المسجد الأقصى هو ثاني مسجد بُني على الأرض، وقد عاش في أكنافه معظم الأنبياء والمرسلين، وعلى رأسهم الخليل إبراهيم عليه السلام، كما عاش فيه اسحاق ويعقوب وزكريا ويحي وعيسى وداود وسليمان، والسيدة مريم العذراء، ودخله ذي النون فاتحاً، وأُسري بخاتم الأنبياء والمرسلين محمد ، وانبعث منه معظم الرسالات السماوية.
وقد كان قبلة المسلمين الأولى لما يقرب من سبعة عشر شهراً، واليه تُشد الرحال، والصلاة فية بخمسمائة صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام والمسجد النبوي.
يقع المسجد الأقصى في الجزء الجنوبي الشرقي للبلدة القديمة لمدينة القدس والتي تقع تقريباً في وسط فلسطين. ويقع على هضبة عالية تسمى هضبة ( موريا)، ويشترك في حدوده الشرقية والجنوبية مع الحدود الشرقية والجنوبية لبلدة القدس القديمة.
وصف المسجد الأقصى
يتكون المسجد الأقصى من سور على هيئة مستطيل، حداه الجنوبي والشرقي هما نفسا حدا مدينة القدس القديمة، وكل ما يقع داخل هذا السور فهو جزء من المسجد الأقصى ( بيت المقدس)، ولهذا السور ابواب، وبداخله مجموعة من المساجد، والمصليات، والقباب، والمآذن، والأسبلة، والأروقة والمدارس، ويبلغ عدد مابه من المعالم حوالي مئتين.
وهذا هو الصحيح فكل ما هو داخل محيط السور في الصورة أعلاه هو جزء من المسجد الأقصى، وليس كما شاع عند معظم العامة أنه المسجد ذو القبة الذهبية (مسجد قبة الصخرة) والذي بناه عبد الملك بن مروان سنة 72 هجرية، أو الجامع القِبلي ذو القبة الرصاصية أو البرونزية.
مساحة المسجد الأقصى
تبلغ مساحة المسجد الأقصى حوالي 144 الف متر مربع تقريباً، وهو عل شكل مستطيل طول ضلعه الجنوبي 281م، والشمالي 310م، والشرقي 462م، والغربي 491م تقريباً، ويشغل المسجد الأقصى حوالى سدس مساحة القدس القديمة، وجدير بالذكر أن حدوده ومساحته لم تتغير على مدى العصور فلم تحدث له أي توسعة أو زيادة منذ وضع على الأرض، بعكس المسجد الحرام، والمسجد النبوي حيث مرا بعدد من التوسعات على مر العصور المختلفة.
مساجد المسجد الأقصى
المسجد القبلي:
الجامع القِبْلي (بكسر القاف وتسكين الباء) هو الجامع المسقوف الذي تعلوه قبة رصاصية، والواقع جنوب المسجد الأقصى المبارك ومن هنا جاءت تسميته بالقبلي، وكان أول من أمر ببناءه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند فتحه للقدس عام 15 للهجرة . وهو المصلى الرئيسي الذي يتجمع فيه المصلون خلف الإمام في صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك.
