على غير عادته، حيث يعرف بين أحياء الدارالبيضاء بهدوئه لقربه من ساحل شاطئ عين الدياب، تحول حي العنق إلى مسرح جريمة نكراء، حجت إليه أعداد هائلة من البيضاويين، وتعالت به أصوات النشيج والبكاء.
”جريمة العنق”، التي راح ضحيتها رشيد ربيب أو ”الربيب” كما كان يلقب قيد حياته، تتقاطع مع عدد من جرائم القتل، في كونها وقعت بسبب نزاع حول المخدرات، لكنها تختلف عنها في تفاصيل عدة، جعلتها جريمة ليست ككل الجرائم، فالقاتل صديق، والضحية قاتل سابق، والقتل نفذ خلال لحظات صلح، فهاكم الحكاية منذ البداية.
رشيد ربيب الذي رأى النور سنة 1966، ابن أسرة وجدية استقرت في الدارالبيضاء منذ عقود، عاش وكبر بحي العنق، وفي مرحلة الشباب شغل فكره مثل باقي أقرانه السفر لإحدى الدول الأوربية، فتحقق له ذلك بعد سنوات، وحط الرحال بإيطاليا.
لكن بلاد الروم، لم تمطر على رشيد ذهبا، كما كان يحلم وهو في المغرب، ولم توفر له الحياة الرغيدة، بل قادته للسجن، إذ أدين بعقوبة حبسية مدتها 20 سنة، بعد قتله مواطنا إيطاليا.
ومن إيطاليا التي نفذ بها جريمة غيرت مسار حياته، وجد نفسه من جديد في المغرب، لكن هذه المرة بين جدران سجن مدينة القنيطرة، بتهمة قاتل.
وبعد انقضاء العقوبة الحبسية، سيعانق رشيد الحرية، ويعود لبيت العائلة، إلا أن عودته لن تكون سارة، إذ أنه فتح صفحة التعاطي للمخدرات، التي ستكون سبب فراقه للعائلة والحياة للأبد.
فبعد سنوات تعاط للمخدرات، لم يستقر خلالها في عمل ولم يؤسس أسرة، بل أمضاها مع رفقاء، لاولاء لهم ولا وفاء، سوى للفافة الحشيش، تلقى ”الربيب” يوم الثلاثاء 22 ديسمبر 2015، بإحدى مقاهي العاصمة الاقتصادية، طعنة على مستوى القلب من طرف أحد أصدقائه، أردته قتيلا في الحال.
والأغرب من غرابة قصة ”الربيب” التي كان فيها قاتلا ثم مقتولا، أنه طعن خلال لحظات صلح بينه وبين ”صديقه”، بعد خلاف نشب بينهما حول لفافة حشيش، وفارق الحياة معانقا لقاتله، الذي أوهمه أنه ينوي مصالحته.
القصة إلى حدود هنا، انتهت بالنسبة ل”الربيب”، لكنها لم تنته بالنسبة ل”الصديق” القاتل، الذي تباشر مصالح الأمن البحث عنه، مستعينة بعناصر الدرك الملكي، بعد علمها بأنه تردد على منطقة حي الرحمة التابعة للدرك، والذي سيكون مطالبا بعد اعتقاله، بسرد تفاصيل ”جريمة العنق” من ألفها إلى يائها، الجريمة التي هزت حيا من أعرق أحياء البيضاء، لايهتز عادة إلا على صوت أمواج البحر.
إقرأ أيضا: بالصور. إعادة تمثيل جريمة بشعة قام بها 5 “مشرملين” في حق متشرد