ينتمي فيروس “ايبولا” الى عائلة “filoviruses” التي تسبب حمى ايبولا النزفية. تشبه اعراض هذه الحمى تلك التي يسببها فيروس ماربورغ، الذي ينتمي الى نفس العائلة.
نبذة عن حمى “ايبولا”
ينتمي فيروس “ايبولا” الى عائلة “filoviruses” التي تسبب حمى ايبولا النزفية. تشبه اعراض هذه الحمى تلك التي يسببها فيروس ماربورغ، الذي ينتمي الى نفس العائلة.
يسبب فيروس “ايبولا” مرضاً حاداً وخطيراً يودي بحياة الفرد في أغلب الأحيان، إن لم يُعالج في الوقت المناسب.
لفيروس “ايبولا” خمسة انواع هي فيروس زائير، فيروس السودان، فيروس ريستون، فيروس غابة تاي، فيروس بينديبوغو. يعتقد ان الموطن الأساسي لهذا الفيروس هو الغابات الاستوائية.
1 – فيروس زائير (Zair ebolavirus) _ اكتشف هذا النوع في زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا) لذلك اطلقت عليه هذه التسمية. يعتبر هذا النوع أكثر الأنواع انتشارا ومسببا لأكثر حالات تفشي الوباء، حيث تصل نسبة الوفيات الناتجة عن الإصابة به الى 90 بالمائة. اكتشف هذا النوع عام 1976 في حوض نهر “ايبولا” في زائير، حيث بلغت نسبة الوفيات حينها 88 بالمائة ، وفي عام 1994 بلغت 60 بالمائة، وفي 1995 بلغت 81 بالمائة، وفي 1996 بلغت 73 بالمائة، وفي عامي 2001 و2002 بلغت 80 بالمائة، وفي عام 2003 بلغت 90 بالمائة. أي أن معدل نسبة الوفيات يبلغ 83 بالمائة.
2 – فيروس السودان (Sudan ebolavirus (SUDV)) اكتشف هذا النوع في بلدة نزارا بجنوب غرب السودان في نفس السنة التي اكتشف فيها فيروس زائير، ولم يتمكن الخبراء من تحديد ناقل العدوى، رغم الجهود التي بذلوها في هذا المجال. آخر مرة تفشى فيها هذا الفيروس كانت في اوغندا في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012 – يناير/كانون الثاني 2013. يبلغ معدل نسبة الوفيات بين المصابين 54 بالمائة.
3 – فيروس ريستون (Reston ebolavirus (RESTV) بخلاف بقية الأنواع، مصدر هذا النوع آسيوي “جزر الفلبين” اكتشف عام 1989 حيث اصاب القرود، ونقل الفيروس الى مختبر ريستون في فيرجينيا الأمريكية. تفشى بعد ذلك في الفلبين وايطاليا والولايات المتحدة. هذا النوع لا يشكل خطورة على الإنسان لأنه يصيب القردة والخنازير.
4 – فيروس غابة تاي (Taï Forest ebolavirus (TAFV)) اكتشف هذا النوع في غابة تاي بساحل العاج، عام 1994 بعد اصابة عدد من قرود الشمبانزيه به، ومنها انتقل الى باحثة علمية، نقلت فورا الى سويسرا حيث شفيت بعد ستة أسابيع.
5 – فيروس بونديبوغو (Bundibugyo ebolavirus (BDBV) ) اكتشف هذا النوع في 24 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2007 في منطقة بونديبوغو باوغندا، حيث أودى بحياة 37 شخصا.
انتقال المرض
ينتقل المرض الى الإنسان بعد ملامسة دم أو إفرازات أو أعضاء وسوائل الحيوانات “القردة، خفافيش الفاكهة، النسانيس وغيرها) المصابة بالفيروس أو النافقة منها. بعد ذلك ينتقل المرض الى إنسان آخر عن طريق الملامسة المباشرة عن طريق الدم والإفرازات وسوائل جسم المصاب وكذلك بملامسة السطوح والأشياء الأخرى الملوثة بالسوائل كالملابس والمفروشات وغير ذلك.
أعراض حمى “ايبولا”
تتراوح دورة حضانة المرض بعد الإصابة به بين 2- 21 يوما، خلال هذه الفترة لا يعدي المصاب الأشخاص الذين يختلط بهم، لغاية ظهور أعراض المرض عليه، التي هي: ارتفاع درجة حرارة الجسم بصورة فجائية، وضعف عام، وآلام في العضلات يرافقها صداع شديد والتهابات في الفم، يتبعها تقيؤ واسهال وظهور طفح جلدي واختلال في وظائف الكبد والكلى، ونزيف داخلي وخارجي. وتبين نتائج التحاليل المخبرية للدم انخفاض حاد في عدد الكريات البيضاء والصفائح الدموية، وارتفاع معدل افراز الكبد للأنزيمات.
