفر على فائض في الميزان التجاري، وبتالي من مصلحة المغرب أن يربط علاقات مع الهند، من أجل تطوير منتجاته وإمكانياته والتي ستفضي لا محالة إلى تطور المغرب على المستوى الإقليمي”.
ويرى بعض المتتبعين للشأن الدولي، أن اهتمام الهند بإفريقيا، يخفي رغبة جامحة في البحث والاستحواذ على مصادر الطاقة، والسلع الأساسية المتواجدة بالقارة السمراء، لاسيما النفط والمواد الأولية، لكن من جهة أخرى، هناك من يرى بأن هذه الدولة، تريد أن تقدم نفسها لإفريقيا كبديل لسياساتها المحلية التقليدية، ولعلاقاتها الخارجية ولممارساتها الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فرض نفسها كنموذج لعولمة جديدة قادمة من بعيد.
لكن قبل هذا أو ذاك، علاقات الصداقة والتعاون التي غذتها السنون، بين نيوديلهي والرباط، لم تشبها شائبة أو تعترضها مشاكل أو صعوبات، رغم بعد البلدين الجغرافي.
قمة المستقبل!
الدورة الثالثة لقمة “الهند- إفريقيا” 2015، التي تشهدها نيودلهي اليوم، بمشاركة 54 دولة إفريقية، من بينها المغرب، تجمع مجموعة من الخبراء، من أجل رسم خارطة طريق مستقبلية للعلاقات الهندية الإفريقية، وبحث سبل تطوير علاقات التعاون الاقتصادي بين الهند وبلدان إفريقيا.
ويشارك في هذه القمة المستمرة أشغالها حتى يوم 29 أكتوبر الجاري تحت شعار “شركاء في التقدم: نحو جدول أعمال إنمائي فارق وفعال”، عدد هام من قادة الدول والحكومات من مختلف دول إفريقيا.
ويتضمن برنامج الدورة الثالثة للقمة الهندية الإفريقية، فضلا عن لقاء الخبراء، اجتماعا لوزراء خارجية الهند وإفريقيا يومه الثلاثاء، على أن تختتم أشغال الدورة يوم الخميس المقبل، بعقد اجتماع يضم قادة الدول والحكومات المشاركة.
للمزيد: ما الذي جعل الملك محمد السادس يغير مكان إقامته بالهند؟