لم تعد هنالك فائدة تذكر من اهتمامنا بعلاج الرئيس في فرنسا أو ببقائه في بيته!
فتأكيد الخبر أو نفيه (أتحدث هنا عن القيمة الخبرية وليس عن الخبر في حد ذاته).. وكذا لومنا المستمر لأداء الدولة ونقدنا الطويل لصمت الرئاسة، مع انتظارنا المستمر والمخجل تأكيدات فرنسية في ظل ضغوطات لا تتوقف على الإعلام المحلي.. يجعلنا نقول ونكرر مع كل هذه الأحداث: أين الجديد؟ وهل هنالك فعلا شيء يستحق التعليق!
الواقع أن بوتفليقة أدخل البلد برمته في “حالة خاصة”.. تصفها المعارضة “بالشلل الخطير” فيما تدّعي الموالاة أن “المؤسسات قائمة وقوية”.. لكن ما محل الشعب من الإعراب وما موقعه من كل هذا الكلام.. وأين هو من كل هذا الجدل؟
إذا كان الإعلام الرسمي ضائعا، والإعلام (المستقل أو شبه الرسمي) أكثر ضياعا منه، فإن النخب السياسية لم تعد تتعامل مع مرض الرئيس وسفره للخارج إلا بمنطق “شفاه الله”.. في انتظار الجديد!
ما يهم في هذا الحراك.. الحفاظ على البلد واستقراره.. (أستعمل كلمة استقرار هنا.. بعيدا عن كل ديماغوجية قتلتنا بها السلطة، وبعيدا أيضا عن كل “شعبوية” ما تزال تلاحقنا بها المعارضة) !
مرض الرئيس مهم.. ولكن ماذا عن مرض الإدارة بالحقرة، ومرض النخب بالرشوة، ومرض المعارضة بالتبعية، ومرض الإعلام بغياب الحرية!
هنالك مشكلة أساسية في المجتمع اسمها.. غياب الأولويات أو سوء ترتيبها!
فعدد الذين اهتموا مثلا وعلقوا ودعموا ما دعت إليه زعيمة حزب العدل والبيان نعيمة صالحي عن ضرورة تعدد الزوجات أكبر بكثير من عدد الذين دافعوا عن حق المحجبات في العمل بسلك الجمارك بعد تعليمة المدير ضدهن!
المشكلة الثانية.. هنالك مفهوم متعدد للحرية في البلد..
فصاحب السلطة يعتبرك حرا ما لم تتجاوز في حديثك التشكيك في شرعية الرئيس ومؤسساته.. والإسلامي يعتبرك حرا ما لم تطعن في كبرياء الشيخ وتخدش زعامته.. والعلماني يعتبرك حرا ما لم تنتفض ضد فيلم سينمائي يتضمن كلمات نابية أو تتمسك بحق الجمركيات في ارتداء الحجاب..
في النهاية، الكل يفسّر مفهوم الحرية وفقا لمصالحه الشخصية وليس هنالك اتفاق حول المعنى الواقعي!
* رئيس تحرير ومقدم برنامج “هنا الجزائر”