“استولى الخوف علينا، أصبح الأطفال ينتظرون دورهم لكي يُقتلوا، حتى الكبار ينتظرون دورهم للموت” هكذا عبر أحد سكان مدينة “الغوطة” التي، وعلى غرار عدد من المدن، يعاني أهاليها من الموت جوعا وتفشي الأمراض بسبب حصار سوريا .
تعيش الكثير من المناطق السورية على مدى خمس سنوات بين كفي كماشة، فمن جهة الحرب الأهلية التي حولت أغلب المدن والبلدات إلى خراب، ومن جهة أخرى الحصار الذي فرضه نظام بشار الأسد والذي تسبب في تفشي المجاعة والأمراض بين الساكنة حتى أصبحت أوراق الأشجار وأعلاف الحيوانات الطعام الوحيد المتوفر هناك.
ووفق تقرير لمنظمة “أنقذوا الأطفال Save the Children” يعيش الأطفال السوريين في المناطق المحاصرة ظروفا مزرية وقاهرة، حيث أكدت المنظمة أن أزيد من 250 ألف طفل يقبعون تحت حصار نظام الأسد.
طفولة تحت الحصار
أوضحت المنظمة في تقريرها الذي يحمل عنوان “طفولة تحت الحصار” أن الجوع أصبح يدفع عشرات الأطفال يوميا إلى رمي أنفسهم نحو المباني المدمرة بحثا عن أثاث محطم لاستخدامه للتدفئة والطهي في فصل الشتاء، غير مبالين بالغارات الجوية التي تشنها القوات الروسية وقوات الأسد.
وفي تعليقها على سوء الأوضاع في المناطق السورية المحاصرة، أكدت عاملة إغاثة رفضت الكشف عن اسمها أن الأطفال وبالرغم من خطر القنابل والقصف والعبوات التي لم تنفجر، يفضلون الخروج للبحث عن قطع الأثاث للتدفئة.
وأوضح تقرير المنظمة أن “أطفال المناطق المحاصرة تطبعوا مع القصف بواسطة البراميل المتفجرة و الحصار المفروض”، في الوقت الذي تزايدت فيه وثيرة الغارات الجوية التي يشنها سلاح الجو الروسي وقوات الأسد مؤخرا في سوريا، خاصة في المناطق المحاصرة.
واستند تقرير المنظمة إلى عدة مصادر من بينها عشرات المقابلات مع أزيد من 125 طفلا وأما وأبا يعانون من تأثيرات حصار سوريا .
ولم ينحصر التقرير الذي أعدته المنظمة على وصف ما يجري في هذه المناطق، بل تطرق أيضا إلى الضرر النفسي والجسدي الذي خلفته الغارات الجوية المتتالية في هذه البقع من سوريا، وسياسة التجويع التي يمارسها نظام الأسد للضغط على الأهالي.
فقدان الامل في المستقبل
قالت المديرة الإقليمية لهيئة إنقاذ الطفولة في سوريا سونيا خوش، أن عشرات الأطفال يلقون حتفهم يوميا جراء الجوع ونقص الرعاية الطبية الطارئة التي يحتاجونها، مؤكدة أن أطفال سوريا “فقدوا الشعور بالأمل في المستقبل”.
وحسب ما جاء في المقابلات التي أجرتها المنظمة، يعيش الأطفال في رعب مستمر، كما أصبحوا أكثر عدوانية وأكثر ميلا إلى الانطوائية والاكتئاب جراء القصف المتتالي لمناطقهم.
وأكد التقرير أن الشهادات التي حصل عليها من سكان المناطق السورية المحاصرة، ترسم “صوراً مرعبة عن الحياة اليومية تحت الحصار، ندرة المواد الغذائية والطبية من جهة، ومن جهة أخرى اضطرار الأطباء للإجراء تدخلات جراحية على ضوء الشموع في كثير من الأحيان، إضافة إلى الموت الذي يعترض سبيل كل من يحاول الهرب خارج المناطق المحاصرة”.
وأشار التقرير إلى أن السوريين المحاصرين أصبحوا يتخذون من أوراق الأشجار المغلية وعلف الحيوانات قوتا يوميا في ظل غياب المواد الأساسية التي سيتعصي على المنظمات الإنسانية إيصالها إلى هذه المناطق بسبب الحصار المفروض.
هذا وكانت منظمة الأمم المتحدة وجهت في كثير من المرات، أصابع الاتهام إلى بشار الأسد بتجويع السكان المتواجدين في البلدات المحاصرة واعتراض عناصره طريق المساعدات الإنسانية التي ترسل إلى هذه المناطق واستيلائهم على عدد من المواد الغذائية والمعونات الطبية المرسلة للسكان
إقرأ ايضا:سكان “مضايا” السورية..بين مطرقة الجوع وسندان القتل