أنشأ الخليفة عمر بن الخطاب بعد فتح مدينة القدس عام 15 هـ مسجداً في منطقة الحرم القدسي، موقعه إلى جنوب الصخرة المقدسة.. وكان بناءً متواضعاً تم بناؤه من عروق خشبية موضوعة على الجدران مباشرة دون عقود، ويقال أن هذا المسجد كان يتسع لثلاثة آلاف مصلي. ثم جددوا عمارة المسجد الأقصى في العهد الأموي في خلافة عبد الملك بن مروان وابنه الوليد بن عبد الملك.. وكان المسجد الأقصى في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان ومن بعده ابنه الوليد يتكون من مساحة مستطيلة بنيت بأحجار صغيرة غلفت بوزرات من الرخام، وكسيت المناطق العلوية منها بالفسيفساء، وقد أمكن تحديد عرض المسجد الأقصى بمقدار 50.8 متر، أما طول المسجد الأقصى فلم يستدل عليه بسبب التوسعات التي قام بها الخليفة المهدي عام 163 هـ،
وكان المسجد في العهد الأموي يتكون من مجاز أوسط يعلوه قبة عالية من الخشب المصفح ببلاطات من الرصاص وستة أروقة، وكان للمسجد سبعة أبواب جهة الشمال، ولأن منطقة الشام منطقة باردة جداً في الشتاء ويسقط عليها الثلوج والأمطار الغزيرة، نجد أن المعمار لم يقم بعمل صحن مكشوف يتوسط المسجد، بل المسجد كله مسقوفا بسقف مائل حتى لا تتراكم عليه الأمطار والثلوج وتفسده. وفي أواخر العهد الأموي عام 130 هـ حدث زلزال سقط بسببه شرقي المسجد وغربيه.. وفي عهد الدولة العباسية تهدم جزء من المسجد وسقطت قبته ، وفي عام 163 هـ حدثت زلزلة أخرى أدت إلى تهدم المسجد الأقصى، فقام الخليفة المهدي العباسي بإعادة بنائه من جديد وذهب بنفسه إلى بيت المقدس لافتتاح المسجد الأقصى، وأصبح المسجد الأقصى يبلغ 102 متراً في الطول، و60 متراً في العرض، وأصبح المسجد يتكون من خمسة عشر رواقا تسير عقودها عموديا على جدار القبلة، وللمسجد أسقف خشبية مغطاة من الخارج ببلاطات من الرصاص، والرواق الأوسط يغطيه سقف جمالوني (مائل) يرتفع عن بقية أسقف المسجد وينتهي أمام المحراب بقبة عالية من الخشب مغطاة ببلاط من الرصاص، وكان للمسجد خمسة عشر باباً.
وكانت جدران المسجد الداخلية مغطاة بالفسيفساء لا تزال بقاياها فوق صنية المحراب الرئيسي.. وظل المسجد الأقصى تحت رعاية الدولة العباسية حتى انتهت على يد المغول عام 656 هـ. وانتقلت رعاية المسجد الأقصى إلى الدولة الفاطمية، وفي عام 406 هـ تعرض المسجد الأقصى وقبة الصخرة لزلزال شديد تهدمت على إثره أجزاء كبيرة منها، وكان ذلك في عهد الخليفة الحاكم بأمر الله، إلا أن أعمال الترميم والإصلاح لم تتم إلا في عهد الخليفة الظاهر ومن بعده الخليفة المستنصر لدين الله عام 448 هـ.
ثم احتل الصليبيون المسجد الأقصى الشريف عام 493 هـ / 1099م، وذالك في عهد الخليفة المستعلي الفاطمي، وظلوا بها لمدة تسعين عاماً أراقوا فيها الدماء وهتكوا الأعراض، واتخذ الملك جود فري الصليبي من مدينة القدس قاعدة حربية لقواته، وحول المسجد الأقصى إلى كنيسة ووضع على قبته صليباً كبيراً بدلا من الهلال واستخدم أقبية المسجد إسطبلات للدواب.
وكان السلطان نور الدين محمود دوما يردد أن نصر الله آت قريبا لا شك – عنده- فى ذلك. وفى ذات مرة بعد معركة حارم التى أقض فيها مضاجع الصليبيين التفت إلى جلسائه وهو يقول الحمد لله اقتربنا من القدس وسوف ندخله إن شاء الله قريبا نقيم فيه الصلاة لكنه – والحضور- صمت لحظة ثم عاد يقول فى تأثر شديد : لكنهم حطموا المنابر فلنستعد بمنبر عظيم يليق بذلك اليوم العظيم يصعد فيه الخطيب ويحيى يوم النصر ويهز الجدران كما ستهتز القلوب. ثم أمر باستدعاء أمهر المهندسين وكان منهم : حميد الدين بن ظافر الحلبي، وسليمان بن معالي وطلب منهما أن يصنعا منبرا فخما مرصعا بالجواهر والدر لم يصنع مثله من قبل.
وبالفعل قامت مجموعة من أمهر الصناع بتصنيع منبراً يُعد بحق أحدى أجمل التحف الفنية الإسلامية، وكان مصنوعاً بطريقة التعشيق، ولم يستخدم في تصنيعه أي مسمار أو مواد لاصقة.
ولكن المنية عاجلت السلطان المُجاهد نور الدين محمود قبل أن يرى يوم النصر، وظل المنبر مكانه بحلب حتى أتى نصر الله على يد خلفه القائد صلاح الدين الأيوبي في عام 583 هـ فإستطاع المسلمون بقيادته أن يخلصوا مدينة القدس من أيدي الصليبين ويرجعوها إلى حوزة الدولة الإسلامية.
وكان الصليبيون قد عبثوا بالمسجد الأقصى وبنوا منبراً ومذبحاً فوق الصخرة كما أنهم حجبوا جدرانه الأصلية وبنوا عليها حوائط جديدة، فأمر بهدم هذه الحوائط وحمل معه إلى المسجد العديد من المصاحف وأوقف عليه أوقافاً لإصلاحه وترميمه، وسجل هذه الأعمال على المحراب الأصلي للمسجد، ثم أمر بإحضار منبر نور الدين محمود من حلب ووضعه في مكانه إلى جوار المحراب.
وعلى هذا المنبر نص تأسيسي باسم المنشئ نور الدين محمود، وقد ظل المنبر هناك شامخاً مكانه حتى حريق المسجد الأقصى في زمن الإحتلال الصهيوني للقدس عام 1969 م.
أما في العصرين المملوكي والعثماني فقد توالت أعمال الإصلاح والتجديدات على المسجد الأقصى ولكنهم لم يغيروا من معالمه. ومن ذلك ما قام به السلطان الظاهر بيبرس البندقداري حينما زار القدس عام 661 هـ وأمر بترميم كل ما تهدم من حرم المسجد وأوقف عليه خاناً وعقارات يصرف عليه من دخلها،كما اهتم السلطان قايتباي المحمودي بالمسجد الأقصى وبنى بالحرم القدسي سبيلاً لا يزال موجوداً للآن بحالة جيدة كما أنشأ مدرسة لتدريس الفقه الإسلامي.
وفي عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون عام 729 هـ تم وضع الرخام في صدر المسجد على يد الأمير ناصر الدين ناظر الحرم القدسي، ثم جددت أبواب المسجد الأقصى الخشبية عام 778 هـ على يد السلطان شعبان والسلطان حسن، وكان آخر تجديد للمسجد الأقصى في العصر المملوكي على يد السلطان الغوري.
ترك السلطان سليمان القانوني بصمات واضحة في بيت المقدس عام 969 هـ ـ 1561 م، إلا أن أهم الأعمال التي تمت في المسجد الأقصى كانت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر على يد خمسة من السلاطين تركزت أعمالهم في فرش المسجد بالبسط ومده بالشماعد وتغيير النوافذ الزجاجية وإصلاح ما فسد من جدرانه.
ومنذ سقوط مدينة القدس وأجزاء من فلسطين في يد الصهاينة، تعرض الجامع القِبْلي لمئات الاعتداءات على أيديهم، كان أضخمها إحراقه في 8/6/1389هـ – 21/8/1969م، فاحترق حينها منبر نور الدين زنكي، كما امتد الحريق لمساحة 1500 متر مربع من الجامع القِبْلي، شملت الأروقة الثلاثة الشرقية منه، إضافة إلى سقفه الخشبي، وبعض الأعمدة الرئيسية التي تحمل قبته.فضلا عن ذلك، تعرض الجامع القِبْلي لمحاولات عدة لتفجيره، بل وقصفه بالصواريخ خاصة عامي 1980م و1984م ،كما أن أعمال الحفر التي تقوم بها سلطات الاحتلال في محيط المسجد الأقصى المبارك وتحت أجزائه المختلفة باتت تهدد أساسات الجامع القِبْلي بصفة خاصة، حيث إنه مقام فوق تسوية مقامة فوق الأرضية الأصلية للمسجد الأقصى المبارك، وليس فوق الأرضية الأصلية مباشرة. كما يهدد الحظر المفروض على أعمال الترميم الإسلامية في مختلف أجزاء المسجد الأقصى الأسير بإضعاف بنيان الجامع القِبْلي ومختلف الأبنية الأثرية التاريخية الأخرى داخل الأقصى، بسبب عوامل التعرية وتسرب المياه.
كما بدأت بعض أعمدة الجامع القِبْلي وبعض قطع الرخام فيه في التآكل، كما تشوهت بعض زخارف ونقوش قبته القيمة بعوامل التبلية التي مرت سنوات طويلة عليها، وأيضا بأثر الرصاص الذي طالما أمطر به الصهاينة مختلف قباب المسجد الأقصى، خاصة قبة الجامع القِبْلي وقبة الصخرة، منذ احتلالهم المسجد المبارك عام 1967م. كما تأثر الحائط الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك، مما يلي الجامع القِبْلي، بسبب الحفريات الصهيونية في الجهة الجنوبية من الأقصى. وبينما منعت سلطات الاحتلال الأوقاف الإسلامية من إعماره، أقامت ثكنة عسكرية عنده للإشراف على أعمال التشويه الذي تقوم به، تحت مسمى أعمال التطوير، فارضة سيطرتها على هذا الجزء ضمن غيره من الأجزاء المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك.
والمسجد القِبلي الحالي طوله من الداخل 80 مترا وعرضه 55 مترا ومساحته 4500 متر مربع، وهو ممتد من القبلة إلى الشمال في سبعة أروقة أوسعها الرواق الأوسط وأسقفه محمولة على 53 عمودا من الرخام الملون، و49 دعامة من الحجارة، وفي صدر المسجد قبة مصنوعة من الخشب مزينة بالفصوص الذهبية الملونة، وفيها النقوش العربية الجميلة، وتكسو خوذة القبة من الخارج ألواح خشبية مصفحة بالرصاص، وللمسجد حالياً أحد عشر باباً، سبعة منها في الجانب الشمالي للمسجد، وواحد في الجانب الشرقي واثنان في الجانب الغربي وواحد في الجانب الجنوبي.
بعد حريق عام 1969م قامت فكرة إعادة إنشاء المنبر من جديد، حيث حاولت جامعة الدول العربية وعدة دول عربية وإسلامية تحقيق هذه الفكرة، لكن تنفيذها لم يكن سهلاً، وفي الأردن وضعت وزارة الأوقاف بالتعاون مع اللجنة الملكية لإعمار القدس مسابقة لأفضل تصميم وتقدَّم لها عددٌ من الخبراء الأكفاء المتخصصون في فن الزخرفةِ في العالم الإسلامي، وفاز بالمسابقة المكتب الهندسي الأردني “المحراب”، وبدأ هذا المكتب بإعداد التصاميم وجمع المعلومات عن المنبر القديم؛ حيث تمَّ الاستناد إلى الصورِ والرسومات القديمة، وبعد ذلك تمَّ إنشاء معهد الفنون الإسلامية التقليدية التابع لجامعة البلقاء في كلية العلوم التطبيقية، ثم شرعت اللجنة والمكتب باستقدام الأيدي العاملة الخبيرة من خلال الإعلانات ثم المقابلات.
ووقع الاختيار على مجموعةِ فنيين من تركيا وإندونيسيا ومصر والمغرب وسوريا وتونس والأردن. وتمَّت المباشرة بالعمل في 2002م ، واستغرقت عملية إنشائه أربع سنوات ونصف، ثُم نُقل الى المسجد الأقصى في عام 2007، ومن ثم تجميعه وتركيبه في نفس مكان المنبر القديم، ولم يكن إنجاز هذا العمل سهلاً على الإطلاق؛ حيث تمَّ تجميع 16500 قطعةً بدون مواد مثبتة نهائيًّا؛ الأمر الذي يدلُّ على تقدم الصناعة والفنون والعلوم في تاريخ الإسلام قبل حوالي 800 سنة، والمنبر الجديد هو نسخة طبق الأصل من المنبر القديم.
مسجد قبة الصخرة:
أنشأ هذا المسجد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام 72 هـ، فوق الصخرة المقدسة التي يُقال أن النبي ، عرج منها إلى السماء ليلة الإسراء والمعراج وذلك تخليداً لها، وقد كان الهدف من إنشائها الحفاظ على الصخرة من العوامل الجوية المتغيرة، وجعل هذا المسجد مزاراً إسلامياً جميلاً،وتتكون قبة الصخرة من بناء ضخم ذو تخطيط مثمن خارجي به أربعة مداخل محورية، وعلى امتداد محورها الرئيسي في الجنوب يقع مسجد عمر.
وتعتبر قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم المعمارية الإسلامية، حيث تمثل أقدم نموذج في العمارة الإسلامية من جهة، وتوجد في أرض مُقدسة من جهة اخرى. كما تحمل روعة فنية وجمالية تطوي بين زخارفها بصمات الحضارة الإسلامية على مر فتراتها المتتابعة من جهة أخرى، حيث جلبت انتباه واهتمام الباحثين والزائرين وجميع الناس من كل بقاع الدنيا لما امتازت به من تناسق وانسجام بين عناصرها المعمارية والزخرفية حتى اعتبرت آية من في الهندسة المعمارية .
