العنف واللاعنف.. متى عربيّاً وكيف؟

كيف يمكن فهم دعوة البعض في المنطقة العربية لاعتماد «مبدأ اللاعنف» بينما هناك احتلال عسكري إسرائيلي لفلسطين ولأراضٍ عربية أخرى، وهناك أيضاً جماعات تطرّف مسلّحة كـ «القاعدة» و«داعش» تمارس الإرهاب والقتل العشوائي بحيث لا يمكن مواجهتها عبر أسلوب «اللاعنف».

المزيد: مقاومة الإرهاب والمسالك الخاطئة


وأجد فعلاً أن هذا الموضوع يحتاج إلى الُتوقَّف عنده، خاصّةً أنّ مسألة «العنف» يحصل فيها تطرفٌ في اتّجاهين: اتّجاهٌ يستبيحه في كلّ مكان، وضدّ الجميع (مدنيين وعسكريين)، وهذا أسلوب «الإرهاب». أمّا الاتّجاه الآخر المتطرّف والمناقض للاتّجاهٌ الأول فهو يعتمد مقولة «اللاعنف بالمطلق» حتّى ضدّ من يحتلّ الأرض أو يمارس القتل والظلم والإرهاب.
ونجد في التاريخ وفي الحياة المعاصرة من هم ضدّ العنف كمبدأ، ولا يقبلون أيَّ تبريرٍ له حتى لو كان الدفاع عن النفس، ويصرّون بالمقابل على استخدام أسلوب المقاومة السلمية كوسيلة لتحقيق أهدافهم، كالمهاتما غاندي ورجل الدين المسيحي الأميركي مارتن لوثر كينغ الذي قُتل وهو يدعو إلى المقاومة المدنية اللاعنفية.
واللافت للانتباه، أنّ هذه النماذج من دعاة مبدأ اللاعنف قد اختاروا العذاب أو الموت على يد خصومهم، ولم يطالبوا أتباعهم بعمليات «انتحارية» بينما هم بأوكارهم مختبئون!!
وفي مقابل هذه «المدرسة اللاعنفية» عبر التاريخ، مارست حكومات وجماعات عديدة في العالم، على مرّ الزمن، أسلوب العنف بأبشع صوره، ومن دون تمييزٍ أيضاً بين مقاتلين ومدنيين أبرياء.

المزيد: هل من سبيل غير العنف؟

في تقديري، فإنّ واقع الحال البشري يحتّم وجود “مقولة ثالثة” أو «اتّجاه ثالث» يضبط استخدام «العنف» ويحصره فقط -على المستوى الجماعي – بحقّ المقاومة ضدّ الاحتلال، وضدّ العسكريين المحتلّين، وعلى الأرض المحتلّة فقط. أمّا بالنسبة للأفراد، فهناك حقٌّ قانوني عالمي يعطيهم «حقّ الدفاع عن النفس» حينما يتعرّضون لمحاولة القتل.
وحول مواجهة الجماعات الإرهابية، فهي بتقديري من مسؤولية القوى الأمنية في الدول التي توجد فيها هذه الجماعات، وحيث من المهمّ وجود ضوابط ومراجع قانونية لعمل هذه القوى..
وحيث الفرز مطلوبٌ أيضاً بين مواجهة من يستخدمون العنف المسلح (من الإرهابيين أو حتّى المعارضين) وبين من هم يعارضون سياسياً وسلمياً، ولهم الحقّ بذلك في أيّ مجتمع يحرص على توفير وضمان الحرّيات العامة للناس، بما فيها حقّ المعتقد والرأي والقول.
والمشكلة الأبرز الآن هي استخدام العنف بكل أشكاله من قبل جماعات وحركات تحمل أسماء إسلامية بينما الإسلام منها ومن ممارساتها براء. وفي القرآن الكريم: «منْ قتَلَ نفْساً بغيْر نفْسٍ أو فَسَادٍ في الأرضِ فكأنّما قتلَ النَّاسَ جميعاً، ومَنْ أحْياها فكأنّما أحيا الناسَ جميعاً» (سورة المائدة/الآية 32)، إذن، في الإسلام مفاهيم وضوابط واضحة لا تقبل بأيِّ حالٍ من الأحوال قتْل الأبرياء مهما كانت الظروف والأعذار حتى ولو استخدم الطرف المعادي نفسه هذا الأسلوب.
العنف المسلّح الداخلي يُولّد مزيداً من الأزمات الأمنية والسياسية، ولم ينجح في أيِّ مكان بتحقيق مجتمعاتٍ موحّدة مستقرّة.

المزيد: لماذا هذا العنف باسم الإسلام؟!

إنّ المعارضات العربية معنيّة بإقرار مبدأ نبذ العنف في العمل السياسي، واتّباع الدعوة السلمية القائمة على الإقناع الحر، ثمّ التمييز الحازم بين معارضة الحكومات وبين تهديم الكيانات.
تُرى لِمَ لا يتّم التوافق عربياً على أنّ «التفاوض هو الأسلوب الوحيد لحلّ النزاعات العربية».

*مدير «مركز الحوار العربي» في واشنطن/”البيان”

اقرأ أيضا

مكافحة الإرهاب

كان يحضر لعمليات إرهابية.. توقيف “داعشي” بإقليم سطات

تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، على ضوء معلومات استخباراتية وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، صباح أمس الأحد، من توقيف عنصر حامل للفكر المتشدد الذي يتبناه تنظيم “داعش” الإرهابي،

عقلها المدبر وأفرادها.. “البسيج” يكشف معطيات جديدة عن الخلية الإرهابية التابعة لـ”داعش”

كشف المكتب المركزي للأبحاث القضائية، اليوم الاثنين، عن معطيات جديدة بخصوص الخلية الإرهابية التي جرى إحباط مخططها بالغ الخطورة ضد المغرب بتحريض من فرع "داعش" بمنطقة الساحل الإفريقي.

تفكيك خلية إرهابية.. كشف قاعدة خلفية للدعم اللوجيستيكي تضم أسلحة كلاشينكوف ومسدسات

مكنت الأبحاث والتحريات التي يباشرها المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في إطار البحث الجاري على خلفية تفكيك خلية إرهابية مرتبطة بتنظيم داعش بمنطقة الساحل، من رصد معلومات ميدانية معززة بمعطيات تقنية حول وجود منطقة جبلية، يشتبه في تسخيرها كقاعدة خلفية للدعم اللوجيستيكي بالأسلحة والذخيرة الموجهة لأعضاء هذه الخلية من أجل تنفيذ مخططاتها الإرهابية.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *