أثار قرار المدير العام للجمارك الجزائرية منع موظفات قطاعه من ارتداء الحجاب انتقادات حقوقية وسياسية وشعبية واسعة، واعتبرته خرقا للدستور، وقال حقوقيون إن الدستور يكفل الحريات الفردية والجماعية في البلاد دون تمييز حسب ما جاء في موقع الجزيرة.
وكانت تقارير إعلامية محلية تناقلت معلومات تفيد بتوجيه المدير العام للجمارك محمد عبدو بودربالة تعليمات عبر الولايات الجزائرية بمنع الجمركيات من ارتداء الحجاب خلال فترات الدوام، وقد أثار ذلك ردود فعل منددة قوية وواسعة لم تقتصر على الموالين للتيار الإسلامي فقط أو المحافظ، بل تعدت ذلك لتشمل منظمات حقوقية ونسائية أخرى.
وفي هذا الإطار، اعتبرت حركة مجتمع السلم (حزب إسلامي) في بيان لها نشر عبر موقعها الإلكتروني أن التعليمات المشار إليها تشكل “تعديا صارخا على النساء الجزائريات وعنفا ضدهن وتمييزا بينهن”، كما اعتبرتها “خرقا واضحا للدستور الذي يكرس مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون دون تمييز”.
ولفتت الحركة إلى أن المشكلة في الجمارك لا تتعلق بالحجاب وإنما بـ”التهريب والغش الذي يطال الاقتصاد الجزائري عبر الموانئ والمطارات والحدود”، ودعت الرئيس بوتفليقة إلى التدخل بـ”السرعة القصوى” لإلغائها.
وفي رسالة تضمنت سؤالا شفويا لوزير المالية محمد جلاب ، اعتبر النائب البرلماني أحسن عريبي أن الأمر “يتعلق بالتطاول على قضية إسلامية وخرق للدستور”، وطالب بإقالة المدير العام للجمارك.
وعلى هامش افتتاح ملتقى “المباني القرآنية والمعاني الدينية في شعر مفدي زكريا” الذي عقد أول أمس في دار الإمام بالعاصمة أكد وزير الشؤون الدينية محمد عيسى أن تعميم بودربالة “غير قانوني” و”لاغ”، وأنه “من حق الجمركيات أن يلبسن خمارهن قانونا وأخلاقا”.
ورغم تأكيد حفصي على عدم إصدار التعليمات فإن رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف أكد أن التعليمات صدرت وأرسلت لجميع الوحدات الجمركية على التراب الجزائري، واستعرض نسخة منها للجزيرة نت.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه أن التعليمات غير دستورية وغير قانونية وغير عرفية وتمس بحرية الأفراد، قال إن “قطاع الجمارك الذي وصفه بالقطاع الجامع لمؤسسات الدولة الجزائرية لا يمكن لمديره العام أن يصدر مثل هذا التعميم المشؤوم الذي يخدش شرف الجمركيات، ويأمرهن بالتبرج، وعدم وضع الخمار”.
وأوضح بن خلاف أن من وضعت الخمار على رأسها تكون قد “ارتكبت خطأ من الدرجة الرابعة يستوجب فصلها من العمل”، وكأن هذه الجمارك تنتمي لدولة غير الدولة الجزائرية التي تقول المادة الثانية من دستورها إن دين الدولة الإسلام.
ومع عدم صدور تصريح من إدارة الجمارك يؤكد تراجع المدير عن قراره إلا أن بن خلاف قال “أعلن رسميا أن التعميم ألغي بمكالمة هاتفية من طرف بودربالة”.
وتابع قائلا “رغم ذلك نحن أكدنا بكل وضوح أن التعليمات صدرت كتابيا ورسميا ولا يكفي إلغاؤها بالهاتف وبأوامر شفوية بل بتعليمات كتابية أيضا، مع الاعتذار للشعب الجزائري وللجمركيات وعائلاتهن مما أصابهن من ضرر مادي ومعنوي من تصرفات غير مدروسة العواقب”.
ورغم أن رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ عبد الرزاق قسوم أكد للجزيرة نت أنه لا يمتلك معلومات تؤكد تراجع بودربالة عن قراره فإنه أوضح أن المكتب الوطني للجمعية اجتمع لمناقشة الموضوع وسيصدر بيانا في حال تأكد عدم إلغاء التعليمات.
وقال قسوم إن “قرار منع الجمركيات من ارتداء الخمار سلوك مخالف للقوانين الوطنية والأخلاقية والدينية والإسلامية”.