طرحت التهديدات الإرهابية المتنامية في تونس، كان آخرها المواجهات التي دارت في بن قردان ومحاولة مسلحين متطرفين السيطرة على ثكنات أمنية، طرحت تساؤلات بخصوص قدرة الجيش التونسي على مواجهة خطر من هذا النوع.
في مقال له حول الموضوع، تحدث موقع France TV حيث أكد أن عددا من الخبراء يجمعون على كون الجيش التونسي غير مجهز بما يكفي لمواجهة الإرهاب.
هذا الجيش وجد نفسه في أعقاب الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي في شهر يناير 2014 مطالبا بأداء مهام لم يتعود عليها، من بينها الحفاظ على النظام داخل المدن وتدبير تدفق الملايين من اللاجئين بسبب الأزمة في ليبيا وضمان سلامة سير الانتخابات فضلا عن الضغط المتمثل في تأمين الحدود والحيلولة دون وصل النزاع المسلح في ليبيا إليها.
المؤسسة العسكرية كانت ضحية كذلك لتعاقب السلط خلال الفترة الانتقالية، حيث سعى كل طرف إلى وضع رجاله داخل الجيش ما ساهم في زعزعة استقرار المؤسسة.
إقرأ أيضا: خفض الواردات..إجراء جديد لتقليص نفقات الجزائر المتأزمة
أما على المستوى الميدان، فقد وجد التونسي نفسه أمام “عدو متخف” لا يمكن التنبؤ بما قد يقوم به، كما أن الجيش لم يكن مستعدا لمثل هذه المواجهة. من الناحية العددية يضم الجيش التونسي اليوم 35 ألف جندي، من بينهم 27 عنصر في المشاة و4000 في سلاح و4500 في البحرية.
بيد أن المشكل يكمن حسب المراقبين في كون الجيش التونسي يظل غير مجهز بما فيه الكفاية لمواجهة التهديدات الإرهابية، حيث يتوفر على معدات قديمة وغير مناسبة للتصدي للخطر الإرهابي، والتي تأتي بالخصوص من الولايات المتحدة وفرنسا.
ويؤكد الخبراء أن الجيش التونسي لا يتوفر على مدرعات تصمد في وجه الألغام ولا على مروحيات قتالية حديثة مزودة بأنظمة رؤية ليلية ضرورية لمواجهة العناصر المسلحة.
ويرى البعض أن السلطة الحاكمة في تونس، منذ استقلال البلاد عام 1956، كانت دائما تتخوف من الجيش، وتعزز ذلك بعد المحاولة الانقلابية عام 1962 من قبل ثمانية ضباط.
الموقف المتوجس من الجيش التونسي على عهد الحبيب بورقيبة استمر بعد استيلاء زين العابدين بن علي على السلطة، حيث كان الديكتاتور السابق يرسي دعائم حكمه بالاعتماد على جهاز الشرطة المكلف بقمع المعارضين.
نفس السلوك يبدو أنه استمر ما بعد سقوط نظام بن علي كما يؤكد ذلك بعض المراقبين، حيث وصلت ميزانية وزارة الدفاع في 2013 إلى 1.3 مليار دينار، وهو ما شكل تقريبا نصف ميزانية وزارة الداخلية.
وعلى عكس الفكرة السائدة، يؤكد باحثون أن جهاز الشرطة لم يكن بالفعالية المتصورة، حيث كان النظام يدين في استمراريته للآلة الدعائية القائمة، ولتجانس الحزب الوحيد الذي كان بمثابة وكالة للاستخبارات والبروباغاندا، وأيضا لكون الخوف من الشرطة كان متجذرا في النفوس.
اليوم، لا يبدو جهاز الشرطة في وضع أفضل، حيث صارت في نظر بعض المحللين غير قادرة على حفظ النظام، وهو ما يعكس تخبط السلطات الحالية في تونس في مواجهة خطر الإرهاب.