متظاهرو تونس و.. مصر!

بدل أن يخاطب الرئيس عبد الفتاح السيسي المصريين مباشرة، خاطبهم من خلال التونسيين، عندما ناشدهم العودة إلى الهدوء وعدم الإصغاء إلى دعاة التخريب، قائلا إن الوضع الاقتصادي صعب في كل العالم. لقد أصبحت الدعوة إلى العقل في العالم العربي عملاً شاقًا، ويبدو أن الخراب يستثير الغرائز. لا وقت لدى الجماهير للتفكير. إنها تريد من السماء أن تُمطر المعجزات. وتريد زعماء يسلونها في الساحات والميادين ولا يغيبون عنها في مكاتبهم. لكن أي معجزة ستؤمن مئات آلاف الوظائف والأعمال إذا كان معدل الولادات في مصر 5600 ولادة في اليوم الواحد؟ لا الاقتصاد الألماني، ولا الأوروبي مجتمعًا، يستطيع أن يواجه هذه النسبة من الضغط.
ألقى الرئيس السيسي بكلمة في مناسبة يوم شهداء الشرطة. الرجال الذين قُتلوا في حروب الغدر الداخلية. وكان من عادة رؤساء مصر عندما يتحدثون عن الشهداء أن يكون ذلك عن ضحايا الصراع العربي الإسرائيلي. لكن أعداء الاستقرار نقلوا المعركة إلى الداخل. والذين أطاحوا نظام مبارك لم يقدموا البديل المثالي. والذين أطاحوا نظام بن علي في تونس ظنوا أن الحرية هي في إحراق المؤسسات وإغلاق العاصمة. لقد أطاحوا معه مداخيل البلاد واغتالوا صناعتها السياحية، ولم يقدموا مشروعًا بديلاً واحدًا.

إقرأ أيضا: الهجمات الإرهابية…ضربة موجعة للسياحة بتونس ومصر

الثورة ليست حرائق وهتافات، بل مسؤولية كبرى. والثورة التي لا تقدم بديلاً أفضل هي مغامرة أسوأ. ولا بد للجماهير العربية أن تعتاد على أنها شريكة في المسؤولية أيضًا، وأن عليها أن تُدرك معنى التخريب والعنف وشل أعمال الدولة. لا يمكن لأي معجزة اقتصادية أن تؤمن صباح كل يوم 5600 رغيف إضافي، ومقعد مدرسي إضافي، وزجاجة حليب وثوب ووظيفة وغرفة في منزل، أو في مقبرة في ضواحي القاهرة.
تعاني اليونان أزمة اقتصادية أعمق وأسوأ من أزمتي مصر وتونس. لكن اليونانيين لا يرون الحل في تحطيم معالم الدولة ومظاهر الوطن، ولا في الانصراف إلى التسابق على الخصب في المخيمات. ولا في تخصيب أجيال «جديدة»، إما تحطم في الشوارع، أو تلاحق النساء في المترو والباصات والشوارع والساحات، وتحول حياتهن إلى جحيم يومي.
يجب أن نعطي الدولة فرصة البحث – معنا – عن حلول وعمل ونمو. أما حين يكون معدل النمو 2 في المائة في العام، ومعدل الولادات – في اليوم الواحد – 5600، فسوف تمتلئ الشوارع والمدافن وباصات التحرش على نحو لا يطاق.

كاتب لبناني/”الشرق الأوسط”

اقرأ أيضا

تونس

تونس.. تساؤلات بشأن مصير أحزاب معارضة في ظل سجن قادتها

يقبع عدد من زعماء الأحزاب السياسية المعارضة في تونس في السجن، وبعضهم يواجه تهما خطيرة أبرزها "التآمر على أمن الدولة" وهو ما يثير الكثير من الأسئلة والتكهنات في الأوساط التونسية بشأن مصير هذه الأحزاب في ظل غياب "ربّانها".

Tunis

تونس.. مقترح قانون يتعلق بهجرة الأدمغة يثير جدلا واسعا

يثير مقترح قانون يتعلق بالحد من هجرة الكفاءات التونسية أو ما بات يطلق عليه بظاهرة "هجرة الأدمغة" جدلا واسعا في تونس حيث يفرض على من يريد مغادرة البلاد للعمل في الخارج من مهندسين وأطباء

مهاجرون أفارقة في تونس

تونس.. تصاعد ملحوظ في عمليات اعتقال المهاجرين غير الشرعيين

شهدت الأسابيع القليلة الماضية تصاعدًا ملحوظًا في عمليات اعتقال المهاجرين الذين ليست لديهم أوراق إقامة في الشوارع التونسية. بعد اعتقالهم، يُحكم على هؤلاء المهاجرين بتهمة "الإقامة غير الشرعية"،

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *