في مقال بأسبوعية Al Ahram Weekly، يحمل عنوان “Reviving the Arab Order”، تحدث الباحث السياسي المصري المعروف حسن نافعة عن إعادة إحياء النظام العربي على ضوء المعطيات والمتغيرات الراهنة.
بعض هذه المتغيرات هي ما تحدث عنه حسن نافعة في بداية مقاله، حيث أشار إلى متغيرين اثنين في السياسة الخارجية للسعودية بعد وفاة الملك عبد الله واعتلاء الملك سلمان عرش المملكة.
المتغير الأول يرتبط بكون السعودية خرجت من دائرة “رد الفعل” و”تحريك الأمور من الخلف” وتوظيف “دبلوماسية المال”، على حد قول الباحث المصري الذي استشهد بمقالات صحفية عربية في هذا المجال، لتنتقل المملكة إلى التدخل المباشر في الأزمات الإقليمية لمواجهة المخاطر التي قد تتهددها جراء هذه الأزمات.
حسن نافعة قال إن السعودية انتقلت إلى أخذ المبادرة، وإنها لم تعد تتردد حينما يتعلق الأمر بمواجهة خصومها والاعتماد على مواردها الخاصة لنسج تحالفات إقليمية ودولية، مضيفا أن تدخل المملكة في اليمن لصالح السلطات الشرعية في مواجهة الحوثيين يعتبر المثال الأبرز لهذا التحول في السياسة الخارجية السعودية.
المعطى الثاني مرتبط بسابقه، ومن خلاله تبرز المملكة كالبلد العربي الذي يمتلك القدرة والإرادة لقيادة النظام الإقليمي العربي خصوصا بعد انسحاب مصر، وأيضا في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة، والتي تهدد بتقسيمها.
إقرأ أيضا: هل شهدت تونس بدورها ثورة مضادة ؟
هذان المتغيران يذكران في نفس الوقت بواقع عربي يتميز بالتنافس بين مكوناته بدل السعي إلى تأسيس دعامات قوية لهذا النظام العربي وتحقيق أهدافه المرجوة.
واستشهد الباحث المصري بما قال إنها ريادة جمال عبد الناصر للعالم العربي، والتي لم يكن ينازعه فيها زعيم آخر على حد قوله، لكون الزعيم المصري الراحل دعم حركات التحرر العربي وناصر القضية الفلسطينية وسعى إلى تحقيق الوحدة العربية.
لكن بعد وفاة عبد الناصر وأنور السادات، دفعت سياسات حسني مبارك المهادنة لإسرائيل والولايات المتحدة زعماء عرب آخرين مثل صدام حسين ومعمر القذافي وحافظ الأسد إلى البحث عن ملأ هذا الفراغ الذي خلفه الزعيمان المصريان الراحلان، يضيف حسن نافعة.
بيد أن افتقاد هؤلاء الزعماء وبلدانهم للاستقلالية الكافية أو الموارد الضرورية، أدخل النظام العربي في حالة من الفوضى والتيه ما تزال مستمرة إلى اليوم وتهدد أمن كل بلدان المنطقة.
فبالرغم من الهزيمة المرة في 1967، ووفاة عبد الناصر في 1970، ظل النظام العربي منسجما على حد تعبير حسن نافعة إلى حين تحقيق الانتصار في 1973، بيد أن الأمور انقلبت وهو ما تعكسه أحداث السنوات الأخيرة مثل إعدام صدام حسين في 30 سبتمبر 2006 في عراق محتل، وتصفية معمر القذافي في 20 أكتوبر 2011 بعد قصف مكثف لقوات حلف “الناتو” بمشاركة عربية، بالإضافة إلى وضع بشار الأسد الموجود تحت حماية القوات الروسية والإيرانية وميليشيا “حزب الله” في مواجهة طيف واسع من الجماعات المتشددة وفصائل المعارضة السورية في بلد نزح نصف سكانه.
في ظل هذا الوضع، نوه حسن نافعة بالعلاقات المصرية السعودية التي قال إنها بدأت تظهر مؤشرات إقامة روابط استراتيجية طويلة الأمد تتجاوز عقلية “خذ وهات” قصيرة الأمد، داعيا إلى إقامة نظام عربي جديد على أسس تختلف عن تلك التي أقيم عليها في سنوات الخمسينات والستينات.