بقلم: نورالدين بالطيب*
تعول وزارة السياحة على إنقاذ الموسم السياحي من البوابة الجزائرية فالعدد المأمول للسياح الجزائريين يصل الى مليوني سائح وهو ما سيمكن تونس من إنقاذ نسبي للموسم السياحي الذي لن يتخلص بسهولة من تبعات الجريمة الإرهابية في متحف باردو.
تدفق السياح الجزائريين على تونس يترجم عمق المودة بين الشعبين وهي مودة ليست جديدة في الحقيقة اذ كانت تونس والجزائر دائما كيانا واحدا وهو ما مكن البلدين من تجاوز محن كثيرة باقل ما يمكن من الخسائر ويكفي ان نستحضر الدور الذي قامت به تونس في التسعينات لمساعدة الجزائر على مواجهة الاٍرهاب الذي گلف بلاد المليون شهيد وابطال الأوراس عشر سنوات من الدم والاغتيال والارهاب ولولا الجزائر وما قدمته من دعم مالي ولوجستي لما نجحت تونس في التخفيف من كلفة اربع سنوات ونصف من ترهل الدولة وهشاشة الأجهزة الأمنية فالجزائر تساهم من خلال التنسيق الأمني مع الأجهزة التونسية في حماية الشريط الحدودي المشترك وهو ما مكن من الإطاحة بعديد الشبكات الإرهابية وتفكيكها.
وتلتقي الجزائر وتونس اليوم في مواجهة مخاطر انهيار الدولة في ليبيا واحتداد الاقتتال بين المليشيات والمجموعات الإرهابية التي ترفض الاعتراف بشرعية مجلس النواب وحكومة طبرق المنبثقة عنه والمعترف بها دولي وحسب التقارير المتطابقة فان بلاد عمر المختار تتحول تدريجيا الى قاعدة خلفية لأكثر التنظيمات تطرفا مثل داعش والقاعدة ومشتقاتهما .
ان الخطر واحد والتنسيق التونسي الجزائري يجب ان يتجاوز المحطات الظرفية والتنسيق الذي تفرضه الظروف الطارئة حتى يتحول التعاون الى نموذج للتنمية المشتركة ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فمواجهة المخاطر القادمة من ليبيا تمر حتما عبر احياء الشريط الحدودي من اقصى جبال شواطىء طبرقة من ولاية جندوبة وجبال الكاف الى اقصى صحراء رجيم معتوق من ولاية قبلي مرورا بولايات قفصة والقصرين وتوزر .
فمعركة الامن الإقليمي معركة مشتركة تماماً كمعركة الاستقلال التي تمازجت فيها الدماء التونسية والجزائرية ومعركة الاٍرهاب في التسعينات وصولا الى هذه المعركة الاكثر شراسة من كل المعارك السابقة لانها تستهدف تفكيك الدولة وإعادة رسم الخارطة في منطقة شمال افريقيا .
وانحدار الرئيسين الباجي قائد السبسي وعبدالعزيز بوتفليقة من الحزبين اللذين قادا معركتي الاستقلال وبناء الدولة كفيل بأن يطور هذا التعاون ويحوله الى تعاون مثالي فعليا وليس في مستوى الشعارات وعلى وزارة السياحة والداخلية ان يحسنا وفادة الاشقاء الجزائريين بتحسين خدمات المطارات والمعابر الحدودية لان وصول أعداد كبيرة من الجزائريين تحدث عادة اكتظاظا وطوابير لابد من تلافيها لتنشيط السياحة بين بلدين شاءت الجغرافيا والتاريخ ان يكون مصيرهما مشتركا ومعركتهما واحدة من مقاومة الاستعمار وبناء الدولة الى مواجهة داعش وتنظيمات القتلة .
*صحفي تونسي/”الشروق”