الثورة الجزائرية… هل انتهت؟

هل انتهت الثورة الجزائرية؟ سؤال صعب لا يكاد يطرحه “علنا” أي أحد من النخبة الجزائرية، وهذا الخجل أو السكوت يوحي بحد ذاته إلى شيء من التواطؤ مع “دفء” الثورة ولا بأس -عند البعض- أن يقيم لها مقرا ضخما فارغ المحتوى كمعظم هياكل إداراتنا.
والمضحك المبكي أن السياسيين الجزائريين أو قل النخبة السياسية التي “أبعدت” الدولة بعد أن سيطرت عليها، عن الثورة، تلجأ منذ سنوات قليلة إلى المثقفين أو قل النخبة الثقافية ليكتبوا التاريخ الوطني وعلى الخصوص تاريخ الثورة، وهي التي لطالما همشت، بل أذلت المثقفين الجزائريين فعاش الكثير منهم ردحا طويلا من الزمان خارج البلد أمثال مفدي زكرياء ومالك بن نبي.
ومن الواضح أن النخبة السياسية منذ عام 1959 بدأت تتخلى عن قيم الثورة كما عبر عنها بيان أول نوفمبر 1954 لصالح مواصفات الدولة، وعجزت هذه النخبة السياسية عن إيجاد الخيط الرابط بين الدولة والثورة، فهذا الرابط هو المجتمع، وهكذا صار المجتمع في واد والدولة في واد آخر، بل أن المجتمع سبق الدولة في أحايين كثيرة، حيث أن النخبة السياسية أقامت نظاما ليس فيه الكثير من مواصفات الدولة السياسية وليس فيه إلا القليل من مواصفات الثورة الاجتماعية، وكانت الحصيلة الصاحبة وكأنها من خارج بيان أول نوفمبر الذي بشر بالدولة الديمقراطية الاجتماعية.
فقد وجه الشباب الثورة نحو الرياضة فحصدنا العنف، لأن الرياضة قدمت على أنها عراك تنافسي وليس فعلا أخلاقيا، وأبعد الشباب عن العقل الديني، فسقطوا في العقل الطائفي، أبعدوا عن الإنتاج وقيمة العمل في سلوك الحثالة، حيث اللصوصية والقتل لأتفه الأسباب والجري اللامتناهي وراء المال فاكتشفت النخبة السياسية أنه ليس هذا المجتمع الذي صنعته يداها هو الذي يحميها أو يحافظ على وجودها واستمرارها، فإن أكره ما يكرهه مجتمعنا الجزائري هو هؤلاء السياسيين الذين صنعوه وهم اليوم ليسوا أكثر من صور للفرجة في صندوق العجب.
وابتعدت النخبة السياسية في سياستها الدولية عن الدول العربية، وكان القصد هو الابتعاد عن الشعوب العربية والثقافة العربية والمحيط الحضاري العربي – الاسلامي، واقتربت من أوروبا ثقافة وتجارة وسياحة، ظنا منها أن أوروبا ستستقبلها وترحب بها، ولم تستفد من التجربة التركية، حيث رغم مرور حوالي قرن على تقبيل استمبول للقدم الأوربي، عادت خائبة وها هي تسعى للعودة إلى محيطها الاسلامي، أما نحن فلازلنا البقرة الحلوب لفرنسا واتهمتنا في جرائم ارتكبها شبان ولدوا وعاشوا وتعلموا على أرضها، بل أرادت أن تعيد أحداثهم إلينا.. فهي لم تقبلهم رغم أنها هي التي ربتهم فاكتشفت النخبة السياسية عندنا أن هذه الدولة التي صنعتها ليست دولتها أيضا، فالإدارة خالية من قيم الثورة ومن مواصفات الدولة على حد سواء، فقد تعاملت مع الثورة على أنها انتهت، ومع المجتمع على أنه انقرض أو في الأفضل انقراضه، فهل يتمكن المثقفون الجزائريون أو النخبة الثقافية نسيان جراح تهميشهم العميقة والطويلة وينقذون المجتمع والدولة، أم أن الأمر انتهى وصار الوقت متأخرا؟
سؤال للمثقفين الجزائريين!

*كاتب وإعلامي/”الشروق” الجزائرية

اقرأ أيضا

محاولة جزائرية فاشلة لاستنساخ “صنصال” مغربي!!

في محاولة تقليد فاشلة، انتهت كالعادة بجلب سيل من السخرية على جنرالات النظام الجزائري، مدنيين وعسكريين، قام "جهابذة" النظام العسكري بمحاولة توريط السلطات المغربية في اتخاذ ردود أفعال مشابهة لما اتخذتها السلطات الجزائرية بحق الكاتب الجزائري- الفرنسي بوعلام صنصال، ردا على آرائه التي عبر عنها لإحدى المجلات الفرنسية، والتي اعتبر خلالها أن وهران وتلمسان، وليس فقط الصحراء الشرقية كانت تاريخيا تحت السيادة المغربية، وأن سلطات الجزائر نقضت وعودا قطعتها بإعادة المناطق المغربية التي ألحقتها فرنسا ظلما وعدوانا بجغرافيا الجزائر إلى الوطن الأم، المغرب، بعد أن تتحرر الجزائر، وهو الوعد الذي تنصلت منه وقاد إلى حرب الرمال التي لا تزال تشكل عقدة عند جنرالات الجزائر.

الشبكة الإجرامية

ناشط صحراوي يدعو المجتمع الدولي إلى تحميل الجزائر مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان بمخيمات تندوف

دعا مدافع صحراوي عن حقوق الإنسان، اليوم الخميس بجنيف، المجتمع الدولي إلى تحميل الجزائر مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة بمخيمات تندوف (جنوب غرب الجزائر)، ووضع حد للإفلات من العقاب الذي يحظى به زعماء “البوليساريو”.

قطاع التعليم بالجزائر على صفيح ساخن.. قرارات قمعية للي أذرع الأساتذة

يعيش قطاع التعليم بالجزائر على صفيح ساخن، حيث عمدت الوزارة الوصية إلى لي ذراع الأساتذة بقرارات قاسية بسبب إجراء يتعلق بنقاط الفصل الثاني من السنة الدراسية 2025/2024.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *