وزير المالية يعتبر العبث بالمال العام مسألة شخصية! فقد قال: إن بيع شركة زجاج وهران “أوفال” لشركة فرنسية بثمن رمزي، وقيام الشركة الفرنسية بإعادة بيع ما اشترته من الحكومة الجزائرية إلى شركة أمريكية بالشيء الفلاني! اعتبر وزير المالية هذه العملية المشبوهة قضية شخصية وليست عامة!
نفس العملية تمت مع شركة “أوراسكوم” التي اشترت مصنع الإسمنت من الجزائريين بثمن رمزي وأعادت بيعه للفرنسيين بعد ذلك بالشيء الفلاني! ترى لماذا لم تمارس الحكومة الجزائرية حق الشفعة في مثل هذه الصفقات؟! أو مارستها باحتشام؟! هل لأن العملية هي صورة من صور الاستيلاء على المال العام بواسطة التحايل التجاري؟! لأن نافذين في السلطة يملكون أسهما في الشركات التي اشترت الأملاك من الجزائريين؟!
المزيد: أين تذهب أموال الجزائريين؟
يمكن أن نفهم أو نتفهم قولة الوزير: “قضية خاصة” عن مثل هذه الصفقات المشبوهة لو لم تكن للمسؤولين في الدولة علاقة استفادة من مثل هذه الصفقات.. لكن يمكن أن نعتبر ما قاله الوزير هو فعلا “قضية خاصة” إذا سلمنا بأن السلطة الحالية فعلا قد محت أمامها الفروق بين المال العام والمال الخاص!
وزراء بمثل هذا المستوى هل سنطمئن لهم على تسيير الأزمة الخانقة التي دخلتها البلاد! وبأي كفاءة سيتفاوضون مع صندوق النقد الدولي إذا ما ذهبت البلاد إلى الاستدانة كما بشرنا بذلك سلال.
المزيد: سلال: الوضع ليس كارثيا..وغزالي يرد:تكذبون على الشعب
وزير الداخلية هو الآخر وجد حرجا في الحديث عن موضوع مدني مزراڤ.. وقال الوزير (بصعوبة) إنه سيطبق على مزراڤ القانون؟! ودعا محدثيه إلى عدم استباق الأحداث!
ونحن بدورنا نتساءل: هل باستطاعة وزير الداخلية أن يعاقب مزراڤ على اجتماعه دون ترخيص في جبال جيجل.. ويحاسبه بأثر رجعي بعد أن سكت عليه لحظة قيامه بالاجتماع في الشلف ثم جيجل؟! أم ينتظره حتى يقدم طلب الحصول على رخصة حزب ويطبق عليه القانون بالمنع؟! أي قانون هذا الذي سيطبقه وزير الداخلية على مزراڤ وهو يجتمع برئيس ديوان الرئيس في مكتب رئيس الجمهورية ليضع معه مواد الدستور الذي هو أم القوانين؟! كيف يسمح وزير الداخلية لمزراڤ بأن يضع مواد الدستور ولا يسمح له بالاجتماع في جبال جيجل بالخارجين عن القانون مثله؟!
الحكومة الجزائرية أصبحت فعلا لا تعرف ما تفعل، لأن كل أفعالها خارج القانون، فهي تتم وفق نزوات الحاكم أو الحكام وليس وفق القانون! وهذا فعلا ما فهمته من قولة وزير الداخلية في موضوع مزراڤ “لا نسبق الأحداث”، فالأحداث قد تكيّف حسب نزوات الحكام وحسب تكييف القوانين وفق هذه النزوات! وبالتالي ما كان ممنوعا بالقانون سيصبح قانونا رغم أنف وزير الداخلية إذا توافق ذلك مع نزوات الرئيس؟!
المزيد: الحكومة الجزائرية والشلل المحيّر!
شخصيا، لا أتصور ما قام به مزراڤ في جبال جيجل والشلف، وما سيقوم به في إطار بعثه لحزبه، أشد خطورة من لقائه بالرجل الثاني في رئاسة الجمهورية والتحادث معه باسم الرجل الأول في البلاد حول القانون الأول في البلاد.
مزراڤ الذي يضع الدستور من حقه أن ينشئ الحزب الذي يطبق هذا الدستور.. ووزير الداخلية إذا أراد معاقبة مدني مزراڤ عليه أن يعاقب أويحيى ومن أمر أويحيى باستقبال مزراڤ في رئاسة الجمهورية. هذا هو القانون وماعداه فهو عبث في عبث!
*صحفي جزائري/”الخبر”