لست ادري من صاغ عبارة” الغضبة الملكية” لتفسير عدد من القرارات والمبادرات الهامة التي يقدم الملك محمد السادس في مجال تحديد مسارات اقتصادية او سياسية او تصحيحها وإعادة النظر في هذا البعد او ذاك من ابعادها الجوهرية.
المزيد: غضبة ملكية تبعد وحدات الدرك من حراسة القصور والإقامات
ولقد يجد المحلل السياسي نفسه امام مثل هذه العبارة او ما يجري مجراها محاطا بسؤال جوهري ملح يدور حول مغزى نحت هذه العبارة، ان صح التعبير، ومحاولة قراءة عدد من المبادرات الكبرى على ضوئها، مع العلم انها عبارة لا علاقة لها بقاموس السياسة بمعناها العلمي والمتعارف عليه في آن واحد، وانما تنتمي في حقيقتها الى قاموس المزاج الشخصي غير القادر على تحليل الظواهر السياسية والمبادرات ذات البعد النقدي والإصلاحي على شاكلة ما جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش الأخير من نقد لسلوك بعض قناصل المغرب في مختلف بلدان العالم، تجاه المواطنين المغاربة في تلك البلدان وتجاه الالتزام بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم في خدمة الجالية المغربية وخدمة قضايا المغرب الاساسية بدل التفرغ لخدمة اهدافهم الشخصية او السياسية الحزبية الضيفة على حد سواء.
المزيد: بعد الغضبة الملكية على القنصليات..مزوار يدعو إلى رفع العراقيل عن الجالية المغربية
فما جاء في خطاب العرش ينم عن ادراك عميق بطبيعة المشاكل التي تواجه المواطنين المغاربة في المهجر وهو دعوة الى اعتماد سياسة منهجية صارمة في التعاطي مع مشاكل الجالية تتمحور حول كرامة المواطنين التي ينبغي ان تكون ذات الاولوية القصوى في كل سياسة يتم اعتمادها في هذا المجال.
وبطبيعة الحال، فإن توجيها يقوم على هذا التصور ليس قابلا للتفسير من خلال عبارات “الغضب” وإنما من خلال ادراك للمسؤولية وحرص على ممارسة الصلاحيات التي تعود الى رئيس الدولة في السهر على معالجة الاختلالات ووضع اليد على مكامن الضعف والقوة في السياسات المتبعة في هذا المجال او ذاك، باعتبار الدولة مسؤولة بمختلف مؤسساتها ومستوياتها عن تدبير الشأن العام بِمَا يخدم مصلحة المواطن والمصلحة العليا للبلاد.
لذلك لا يبدو لي ان عبارة ”الغضبة الملكية” غير موفقة على طول خط اي تحليل سياسي موضوعي بل تزري به أيضاً.
*كاتب مغربي