تشخيص حمى “ايبولا”
نظرا للتشابه الكبير في أعراض حمى “ايبولا” وأمراض معدية عديدة مثل الملاريا والتيفوئيد والتهاب السحايا، يكون من الصعب تشخيص المرض بصورة مباشرة وصحيحة. ولكن عند توفر المعدات والأجهزة الطبية – المخبرية الحديثة يصبح من السهولة جدا تشخيص الإصابة بهذه الحمى من عدمها.
الوقاية من حمى “ايبولا”
تتطلب الوقاية من المرض اتخاذ اجراءات سريعة ومراعاة قواعد الوقاية العامة من الأمراض المعدية، التي تتمثل في: عزل المصابين، ومتابعة الحالة الصحية لكل من اختلط بهم من خلال اجراء فحوصات وتحاليل دورية، وكذلك تنظيم مراسم دفن الموتى بحيث لا تجري ملامسة أجسامهم كما هو متبع حسب التقاليد الشائعة. كما يجب نشر وبث برامج خاصة لتوعية المواطنين بخطورة المرض وكيفية الوقاية من عدواه، حيث من المهم التركيز على ضرورة ارتداء القفازات وغيرها من الملابس الواقية عند ملامسة الحيوانات المصابة او النافقة، وعدم تناول لحومها إلا بعد أن تطهى جيدا.
كما يجب ارتداء القفازات والملابس الواقية عند رعاية المصابين في المنزل وغسل اليدين بعد زيارة المرضى في المستشفيات، لمنع انتقال العدوى من شخص الى آخر.
اللقاحات المضادة لحمى “ايبولا” والعقاقير الطبية
إن تقديم الرعاية الطبية اللازمة للمريض يلعب دورا كبيرا في نجاح علاجه وبقائه على قيد الحياة. ولكن لعدم وجود لقاح أو عقار مرخص ومجرب سريريا ضد حمى “ايبولا” في الوقت الحاضر، يصعب علاج المصاب، مما يضطر الأطباء الى استخدام مجموعة كبيرة من العقاقير العلاجية التي قد تساعد في علاج المصاب، أو على الأقل التخفيف من معاناته.
تجدر الاشارة، الى ان خبراء الأمراض المعدية في دول مختلفة، ابتكروا خلال السنة الحالية لقاحات مختلفة يختبر حاليا قسم منها على الحيوانات المخبرية وقسم منها يختبر سريريا على متطوعين، ولكن لا تزال هذه الاختبارات في بدايتها والجميع في انتظار نتائجها.
تفشي المرض عام 2014
يعتبر تفشي وباء حمى “ايبولا” في سنة 2014 الأكبر والأوسع منذ اكتشاف الفيروس حتى الآن. سجلت أولى الاصابات بها في شهر مارس/آذار عام 2014 في غينيا، ومنها انتقلت العدوى الى ليبيريا وسيراليون، وجوا الى نيجيريا، وبرا الى السنغال. وقد ساعد ضعف النظام الصحي في البلدان المذكورة وافتقاره الى خبراء وأخصائيين وبنى تحتية تسمح بمكافحة الوباء بسرعة، إضافة الى انخفاض مستوى الوعي الصحي بين مواطنيها، ساعد في انتشار الوباء بسرعة كبيرة الى بقية البلدان.
رغم ابلاغ منظمة الصحة العالمية باكتشاف وتسجيل اصابات جديدة وجديدة بالحمى، إلا إن المنظمة الدولية لم تحرك ساكنا في بداية الأمر ولم تتخذ الاجراءات اللازمة لوقف انتشاره، واعتبرت المسألة بسيطة ومحلية، واكتفت بإرسال عدد من العاملين في مجال الطب الى غينيا لتقديم المساعدات والاستشارات اللازمة لمكافحة المرض.
ولكن بعد انتشار المرض واستمرار الازدياد في الاصابات المسجلة والوفيات، بدأت المنظمة بالتحرك عالميا مطالبة الدول والمنظمات الدولية تقديم الدعم المالي اللازم لمكافحة هذا المرض الذي اصبح وباء يهدد الحضارة البشرية بكاملها، وارسلت فريقا طبيا جديدا الى البلدان التي تفشى فيها الوباء.
