الفتن: تعريفها وأنواعها وأسبابها ووسائل درئها..

تعريف الفتن
الفتن : جمع فتنة، واصلها اللغوى يتصل بمعنى الابتلاء والامتحان، (قال الأزهري وغيره : وجماع الفتن: الابتلاء والامتحان والاختبار , واصلها مأخوذ من قولك : فتنت الفضة والذهب إذا أذبتهما بالنار , لتميز ألردي من الجيد) ( لسان العرب :ص 3344- مادة فتن).
ويطلق لفظ الفتن ايضا على معنى :الوقوع في المكروه و الكفر و العذاب و الإحراق بالنار و القتل و الصد عن سبيل الله و الضلال( يقول ابنُ الأعرابي ” الفتنة الإختبار، والفتنة: المحنة، والفتنة المال، والفتنة: الأولاد، والفتنة الكفر والشرك، والفتنة إختلاف الناس بالآراء والفتنة الإحراق بالنّار (لسان العرب لابن منظور). وقد ورد لفظ الفتنه فى القران الكريم بذات المعاني السابقه، فقد ورد بمعنى: الكفر والشرك كما فى قوله تعالى تعالى (وَالفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ القَتْل)، وبمعنى الإبتلاء والإختبار كما في قوله تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)، وبمعنى الإضلال كما في قوله تعالى: ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ)، وبمعنى الاحراق بالنار كما فى قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ)..
انواع الفتن: وقد اشارت النصوص الى انواع عديده من الفتن منها:
*فتنة المحيا وفتنة الممات .
*فتنة القبر .
*فتنة الرجل في أهله وماله وولده.
*فتن تموج كموج البحر.
*الفتن الظاهره والباطنه
فتنه الهرج(القتل) :وقد وردت الاشاره اليها فى كثير من النصوص،منها قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى الشح ويكثر الهرج قالوا: وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : القتل) (متفق عليه) ..

فتنه التفرق: وقد اشار اليها الامام ابن تيمية فى قوله (وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان، فقد يذنب الرجل أو الطائفة ويسكت آخرون عن الأمر والنهي، فيكون ذلك من ذنوبهم، وينكر عليهم آخرون إنكارا منهيا عنه فيكون ذلك من ذنوبهم، فيحصل التفرق والاختلاف والشر، وهذا من أعظم الفتن والشرور قديما وحديثا)

فتنه الدجال …
فتنه الرجل فى دينه : وقد اشارت اليها العديد من النصوص كقول الرسول (صلى الله عليه وسلم)( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا ).
فتنه الائمه المضلين: و هم كل متبوع بلا دليل شرعي، سواء كان عالم أو حاكم أو رئيس فرقه، وهذا الإتباع بلا دليل يلزم منه الضلال والإطلاق البدعى، ومفارقه الهدايه والضبط الشرع..وقد أشارت النصوص إلى أنهم أخوف على الامه من الدجال، فقد ورد من حديث عمر بن الخطاب و أبي الدرداء و أبي ذر الغفاري و ثوبان مولى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) و شداد بن أوس و علي ابن أبي طالب . كنت مخاصر النبي (صلى الله عليه وسلم) يوما إلى منزله فسمعته يقول : غير الدجال أخوف على أمتى من الدجال . فلما خشيت أن يدخل قلت : يا رسول الله أي شيء أخوف على أمتك من الدجال ؟ قال : الأئمة المضلين)(الراوي : أبو ذر الغفاري/ المحدث : الألباني / المصدر : السلسلة الصحيحة – الصفحة أو الرقم ( 4/110، وفي مسند الفاروق عن زياد بن حدير بسند صحيح: (قال لي عمر بن الخطاب: يا زياد هل تدري ما يهدم دعائم الإسلام؟ قلت: لا. قال: زلة العالم وجدال المنافق بالقرآن وحكم الأئمة المضلين) (روي من طرق جيدة، وصحّح سنده الألباني في تخريج مشكاة المصابيح)..
فتنه الشبهات وفتنه الشهوات: ويقسم ابن القيم الفتن الى نوعين،هما فتنه الشبهات وفتنه الشهوات، حيث يقول (الفتنـة نوعـان فتنة الشبهات وهي أعظم الفتنتين وفتنة الشهوات وقد يجتمعان للعبد وقد ينفرد بإحداهما)، ثم يبين سبب فتنه الشبهات فيقول (فـفتنـــة الشبهــــات : من ضعف البصيرة وقلة العلم، ولا سيّما إذا اقترن بذلك فساد القصد وحصول الهوى، فهنالك الفتنة العظمى، والمصيبة الكبرى..)، ثم يبين مالها فيقول (وهذه الفتنة مآلها إلى الكفر والنفاق، وهي فتنة المنافقين وفتنة أهل البدع على حسب مراتب بدعهم، فجميعهم إنما ابتدعوا من فتنة الشبهات التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل، والهدى بالضلال)،ثم يبين كيفيه النجاه منها فيقول(ولا ينجى من هذه الفتنة إلا تجريد إتباع الرسول، وتحكيمه في دق الدين وجله، ظاهره وباطنه، عقائده وأعماله، حقائقه وشرائعه…)، ثم يتحدث عن اسباب نشؤها فيقول(وهذه الفتنة تنشأ :تارة من فهم فاسد، وتارة من نقل كاذب، وتارة من حق ثابت خفي على الرجل فلم يظفر به، وتارة من غرض فاسد وهوى متبع، فهي من عمى في البصيرة وفساد في الإرادة.)، ثم يتحدث عن النوع الثانى من الفتن فيقول(وأما النوع الثاني من الفتنة: ففتنة الشهوات…)،ثم يقول ان اصل الفتنتين هو (تقديم الرأي على الشرع، والهوى على العقل.فالأول: أصل فتنة الشبهة، والثاني: أصل فتنة الشهوة.)،ثم يبين كيفيه دفع الفتنتين فيقول (ففتنة الشبهات تدفع باليقين، وفتنة الشهوات تدفع بالصبر، ولذلك جعل الله سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين فقال:”وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون )(إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان: 2 / 160 ).
اسباب الفتن: وقد اشار العلماء- استنادا الى النصوص – الى الكثير من اسباب الفتن ومنها:
عدم الالتزام بمفاهيم وقيم وقواعد الدين: يقول تعالى ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (النور63 )، يقول ابن كثير في تفسيرالايه (أي فليحذر الذين يخالفون عن أمره وليخشى من خالف أمره ظاهرا وباطنا أن تصيبهم فتنة , أي في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة , أو يصيبهم عذاب اليم في الدنيا بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك ..)
الجهل بالدين: قال الرسول(صلى الله عليه وسلم) (إن بين يدي الساعة لآياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم , ويكثر فيها الهرج والهرج القتل) (متفق عليه) .
البدع فى الدين والفجور فى الدنيا : يقول الامام ابن تيمية (…. ومن تدبر الفتن الواقعة رأى سببها ذلك، ورأى أن ما وقع بين أمراء الأمة وعلمائها ومن دخل في ذلك من ملوكها ومشايخها، ومن تبعهم من العامة من الفتن: هذا أصلها، يدخل في ذلك أسباب الضلال والغي: التي هي الأهواء الدينية والشهوانية، وهي البدع في الدين والفجور في الدنيا، وذلك أن أسباب الضلال والغي البدع في الدين، والفجور في الدنيا، وهي مشتركة: تعم بني آدم، لما فيهم من الظلم والجهل)
ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكراو عدم الالتزام بضوابطه : يقول الامام ابن تيميه (فإن الناس هنا ثلاثة أقسام: قسم يأمرون وينهون ويقاتلون، طلبا لإزالة الفتنة التي زعموا، ويكون فعلهم ذلك أعظم فتنة، كالمقتتلين في الفتنة الواقعة بين الأمة وأقوام ينكلون عن الأمر والنهي والقتال الذي يكون به الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا، لئلا يفتنوا، وهم قد سقطوا في الفتنة)(الاستقامة: 1 / 380 – 2 / 297)
وسائل دفع الفتن: وقد اشارت النصوص الى الوسائل الشرعيه لدفع الفتن وتجنبها والعصمه منها ومن هذه الوسائل :
الوحده ونبذ التفرق: قال تعالى (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )(آل عمران103)، يقول ابن تيمية (ان الله قد امرالمؤمنين بالاعتصام بحبل الله جميعا ونهاهم عن الفرقة والاختلاف وأمر بإصلاح ذات البين .)..
لزوم الجماعه: عن حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) قال : كان الناس يسألون رسول الله عن الخير،وكنت أسأله عن الشر مخافة ان يدركني فقلت : ( يارسول الله انا كنا في جاهلية وشر , فجاءنا الله بهذا الخير , فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم , قلت : وهل بعدذلك الشرمن خير ؟ قال : نعم , وفيه دخن , قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هديي , تعرف منهم وتنكر , قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم , دعاة على ابواب جهنم من اجابهم اليها قذفوه فيها , قلت : يارسول الله صفهم لنا , قال : هم من جلدتنا ويتكلمونا بألسنتنا , قلت : فما تأمرني ان ادركني ذلك؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم , قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : فاعتزل تلك الفرق كلها , ولوان تعض بأصل شجرة , حتى يدركك الموت وانت على ذلك ) ( رواه البخاري)،يقول الطبري (والصواب ان المراد من الخير لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة) (الفتح :13/50) .
العلم الشرعى: قال الرسول (صلى الله عليه وسلم (انه سيصيب امتي في آخر الزمان بلاء شديد لا ينجومنه إلا رجل عرف دين الله فجاهد عليه بلسانه وقلبه) (رواه ابونصر في الإبانة) .
الصبر:عن النعمان بن بشير مرفوعا (انه لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتن فأعدوا للبلاء صبرا) (رواه ابن ماجه)
الاستعاذه من الفتن: كان عماربن ياسر (رضى الله عنه) يقول : (أعوذ بالله من الفتن ) (رواه البخاري)، قال الحافظ ( فيه دليل على استحباب الاستعاذة من الفتن ولو علم المرء أنه متمسك فيها بالحق لأنها قد تفضي إلى وقوع مالا يرى وقوعه)
تعظيم حرمات المسلمين (دمائم ومالهم واعراضهم..): قال تعالى(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) ( النساء93)، وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله خطب الناس يوم عرفة فقال ( إن دمائكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا , في بلدكم هذا) وقال (صلى الله عليه وسلم) ( من حمل علينا السلاح فليس منا) (رواه مسلم ) وقال (صلى الله عليه وسلم) ( من أشار إلى أخيه بحديدة لعنته الملائكة ولو كان مازحا ) قال ابن العربي) إذا استحق الذي يشير بالحديدة اللعن فكيف الذي يصيب بها)) الفتح :13ـ 32)
اعتزال الفتن وعدم الخوض فيها : جاء في سنن أبي داود( إن السعيد لمن جنّب الفتن ـ ثلاثاً ـ ولمن ابتُلي فصبر فواهاً”)،وعن عبدالله بن مسعود قال الرسول )صلى الله عليه وسلم) ( تكون فتنة النائم فيها خير من القائم , والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الراكب …. قتلاها كلها في النار قلت : يارسول الله , ومتى ذلك ؟ قال : ذلك أيام الهرج , قلت : ومتى أيام الهرج ؟ قال : حين لا يأمن الرجل جليسه : قلت : فما تأمرني ان ادركت ذلك ؟ قال : كف يدك ولسانك . وادخل دارك , قال : قلت يارسول الله , ارايت ان دخل علي داري ؟ قال : فادخل بيتك , قال : قلت أفرآيت ان دخل علي بيتي ؟ قال : فدخل مسجدك , واصنع هكذا وقبض بيمينه على الكوع , وقل : ( ربي الله حتى تموت على ذلك ) (رواه احمد والبزار وابوداود وعن خرشة بن الحرمرفوعا ).
تلازم الدعوه الى التغيير مع درء الفتن عند اهل السنه : وقد تلازمت الدعوه الى التغيير عند اهل السنه، مع التاكيد على وجوب العمل على درء الفتن، التى تهدد استقرار المجتمع المسلم ووحدته، وهذا التلازم يتحقق عندهم من خلال الالتزام بجمله من الضوابط الشرعيه ومنها:
اولويه الاصلاح : فقد اجمع اهل السنه على الاخذ بالإصلاح كنمط تغيير تدريجي جزئي،يقوم على آليات متعددة كالتقويم والنصح، باعتباره نمط التغيير الاصلى، يقول الباقلاني بعدما ذكر فسق الإمام و ظلمه وعدم جواز خلعه بالسيف (… بل يجب وعظه و تخويفه، و ترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي الله) (التمهيد 186).

منع اوايجاب الثوره استنادا الى قاعده سد الذرائع وفتحها: ولكن علماء أهل السنة، اختلفوا في حكم الثورة كنمط تغيير فجائي كلى( والتي عبروا عنها بمصطلح خلع السلطان الجائر)، إلى مذهبين :المذهب الأول: المنع: يقول الإمام ابن تيمية ( والصبر على جور الأئمة أصل من أصول أهل السنة والجماعة) (مجموع الفتاوى، 28)، المذهب الثاني: الاباحه: ومن علماء الحنابلة الذين ذهبوا إلى القول بخلع الجائر، ابن رزين، وابن عقيل، وابن الجوزي (الإنصاف للمرداوي 10 \ 311)،ومن الواضح ان الحكم بالمنع او الايجاب فى المذهبين مبنى على قاعده سد الذرائع وفتحها يقول القرافي (اعلم أنَّ الذريعة كما يجب سدّها، يجب فتحها وتكره وتندب وتباح ؛ فإن الذريعة هي الوسيلة، فكما أنَّ وسيلة المحرم محرمة فوسيلة الواجب واجبة ؛ كالسعي للجمعة والحج ) (شرح تنقيح الفصول، ص449)، فالمذهب الاول قال بالمنع سدا للذرائع، اى ترجيحا للمفسده المترتبه على خلع الحاكم الظالم على المصلحه المتحققه من خلعه، وقال المذهب الثانى بالايجاب فتحا للذرائع، اى ترجيحا للمصلحه المتحققه من خلع الحاكم الظالم على المفسده التى قد تلزم من خلعه. ويمكن الجمع بين المذهبين بالقول بان الحكم بالمنع او الايجاب انما يكون طبقا لرجحان المفسده التى قد تلزم من خلع الحاكم الظالم، او المنفعه التى قد تتحقق من ذلك، وبالتالى الحكم بالمنع – على درجاته من كراه او تحريم – حسب درجه المفسده التى قد تلزم من ذلك، والحكم بالايجاب على درجاته من اياحه واستحباب ووجوب حسب المصلحه التى قد تتحقق من ذلك.

*استاذ فلسفه القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم

اقرأ أيضا

الأزمة الروسية-التركية: محددات التاريخ والجغرافيا والتطلعات لأدوار جديدة

العلاقات التركية-الروسية: ثِقَل التاريخ ومحددات الجغرافيا العارفون بتاريخ العلاقات التركية-الروسية سيقرأون حادثة إسقاط الطائرة الروسية …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *