في مثل هذه المناسبات يكثر الحديث عن التكريم فننساق وراء عملية تشريف روتينية بدت مع الأيام ومع الأحداث عملية بلا معنى وبلا مضمون… عملية خالية من أية روح… فأي معنى يكون لتكريم أشخاص مسؤولين أو مسؤولات في زمن يبقى فيه الوطن الأحق والأجدر منا بالتكريم… والأحوج من الجميع الى لفتة تكريمية من كل ابنائه تتجلى في التفافهم الكامل واللامشروط حوله لانتشاله من حافة الهاوية وصون حاضره ومستقبله من كل المخاطر والتهديدات الظاهرة والخفية المتربصة به.
المزيد: تونس… عدالة في المزاد العلني
وفي باب تكريم تونس، فإن الوطن يحتاج منا الى سلسلة تكريمات لا تكاد تنتهي… وتكاد تمسّ كل المجالات والميادين.
الوطن يحتاج منا الى تكريمه بتخليصه من براثن الارهاب. وهذا التحدي يتطلب التفاف كل التونسيين والتونسيات المؤمنين بهذه الارض الطيبة والمعتزين بالانتماء إليها حول هذا الهدف النبيل… بعيدا عن كل ما نراه من حسابات سياسية وفئوية وجهوية وفكرية فعلت فعلها في جدار الوطن وتركت ثغرات بدأ ينفذ منها شيطان الارهاب ليبث سمومه ويجد له مريدين بين ظهرانينا تطوعوا لنشر شروره وتوفير أرضية خصبة لانتشار هذا المرض الخبيث.
المزيد: تونس ترفع شعار “الأمن قبل الاقتصاد ” لمواجهة الارهاب
الوطن يحتاج منا الى تكريمه بدعم مؤسساته الامنية والعسكرية والالتفاف حولها بإخلاص وبعيدا عن كل التجاذبات المخجلة التي نراها والتي تربك وتعيق عمل هذه المؤسسات بشكل يوفر لأعداء الوطن والشعب هوامش للمناورة ومجالات للتحرك والحاق الأذى بأمن البلاد وباستقرارها وهما قارب النجاة.
الوطن يحتاج منا الى تكريمه بانعاش اقتصاده وبردّ الاعتبار لقيمة العمل وبمضاعفة الجهد والعطاء وبتقديم التضحيات اللازمة لإعادة عجلة الاقتصاد الى نسق دورانها العادي بما يمكّن من خلق مواطن شغل لمئات آلاف التونسيين ومن تمويل جهد تنموي تحتاجه كل جهات البلاد لانتشالها من براثن التخلف والخصاصة والاقصاء.
الوطن يحتاج منا الى تكريمه بإصلاح التعليم بكل مستوياته لتكوين ناشئة متجذّرة في اصالتها ومتمكنة من ناصية العلوم والتكنولوجيا تكون قادرة على منافسة الدول الراقية في مجالات العلوم والمعرفة…
عملية الإصلاح هذه يفترض أن تمتد وتعمم لتشمل كل ميادين العمل ومجالات الحياة حتى نوفر أرضية ملائمة لانطلاق الأدمغة والسواعد التونسية في مجالات الفعل والإنجاز بما يمكّن من إنقاذ البلاد من كل المخاطر التي تتهدّدها وبما يُعيد الأمل والثقة في المستقبل الى ملايين التونسيين الذين لم يعودوا يصدّقون عيونهم وهم يرون كل هذه الانهيارات تحدث فيما السّاسة يختلفون ويتصارعون ويتجاذبون.
فلنتوجّه جميعا الى هذه الجبهات الحقيقية التي سوف تعتبر أفضل تكريم لتونس الأحق منّا جميعا بكل صنوف التكريم.. والتي لا معنى لكل تكريمات الدنيا إن لم نصن حاضرها ومستقبلها ولم نخلّصها من كل المخاطر والتهديدات.
*صحفي تونس/”الشروق”