تطوى صفحة سنة 2024 بعد أيام. سنة تميزت على الصعيد الوطني بأحداث عديدة من أبرزها الإحصاء العام للسكان والسكنى السابع بالمملكة.
إحصاء 2024 عملية وطنية كبرى، انطلقت في فاتح شتنبر الماضي، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية وانسجاما مع توصيات الأمم المتحدة، وحين انتهائها بتاريخ 30 من الشهر المذكور، أسفرت عن معطيات محينة دقيقة لمؤشرات ديمغرافية واجتماعية واقتصادية وكذا ثقافية.
التكنولوجيا الحديثة في قلب إحصاء 2024
اتسمت النسخة السابعة من عملية الإحصاء بالمملكة، باستعمال التكنولوجيا الحديثة، حيث عبأت المندوبية السامية للتخطيط، وسائل وآليات جعلت الرقمنة تشمل جميع مراحل هذه العملية الوطنية، بدءا من تكوين الباحثين والمشرفين والمراقبين ووصولا إلى نشر المعطيات التفصيلية على منصة تفاعلية متطورة.
وجسدت اللوحات الإلكترونية بدل الاستمارات الورقية، الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة بالعملية الإحصائية خصوصا خلال مرحلة تجميع المعطيات لدى الأسر، حيث استعانت المندوبية السامية للتخطيط بأزيد من 55 ألف لوحة إلكترونية.
ومكنت الخرائط الدقيقة، الباحثين من التعرف على مناطق الاشتغال، كما أتاحت التقنيات الحديثة تجميع ومعالجة المعطيات بدقة وبشكل أسرع.
استمارتان لتجميع المعطيات
جرى تجميع المعطيات الخاصة بإحصاء 2024 عبر استمارتين، استمارة قصيرة وجهت لجميع الأسر، واستمارة مطولة وجهت لـ20 بالمائة من الأسر “أسرة واحدة من أصل 5 أسر” بالجماعات التي يبلغ عدد أسرها 2000 أسرة أو أكثر.
الاستمارة القصيرة، تضمنت البيانات الديمغرافية المتمثلة في الجنس والجنسية والتسجيل بدفتر الحالة المدنية وحالة الزواج والسن عند الزواج، فيما محتوى الاستمارة المطولة شمل الحماية الاجتماعية واستخدام تكنولوجيا المعلومات وخصائص ديمغرافية من قبيل “الخصوبة، الهجرة، الوفيات”.
انخراط وكرم المغاربة
شكل المواطنون علامة فارقة في عملية الإحصاء، إذ نثروا بانخراطهم وكرمهم المعهود، الورود في طريق الباحثين الإحصائيين بمختلف الأقاليم.
وحسب شهادات عدد من الباحثين الإحصائيين والمشرفين والمراقبين، فإن مرحلة تجميع المعطيات من لدى الأسر، تميزت بانخراط كبير للمواطنين.
أكثر من ذلك، أبرزت صور وفيديوهات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، أن كرم المغاربة كان في الموعد، حيث استقبلت أعداد من الأسر المكلفين بتجميع المعطيات داخل منازلها وتقاسمت معها وجبات.
36.8 مليون نسمة.. الرقم الأبرز للإحصاء
كشفت النتائج العامة لعملية الإحصاء، أن عدد السكان القانونيين بالمملكة بلغ في فاتح شتنبر من السنة الجارية ما مجموعه 36.828.330 نسمة.
هذا المعطى الهام الذي يشكل الرقم الأبرز لعملية الإحصاء، أعلن عنه خلال مجلس حكومي بتاريخ 7 نونبر الماضي، مع الإشارة إلى أن ساكنة المملكة عرفت منذ الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، زيادة تبلغ 2.980.088 نسمة، أي بنسبة 8.80 %+.
وبخصوص عدد الأجانب المقيمين بتراب المملكة، فإن عددهم الإجمالي تحدد في 148.152 نسمة، مسجلا بذلك زيادة تبلغ 61.946 نسمة أي بنسبة تقدر بـ71.86% + مقارنة مع عدد الأجانب المحدد بموجب إحصاء سنة 2014.
النتائج التفصيلية
جرى الثلاثاء 17 دجنبر الحالي، تقديم النتائج التفصيلية لعملية الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024.
وكشف شكيب بنموسى المندوب السامي للتخطيط، في هذا السياق مجموعة من المعطيات، ضمنها أنه فيما يتعلق بالتعبيرات اللغوية المستعملة من طرف السكان، كشفت نتائج الإحصاء العام السابع، أن 92 بالمائة من المغاربة على الصعيد الوطني يتحدثون الدارجة ومتمكنون منها، فيما 25 بالمائة يتحدثون الأمازيغية.
كما لفت بنموسى إلى الحضور المهم للحسانية، خاصة بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
من جهة أخرى، سجل المندوب السامي للتخطيط، أن نتائج الإحصاء أبرزت ارتفاع نسبة المغاربة المتمكنين من اللغتين الفرنسية والإنجليزية قراءة وكتابة.
كذلك من أهم المعطيات التي جاءت على لسان بنموسى، انخفاض نسبة الأمية في صفوف البالغين 10 سنوات فأكثر، إلى أقل من 25 بالمائة، بعدما كانت تبلغ خلال إحصاء سنة 2014، 32 بالمائة.
بعد استراتيجي وأساس للسياسات العمومية
شدد شكيب بنموسى، على أن الإحصاء العام للسكان والسكنى، يكتسي بعدا استراتيجيا وتعد المعطيات الدقيقة والمحينة التي أفرزها أساسا لوضع السياسات العمومية والبرامج الاجتماعية التي تستجيب للاحتياجات المتغيرة للمواطنين، وطنيا وجهويا ومحليا.
من جانبهم، يتفق خبراء اقتصاديون على أن الإحصاء العام هو أساس التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة. ما يعني أن معطيات إحصاء 2024 التي تبرز التحولات الحاصلة على التركيبة المجتمعية المغربية خلال العشرية الماضية، تشكل لا محالة قاعدة لتسير المشاريع والأوراش المفتوحة بالمملكة في اتجاه تلبية حاجيات وتطلعات المغاربة.