الغرب يغض الطرف عن ليبيا بعد أن قاد البلاد إلى الكارثة

“تذكروا عندما كانت حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقطر تقدمان ليبيا كنموذج للتدخل العسكري الأجنبي، النبيل والناجح”. بهذه الكلمات بدأ الكاتب باتريك كوكبورن مقاله المنشور بجريدة “إندبندنت” البريطانية، والذي انتقد فيه بشدة ما آلت إليه الأوضاع في ليبيا والتي ساهم فيها التدخل الأجنبي بقسط وافر.
قبل ثلاثة سنوات، يقول كوكبورن، وقف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، في بنغازي وكأنه محررها، وخطب في الليبيين الذين احتشدوا هناك قائلا “إن مدينتكم مثال للعالم كله بعد أن نجحتم في إسقاط ديكتاتور واخترتم الحرية”.
منذ ذلك الحين لم يعد كاميرون لزيارة بنغازي ومن غير المتوقع أن يقوم بذلك في المستقبل المنظور في الوقت الذي تستعر فيه الحرب بين الميليشيات المتقاتلة. الليبيون اليوم يعيشون في وضع أسوأ مما كان عليه الحال إبان عهد القذافي، بغض النظر عن التسلط الذي طبع حكمه.
قبل ثلاث سنوات تعهد كاميرون أمام الليبيين بأن أصدقاءهم في بريطانيا وفرنسا سيقفون إلى جانبهم في سعيهم لبناء الديمقراطية، واليوم يبدو أن رئيس الوزراء يريدون نسيان هاته الكلمات.
وسائل الإعلام الأجنبية بدورها لم تعد تريد تغطية الأحداث في ليبيا، يقول كوكبورن، لأنها أضحت تعتبر أن البلاد فيها خطر كبير على الصحفيين. هذا الكلام كان سيكون مفهوما لو لم يكن الصحفيون ينتشرون بأعداد كبيرة في ليبيا على جبهات القتال إبان الثورة ضد نظام القذافي.
ويضيف صاحب المقال أن المنظمات الحقوقية لم تسجل خروقات لحقوق الإنسان مع بداية الانتفاضة بالقدر الذي تم الترويج له من قبل وسائل الإعلام في بريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول من أجل حشد الدعم للعملية العسكرية.
كأمثلة على ذلك الادعاءات بحدوث أعمال اغتصاب بالجملة في حق النساء من قبل قوات القذافي وهو ما وجدت منظمة العفو الدولية أن لا أساس له من الصحة.
الحكومات ووسائل الإعلام الأجنبية لديها أسباب كافية لنسيان ما قالته وقامت به في ليبيا في 2011، يقول كوكبورن، لأن ما أعقب سقوط نظام القذافي مثير للاشمئزاز.
عمليات القتل بأعداد كبيرة ولدوافع سياسية طالت لحد الساعة 250 شخصا هذه السنة بمدينتي بنغازي ودرنة، ناهيك عمن قتلوا في العمليات العسكرية التي تدور رحاها بين الميليشيات المتصارعة.
في ليبيا تستعر حرب أهلية منذ 13 يوليوز الماضي بينما العالم لا يولي كبير اهتمام لما يقع. أولئك الذين حمله التدخل الأجنبي في ليبيا إلى مراكز السلطة قادوا البلاد، التي كانت تنعم بالسلام لأكثر من نصف قرن، إلى مستويات من العنف شبيهة بما يحصل في سوريا والعراق وأفغانستان.
وبالتالي، فأيا كانت نوايا الدول الغربية وحلف الناتو قبل إقدامهم على التدخل في ليبيا، فالأكيد أنهم قادوا البلاد نحو الكارثة، يقول كوكبورن.

اقرأ أيضا

تونس

تونس.. خبراء في القانون يطالبون بالإفراج عن معارضين سياسيين يوجدون في حالة احتجاز قسري

يستنكر سياسيون وحقوقيون تزايد اعتقال المعارضين والصحافيين والتضييق على حرية التعبير في تونس، منذ تولي الرئيس قيس سعيد السلطة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *