يقرأ كثيرون عملية السهم الذهبي، العملية العسكرية الجديدة في اليمن، كخطوة ذات صلة بالملف النووي الإيراني. يعتبرون أن الخليجيين أرادوا التعبير عن رفضهم القوي لأيّة إمكانية لتغيير موازين القوى في الشرق الأوسط لمصلحة إيران.
ضوء أخضر أمريكي
قال الدكتور نبيل الشرجبي، أستاذ العلوم السياسية وإدارة الأزمات في جامعة صنعاء، لرصيف22: “قيام دول التحالف بعملية السهم الذهبي هو الهدية التي حاول من خلالها الرئيس الأمريكي باراك أوباما طمأنة دول الخليج القلقة وغير الراضية عن الاتفاق النووي. فقد ظن الخليجيون أن الاتفاق بداية تخلي أمريكا عن بعض التزاماتها الأمنية تجاه دولهم، لكن الحاصل عكس ذلك. إذ سمحت الولايات المتحدة لدول الخليج وخاصة السعودية بالقيام بالعملية كإثبات على عدم تخليها عن حلفائها، وكدليل على تفهمها طبيعة المخاوف الأمنية الخليجية”.
وفي ما يتعلق بمصير النفوذ الحوثي، قال: “ذلك مرهون بمدى نجاح العمليات العسكرية للسهم الذهبي في تقويض المرتكزات العسكرية التي اعتمد عليها الحوثيون في السابق وفي تفكيك تحالفاتهم”، لافتاً إلى أن النجاح في خلق استقرار وتحسين الأوضاع الاقتصادية لليمنيين كفيل بتحجيم نفوذ الحوثيين بشكل كبير “إذ إنهم لم ينجحوا في شيء من ذلك”. وتابع: “إذا لم تنجح دول التحالف مع الحكومة الشرعية في ذلك فإن التمدد الحوثي قابل للنهوض في المستقبل، وخاصة أنه يعتمد على قاعدة شعبية لا بأس بها. وإذا لم يكن للغرب سياسة صارمة إزاء سياسة إيران في اليمن فإن الأمر لن يتغير”.
وقال المحلل العسكري العميد الركن ثابت حسين لرصيف22: “أرادت السعودية تزامناً مع توقيع الاتفاق النووي الإيراني، أن ترسل رسالة سياسية وإعلامية تفيد بأنها ماضية في تحقيق كل أهداف عملياتها، وأن الاتفاق النووي ليس له تأثير في سير هذه العملية”.
ويرجح إعلاميون أن ما حصل مع الحوثيين في عدن، جنوب اليمن، بعد إطلاق عملية السهم الذهبي ليس هزيمة، وإنما تكتيك لإعادة ترسيم النفوذ الحوثي في اليمن.
الحوثيون ممتعضون من إيران:
“إيران ليس لديها أي عمل أو تحرك سياسي في اليمن، واتفاقها مع دول 5+1 لا يعنينا. فما يهمها هو مصلحتها”، قال إبراهيم العبيدي، أحد القادة الحوثيين لرصيف22. وأضاف العبيدي: “ما نقوم به في اليمن من قتال للدواعش هو شأن داخلي، كما أن إيران تختلف دينياً عنّا كحوثيين. ولو أن لإيران علاقة قوية بنا لما تجرأت المملكة العربية السعودية على ضرب اليمن بهذا الشكل. لا شك في أن الرأسماليين الأمريكيين هم مَن يديرون الصراع في اليمن وقد اتخذوا من إيران فزاعة للمملكة السعودية بهدف إدارة شؤونهم في المنطقة”.
وتابع العبيدي: “نحن نحمّل إيران المسؤولية عمّا يحصل في اليمن لأنها لم تتخذ أيّ خطوة جدية إزاء قصف البلاد. هي لم تستطع إيصال حتى باخرة ماء. لا نخفي أنها قدمت مساعدات طبية وعلاجية غير أن طيران التحالف قصف مطار صنعاء الدولي ما أوقف المساعدات الإغاثية الإيرانية. وأيضاً اعترض التحالف سفينة إيرانية محملة بالأسلحة في المياه الإقليمية، وقال إنها كانت ستصل إلينا لكنها لم تصل. وفي المقابل، ضبطنا أسلحة أمريكية كثيرة ومختلفة قادمة من السعودية ومن بعض دول الخليج وهي في طريقها إلى الدواعش في اليمن”.
وأضاف: “إيران تخلّت عن مبادئ وقيم الإمام الخميني، وهم لن يدعمونا حتى نلتحق بمرجعيتهم الدينية في طهران ونحن لن نفعل ذلك. وما يهم إيران هو البحث عن تسوية لبرنامجها النووي وقد نجحت في ذلك”.
دعم سعودي ثابت لحلفاء المملكة:
الناشط الحوثي زيد الغرسي أبدى لرصيف22 امتعاضه من تقديم التحالف بقيادة السعودية “الدعم والمشورة للرئيس عبد ربّه منصور هادي ومعاونيه وتقديمه السلاح لكل من يقف ضدنا وضد الأمن والاستقرار في اليمن وإرادة شعبه”.
للمزيد:هندسة الأمن الخليجي في ضوء النزاعات الإقليمية والدولية
وقال عضو اللجنة المركزية للحزب الناصري المقرب من الرئيس هادي، فخر العزب، لرصيف22 إن “التحالف العربي سيعيد حكومة هادي إلى عدن بعد عملية السهم الذهبي. وهذا من شأنه أن يساعد على استقرار المنطقة بعد قيام إيران بالسيطرة على بعض العواصم العربية وإحكام الخناق على الرياض”.
وأضاف: “الرياض تريد من دعمها لليمن التأكيد على عودتها إلى المحيط العربي، والسنّي بالتحديد، لمواجهة التمدد الشيعي الذي يخدم طهران. وهذه السياسة الخارجية الجديدة التي قادها الملك سلمان استطاعت أن تمنح الرياض دوراً ريادياً في المنطقة العربية وهو الدور الذي كانت الرياض قد فقدته منذ حكم الملك فيصل”.
وتابع: “تثبيت الشرعية في اليمن يستدعي وجود حكومة تمارس عملها على الأرض. ولهذا تم البدء بتحرير عدن باعتبارها المدينة الوحيدة المؤهلة لتكون عاصمة لليمن الجديد نتيجة لمدنيتها وموقعها الجغرافي على عكس صنعاء المحاطة بالقبائل والتي تعوق تثبيت سلطة الدولة وترسيخ مبدأ النظام والقانون”.
ولفت العزب إلى أن “الرياض تريد التأكيد أيضاً أن باب المندب باعتباره مضيقاً بحرياً مهماً لن يكون لقمة سائغة في فم طهران. علماً أن من أهداف الدعم السعودي إعادة الأمن والاستقرار إلى حدود المملكة مع اليمن”. وخلص إلى أن “المعركة الحقيقة للتحالف ستكون في صنعاء. أما عدن فليست سوى البداية”.
وأشار علي الأحمدي، قائد المقاومة الشعبية في محافظة عدن، والمقرب من هادي إلى أنه “تم تطهير أغلب مديريات محافظة عدن من الحوثيين وبدأت تصل المساعدات الإنسانية. وقد بدأت طلائع الحكومة تعود إلى المحافظة ووصل وزيرا الداخلية والنقل وستصل لاحقاً الحكومة بشكل كامل”. وأضاف: “سيجري طرد الحوثيين من مناطق محافظة لحج والتوجه إلى محافظات تعز ومأرب وبقية الحافظات اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون وذلك بفضل دعم الملك سلمان، ملك المملكة السعودية، لشعب اليمن”.
وقال الخبير السياسي محمد شمسان لرصيف22: “هناك صفقة بين 5+1 وإيران لتسوية الملف اليمني في إطار مشروع متفق عليه بين إيران وأمريكا لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط. هذه الصفقة ستنعكس على الصراع في منطقة الشرق الأوسط وفي اليمن خصوصاً، وقد تشهد الأيام المقبلة تراجعاً لميليشيات الحوثي تمهيداً لصفقة تفضي إلى دمجهم بالحياة السياسية وإشراكهم في صناعة القرار السياسي وفق منهجية جديدة ربما قد تتجاوز ما جرى الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني”.