لم تنجح الجولة الجديدة من المشاورات التي اجراها صباح اليوم الاثنين، ماريانو راخوي، رئيس الوزراء الاسباني المنتهية ولايته، مع رئيسي حزب پوديموس وثيودادانوس، پابلو إيغليسياس وألبرت ريڤيرا؛ في حصول انفراج سياسي واقناع الاثنين بتسهيل مهمة تشكيله الحكومة الجديدة التي ينتظرها الاسبان لتشرع في الاصلاحات التي وردت في مختلف البرامج الانتخابية.
وبينما ترك، ريڤيرا، الباب مفتوحا امام احتمال خلافة راخوي لنفسه، من خلال الالتزام الواضح والصريح بان حزب، ثيودادانوس، لن يعرقل المساعي الجارية لتمكين البلاد من حكومة مستقرة، حتى ولو اقتضت الضرورة استمرار راخوي على رأسها.
وجدد، ريڤيرا، دعوته الى قيام تحالف ما بين الاحزاب الثلاثة التي تتقاسم مبادئ مؤسسة تتعلق بوحدة البلاد ورفض قاطع لمحاولات الانفصال التي اعربت عن نفسها بشكل متطرف في اقليم كاتالونيا، التي ما تزال عي الاخرى بدون حكومة، جراء فشل، ارتور ماص، في تكوين أغلبية مساندة له، ما ارغمه على توسل الدعم من حزب الوحدة الشعبية المناهض للملكية والرأسمالية وأوروپا،والمنقسمة صفوفه حيال المساندة من عدمها.
وحبذ زعيم، ثيودادانوس، في تصريحات للصحافة بعد انتهاء مباحثاته مع، راخوي، فتح مشاورات موسعة بين الاحزاب الفائزة للاتفاق على الادنى من الاصلاحات السياسية الكبرى التي تتطلبها البلاد، مبرزا ان مفتاح الازمة يوجد، من وجهة نظره، بيد الحزب الاشتراكي العمالي، الحاصل على المرتبة الثانية، موجها النقد الصريح لحزب، پوديموس، الذ ي يرفض التراجع عن اجراء استفتاء تقرير المصير في اقليم كاتالونيا وغيرها من الاقاليم التي ترغب في ذلك، انطلاقا من مقولة أن اسبانيا يجب ان تكون “وطن الاوطان”.
ومن جهته، يواجه زعيم الحزب الاشتراكي معارضة داخلية من “بارونات” الحزب، تحذره من فتح التفاوض بدون شروط مع، پوديموس، الا في حالة تراجع الاخير عن الدعوة الى الاستفتاء في كاتالونيا، وان يكون الالتزام بذلك مكتوبا.
ويرفض قياديون اشتراكيون رئاسة الحكومة بأي ثمن، لمجرد ارضاء الرغبة الشخصية للأمين العام، پيدرو سانشيث، بل يطالبونه بأمرين: القيام بتقد ذاتي عن النتيجة المتدنية التي حصل عليها الحزب في الانتخابات التشريعية ؛ ويتمثل المطلب الثاني في انعقاد مؤتمر الحزب في موعده القانوني وكذا اجتماعات الهيئة الفدرالية.
الى ذلك بدا، پابلو ايغليسياس، الذي حمل الى، راخوي، رفضا قاطعا لفكرة رئاسته للحكومة؛ بدا اكثر تباعدا عن الاشتراكيين وثيودادانوس، دون الحديث عن خلافه التام مع الحزب الشعبي.
ويؤمن الزعيم الجديد ان المطالب الاجتماعية مثل التغطية الصحية وضمان العلاج وعدم قطع الكهرباء عن المساكن التي تعجز عن ادائها، هي الملفات الحيوية التي يجب من وجهة نظره، ان تحظى بالاولوية المطلقة قبل هاجس وحدة البلاد، ما يعني صعوبة اتفاقه مع، پوديموس، لتشكيل حكومة تقدمية يسارية كما يطمح الى ذلك، سانشيث.
وفي هذا السياق، لم يستبعد، ايغليسياس، امكانية اجراء الانتخابات التشريعية مجددا معربا عن الاعتقاد بان حزبه سيفوز بها، وهو خيار لا ترتاح له باقي الاحزاب الاساسية.
وبرأي محللين فان الخطاب الشعبوي الذي يتبناه، پوديموس، قد يجر البلاد الى أزمة عميقة، خاصة وانه يحرص على استمالة الشارع ودغدغة عواطفه باستغلال الازمة الاقتصادية التي تمر بها قطاعات عريضة من الشعب الاسباني.
إقرأ أيضا: هل تؤول الحكومة في إسبانيا إلى تحالف يساري؟
وفي اعتقاد ذات المحللين، ان الخروج من الازمة غير المسبوقة، يكمن في تقارب بين الاشتراكيي والحزبين الشعبي وثيودادانونس، ينتح عنه تشكيل حكومة مستقرة تدعمها الاحزاب الثلاثة وان اقتصرت المشاركة فيها على الحزب الشعبي وحده او بمشاركة ما من طرف الاشتراكيين، كأن يتخلي حزب، راخوي، عن رئاسة مجلس النواب، على ان يسند المنصب لشخصية وازنة من الاشتراكيين، ان اقتضى الامر، تكون قادرة على ضمان التوازنات داخل المؤسسة التشريعية للشروع في بلورة الاصلاحات المؤسساتية، وبالتالي يبقى، بوديموس، في المعارضة. ولا يعارض الحزب الشعبي ذلك التوجه لكنه متشبث بالحق في تشكيل الحكومة المقبلة وان بدا هامش المناورة ضيقا والجو محتقنا.
ويدفع رئيس الوزراء الاسبق، فيلبيي غونثالث، نحو هذا المنعطف التاريخي، ان اقتضته الضرورة ومصلحة البلاد العليل، اي التحالف مع الحزب الشعبي على غرار التجربة الالمانية. ويرفض الزعيم الاشتراكي التاريخي رئاسة، سانشيث، للحكومة على اعتبار ان الناخبين لم يمنحوا حزبه الاغلبية لحكم البلاد.
وكان غونثالث، تطرق في وقت سابق قبل نتائج الانتخابات لهذا السيناريو، متوقعا ان تعرف اسبانيا وضعا سياسيا كالذي تعيشه ايطاليا منذ عقود، مع فارق انها تدربت عليه وتعلمت منه كيف تحل ازماتها ومشاكلها السياسية، بينما تواجه بلاده هذه الوضعية لاول نرة دون ثقافية او تجربة سياسية للخروج من المآزق.