يبدو أن قمة الرياض، التي تم عقدها بشكل استثنائي بالعاصمة السعودية، قد نجحت ولو مبدئيا في نزع فتيل الخلافات بين دول مجلس التعاون وقطر، وأعادت الدفء بعض الشيء في العلاقات الخليجية الخليجية.
قطر، والتي ظلت من منظور دول المجلس تغرد لسنوات خارج السرب “الخليجي”، خصوصا من خلال دعمها الكبير لما سمي بثورات الربيع العربي، على الأقل في الدول التي كانت أنظمتها حليفة للدول الخليجية وعلى رأسها السعودية، مثل تونس ومصر.
الدعم القطري لحركات الإسلام السياسي، المرفوضة من قبل دول الخليجية، اعتبرته السعودية والإمارات والبحرين تهديدا لأمنها القومي.
الإمارات والسعودية دخلتا في صراع مع قطر من خلال دعم معارضي الإسلاميين في دول عربية أخرى لا سيما مصر وليبيا، وكان من نتائجه الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، محمد مرسي، وعودة الصراع المسلح إلى ليبيا بعد شن اللواء المتقاعد خليفة حفتر لعملية “الكرامة” العسكرية ضد الميليشيات الإسلامية.
تواصل الدعم القطري للحركات الإسلامية دفع دول المجلس إلى تكثيف الضغوط على الإمارة الصغيرة وصلت حد القطيعة الدبلوماسية.
الدوحة، وإن أبدت بعض اللين في الاستجابة لبعض المطالب الخليجية، خصوصا من خلال مطالبة قيادات إخوانية بمغادرة أراضيها، لم تفي بالتزاماتها في نظر الرياض والمنامة وأبو ظبي، وهو ما هدد بعدم التئام القمة الخليجية المقرر أن تحتضنها العاصمة القطرية.
قمة الرياض أذابت بعضا من الجليد من خلال الاتفاق على عودة السفراء والحديث عن تعهد قطر خطيا بتعديل سياساتها خلال في غضون شهر.
الدول الخليجية، الداعمة بقوة لنظام الرئيس المصري والعسكري السابق عبد الفتاح السيسي، انتزعت على ما يبدو تعهدا قطريا بوقف “الحملات الإعلامية ضد مصر”، والذي تقودها في نظرهم قناة “الجزيرة” من خلال الانتقاد المتكرر للنظام المصري وفسح المجال أمام معارضيه لانتقاده.
وفي حين تبدو العديد من الصحف والمواقع الخليجية متشككة من التزام قطر بتعهداتها القديمة الجديدة، يبقى التساؤل مطروحا إن كانت قطر ستنحني فعلا للعاصفة وتقدم على تغيير راديكالي على سياستها الخارجية أم أنه ستسعى إلى القيام بتعديلات فقط كما لا تظهر أن انتقلت من النقيض إلى النقيض نزولا عند رغبة دول مجلس التعاون؟.