ينظر المسؤولون في تونس بترقب للتطورات في الجارة ليبيا والضفة الشمالية من المتوسط، في ظل الحديث عن اعتزام دول الاتحاد الأوروبي القيام بعملية عسكرية، في الغالب ستقتصر على سلاح البحرية، لضرب مواقع تهريب البشر انطلاقا من ليبيا نحو أوروبا.
التونسيون يعون جيدا أنهم سيدفعون كلفة أي اضطرابات جديدة في الجارة الشرقية، من خلال تدفق مزيد من النازحين عبر الحدود بين البلدين وفسح المجال أمام تمدد الجماعات المتطرفة في ليبيا، التي ستشكل تهديدا على تونس بدورها.
بالإضافة إلى ذلك فإن التدخل الأوروبي في ليبيا، كما هو الحال بالنسبة للحملة العسكرية الجوية التي شنها حلف “الناتو” ضد نظام العقيد معمر القذافي في 2011 وعجلت بسقوطه، لم تساهم سوى في نقل البلاد من نظام سلطوي إلى حالة من الفوضى الأمنية والسياسية حيث تتصارع ميليشيات مسلحة وهيئات سياسية على مواقع السلطة، في حين تتقوى شوكة التنظيمات المتشددة وتخلق لنفسها موطئ قدم في هذا البلد الممزق.
الكاتب جايمي ديتمر، في مقال له بموقع The Daily Beast، أكد أن رؤساء أركان جيوش الدول الأوروبية التي قد تتدخل في ليبيا حذروا رؤساءهم السياسيين من كون هاته الحملة قد تقود إلى نشر جنود على الأرض، بالرغم من تأكيدات المسؤولين الأوروبيين أن هذا الاحتمال مستبعد، وهو ما قد يترتب عنه الدخول في مواجهات مسلحة مع مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية”.
رؤساء أركان الجيوش الأوروبية ضمنوا تحذيراتهم في ملف من 10 صفحات كشف موقع “ويكيليكس” عن مضامينه يوم الثلاثاء الماضي.
التقرير أوصى بوضع جدول زمني محدد للعملية وأن لا تأخذ مداها إلا ما بعد فصل الصيف، أي بعد انقضاء فترة الذروة المرتبطة بحركة الهجرة غير الشرعية، لافتا الانتباه إلى كون المخاطر المحدقة بالجنود الأوروبيين خصوصا بالقرب من الساحل الليبي ستكون كبيرة.
التحذيرات طالت كذلك احتمالات الدخول في مواجهات مع الجماعات المسلحة المتطرفة وأيضا احتمال وقوع خسائر بشرية كبيرة وهو ما سيضر بصورة الاتحاد الأوروبي.
كما دعا التقرير إلى أن لا تتجاوز مدة العملية العسكرية سنة وأن تحقق الهدف المسطر في الحد بصورة كبيرة من أعداد المهاجرين القادمين من ليبيا باتجاه سواحل أوروبا.
وتشير الأرقام إلى كون 170 ألف شخص عبروا مياه المتوسط قادمين من ليبيا باتجاه أوروبا، ويخشى المسؤولون الأوروبيون أن تسجل السنة الحالية رقما أكبر ما لم يتم التدخل للحد من الظاهرة.
من بين التداعيات المحتملة لأي تدخل عسكري أوروبي بسواحل ليبيا أو قريبا منها هو دفع مزيد من المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء نحو عبور الحدود التونسية، وهو ما يعني نقل نشاطات تهريب البشر أو جزء منها إلى السواحل التونسية أو تدفق مزيد من الفارين من جحيم الاضطرابات في ليبيا نحو تونس.
قدوم هؤلاء سيعمق أكثر من مشكلة الليبيين المتواجدين في تونس، والذين يقدر عددهم بمليون شخص، حيث أصبح حضورهم مثار جدل وصراع سياسي.
كما أن العلاقات الثنائية بين تونس وليبيا، والتي توترت في الآونة الأخيرة خصوصا في ظل محاولة السلطات التونسية الموازنة بين طرفي النزاع السياسي في جارتها الشرقية، قد يجعل العلاقات بين البلدين أكثر تشنجا نتيجة لتداعيات أي تدخل عسكري أوروبي في ليبيا.