من جانبها ارسلت منظمة “أطباء بلا حدود” فريقا طبيا متخصصا الى بلدان غرب افريقيا للمساهمة في نشر الوعي الصحي بين المواطنين ومكافحة الوباء.
وتلبية لطلب منظمة الصحة العالمية بدأت البلدان المتقدمة بتقديم الدعم المالي لابتكار لقاح لمكافحة الفيروس وعلاج المصابين، اضافة الى ارسال فرق طبية متخصصة في الامراض المعدية للمساهمة في مكافحة هذا المرض القاتل.
بناء على طلب المنظمة العالمية أرسلت روسيا مختبرا بكامل طاقمه الطبي الى غينيا للمساهمة في مكافحة الوباء ومعالجة المصابين. الولايات المتحدة قررت ارسال 3000 عسكري لمكافحة المرض، ألمانيا واليابان والصين خصص كل منها مبالغ كبيرة لمكافحة الوباء ومساعدة سكان بلدان غرب أفريقيا.
ورغم جميع هذه الاجراءات المتخذة من قبل مختلف الدول والمنظمات، ورغم اللقاحات والأمصال التي ابتكرت خلال هذه الفترة والتي سمح باختبارها، رغم عدم اجتيازها مراحل معينة من الاختبارات الأولية، إلا ان الوباء مستمر في حصد الأرواح في بلدان غرب أفريقيا، ويهدد بلدان العالم كافة.
ستنادا الى ذلك، أعلن الممثل الشخصي للسكرتير العام للأمم المتحدة لشؤون “ايبولا”، ديفيد نابارو، بأنه يتطلب الأمر عدة أشهر أخرى للسيطرة على انتشار الفيروس. مع العلم ان خبراء المنظمة الدولية كانوا قد أعلنوا سابقا بأنه ستتم السيطرة بصورة كاملة على انتشار الوباء في 1 يناير/كانون الثاني 2015.
من المذنب في انتشار “ايبولا”؟
تشير أغلب تقارير منظمة الصحة العالمية، الى أن انتشار الوباء الحالي هو الأكبر والأوسع في تاريخ اكتشاف الفيروس عام 1976 ، وأودى بحياة آلاف المصابين أكثر من جميع حالات انتشاره السابقة مجتمعة.
هنا يطرح سؤال: كيف ينتقل الفيروس المكتشف عام 1976 بهذه السرعة المفاجئة وبهذا النشاط عام 2014 ، في القارة الأفريقية وخارجها؟
قد يكون الجواب على هذا السؤال مرتبطا بالتعرف على تاريخ التجارب التي تجريها المختبرات السرية للولايات المتحدة الأمريكية، رغم ان واشنطن تبذل كل ما بوسعها لحجب هذه المعلومات عن المجتمع الدولي.
وفق ما تنشره وسائل الاعلام ، كان فيروس “ايبولا” يخضع لدراسات مكثفة في جمهورية جنوب أفريقيا، خلال الحكم العنصري، من قبل الدكتور فوتر باسون، الطبيب الخاص لرئيس الوزراء آنذاك بيتر بوت، منذ عام 1980 لاستخدامه في الأسلحة البيولوجية تحت مشروع بعنوان “Project Coast”. كان الهدف من هذه الدراسة ابتكار سلاح بيولوجي وكيميائي لإبادة سكان جنوب أفريقيا السود، أو على الأقل اصابتهم بالعقم.
طبعا لم يكن هذا المشروع هو المحاولة الأولى، حيث تفيد صحيفة “The Age” ان الخبير الأسترالي في علم الأحياء الدقيقة، الحائز جائزة نوبل ماكفارلان بارنيت، اقنع عام 1947 الحكومة الأسترالية بابتكار سلاح بيولوجي ضد “بلدان جنوب شرق آسيا ذات الكثافة السكانية العالية”، واقترح تشكيل لجنة من خبراء الأحياء الدقيقة لتحديد المركبات التي تدخل في السلاح البيولوجي.
من ضمن المركبات التي خضعت للدراسة لاستخدامها في انتاج السلاح البيولوجي اختارت الولايات المتحدة فيروسات “ماربورغ” و”ايبولا”. وجاء في تقرير
“The Rollback jf South Africa Chemical and Biological Warfar Program” الذي نشر في عام 2001 من قبل الدكتور ستيفن بارغيس (استاذ في US Air War College” وهيلين باركيت “استاذة في US Naval Academy” انه في عام 1984 ارسل المركز الأمريكي “US Centers for Disease Control – CDC ” 8 عينات لسلالات فيروس ايبولا وماربورغ الى جمهورية جنوب أفريقيا. ويشير الناشران، الى أن وكالة الاستخبارات المركزية والمخابرات البريطانية كانتا على علم بذلك، اضافة الى ادارتي بوش الأب وتاتشر.
انتهى العمل رسميا بمشروع فوتر باسون الذي اطلقت عليه وسائل الاعلام في جنوب افريقيا لقب “طبيب الموت” عام 1994 ، ولكن لم يعرف هل فعلا تم تدمير سلالات الفيروس أم لا، لعدم العثور على وثائق تثبت هذا الأمر.
من جانبه أشار باسون في أقواله أمام المحكمة العليا لجنوب افريقيا، انه كان على علاقة بعدة وكالات استخباراتية غربية التي كانت تقدم له “الدعم المعنوي وغيره”. وكان من ضمن الذين يتصل بهم الدكتور ديفيد كيلي، مفتش الأمم المتحدة الموفد الى العراق، الذي عثر عليه مقتولا عام 2003 بعد بداية التحقيقات بمشروع “Project Coast”، ولكن السلطات الرسمية البريطانية تقول مات منتحرا. غير ان بعض المصادر تقول إن المخابرات البريطانية كانت تنوي استجواب كيلي بشأن علاقته بـ “طبيب الموت”.
لقد عبرت صحيفة “غانا تايمز” في شهر سبتمبر/ايلول، عن شكوكها بوجود علاقة بين “بحوث” باسون وانتشار “ايبولا” في بلدان غرب افريقيا. وكان قد سبقها في ذلك الدكتور تيموتي ستامبس وزير الصحة في زيمبابوي، الذي اشار الى ان المنطقة كانت ضمن مجال اختبار الأسلحة البيولوجية التي شارك فيها باسون، وذهب ضحيتها آلاف السكان السود.
تحت شعار محاربة الارهاب، ازدادت في الفترة الأخيرة اعداد المختبرات البيولوجية السرية بصورة ملحوظة، ففي الولايات المتحدة وحدها أكثر من 400 مختبر، وتحاول واشنطن انشاء مختبرات مشابه في دول ثالثة حيث يختبر تأثير الأحياء المجهرية المسببة للأمراض في الكائنات الحية، ومن ضمنها الإنسان، في منطقة معينة ومحددة، خدمة لمصالح البنتاغون.
لقد أنشأت الولايات المتحدة 11 مختبرا من هذا النوع في أوكرانيا، بعضها يقع في منطقة العمليات الحربية. فهل يجب ان نستغرب من ظهور الجمرة الخبيثة في مقاطعة أوديسا(اوكرانيا)، في الصيف الماضي؟
مئات من المختبرات المشابه تنتشر في دول عديدة من بينها افغانستان وباكستان وبوروندي وكينيا واوغندا والهند والعراق وتنزانيا وجنوب افريقيا وبلدان جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.
استنادا الى هذا، لا يُستغرب من ظهور ما يثبت مساهمة البنتاغون في تفشي حمى ايبولا، وايضا من “سرعة” ابتكار خبراء البنتاغون لـ “الدواء المنقذ” من ايبولا.
وحسب آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية إن عدد الأشخاص الذين قضوا بسبب الإصابة بفيروس إيبولا قد بلغ وفقا لآخر حصيلة نشرت الاثنين 29 ديسمبر/كانون الأول 7842 ضحية من بين 20081 مصابا بهذا الوباء القاتل. وباتت سيراليون تحتل المركز الأول من حيث أعداد المصابين بالفيروس – 9409 توفي منهم 2732.
وبلغ عدد الوفيات في ليبيريا 3413 من أصل 7977 شخصا أصيبوا بالفيروس حتى 24 من شهر ديسمبر/كانون الأول 2014. وفي غينيا، سجلت 2695 إصابة حتى 27 الشهر الحالي قضى منهم 1697 شخصا.
وخارج هذه الدول الثلاث، ما تزال حصيلة الوفيات دون تغيير، ستة في مالي وواحد في الولايات المتحدة وثمانية في نيجيريا . كما سجلت إصابة واحدة في كل من إسبانيا والسنغال لكن دون وفيات.
وطال الفيروس، وهو الأخطر الذي يواجه البشرية حتى اليوم، الطواقم الطبية. وفي 21 الشهر الحالي، بلغ عدد المصابين 666 شخصا قضى 366 منهم بحسب منظمة الصحة العالمية.