تتوسط قبة الصخرة المشرفة تقريباً ساحة الحرم الشريف، حيث تقوم على فناء (صحن) يرتفع عن مستوى ساحة الحرم حوالي 4م، ويحيط بها اربعة بوائك (قناطر) تعد بمثابة المداخل لساحة القبة.
وقد أمر ببناءها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/ 684-705م)، حيث بدأ العمل في بنائها سنة 66هـ/ 685م، وتم الفراغ منها سنة 72هـ/ 691م. وقد اشرف على بنائها المهندسان العربيان رجاء بن حيوة وهو من بيسان فلسطين ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو من القدس .
وقد خصص الخليفة عبد الملك بن مروان لبناءها خراج مصر لمدة سبع سنوات، ولما كانت مصر اكبر ولاية اسلامية حينها فلنا أن نتخيل تكلفة هذا البناء وكذلك الرخاء الذي كانت تنعم به الدولة الإسلامية وقتها.
وأما القبة التي جاءت بمثابة الدائرة المركزية التي تحيط بالصخرة فإنها تجلس على رقبة تقوم على أربع دعامات حجرية (عرض كل منها ثلاثة أمتار) واثنين عشر عموداً مكسوة بالرخام المعرق، تحيط بالصخرة بشكل دائري ومنسق بحيث يتخلل كل دعاة حجرية ثلاثة أعمدة رخامية. وتتكون القبة من طبقتين خشبيتين داخلية وخارجية وقد نصبتا على إطار خشبي يعلو رقبة القبة.كما زينت القبة من الداخل بالزخارف الجصية المذهبة، وأما من الخارج فقد صفحت بالصفائح النحاسية المطلية بالذهب .
وأما رقبة القبة فقد زينت من الداخل بالزخارف الفسيفسائية البديعة، كما فتح فيها ست عشرة نافذة لغرضي الإنارة والتهوية .وقد وضع تصميم مخطط قبة الصخرة المشرفة على أسس هندسية دقيقة ومتناسقة تدل على مدى إبداع العقلية الهندسية الإسلامية، حيث اعتمد المهندس المسلم في تصميم هيكلها وبنائها على ثلاث دوائر هندسية ترجمت بعناصر معمارية لتشكل فيما بعد هذا المعلم والصرح الإسلامي العظيم. وما العناصر المعمارية الثلاثة التي جاءت محصلة تقاطع مربعين متساويين فهي: القبة التي تغطي الصخرة وتحيط بها، وتثمينتين داخلية وخارجية تحيطان بالقبة نتج فيما بينهما رواق داخلي على شكل ثماني الأضلاع.
ويبلغ قطر القبة 20.1 متراً، ومجموع مساحة الجدران المزخرفة بالفسيفساء 1200 متر فضلا عن الزخارف المعدنية، وبأعلى العقود كتابة بالفسيفساء يبلغ طولها نحو 240 متراً تشتمل على آيات قرآنية وعبارات دينية تقول “بنى هذه القبة عبد الله الإمام المأمون أمير المؤمنين في سنة اثنتين وسبعين” ويلاحظ فيه أن اسم عبدالملك بن مروان قد استبدل به اسم المأمون غير أن التاريخ الأصلي بقي على حاله.
وفي الفترة الفاطمية تعرضت فلسطين لهزات أرضية عنيفة: منها التي حدثت سنة 407 هـ/ 1016 م، والتي أدت إلى إصابة قبة الصخرة وإتلاف بعض أجزاء القبة الكبيرة، حيث بدئ بترميمها في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (386 – 411هـ/ 996-1021) واستكمل في عهد ولده الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله (411-427هـ/1021-1036م). وقد اشتملت الترميمات على القبة وزخارفها وتمت على يدي علي بن أحمد في سنة 413هـ/1022 م، وذلك حسب ما ورد في الشريط الكتابي الواقع في الدهليز الموجود في رقبة القبة
وعندما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 493هـ/ 1099م، قاموا بتحويل مسجد قبة الصخرة إلى كنيسة عرفت بذلك الوقت باسم “هيكل السيد العظيم/ Temple Domini “، فانتهكوا قدسيتها وبنوا فوق الصخرة مذبحاً ووضعوا فيها الصور والتماثيل. مبيحين في ذلك ما حرمه الإسلام في أماكنه المقدسة . ومن الطريف بالأمر أن قساوسة ذلك الوقت اعتادوا على المتاجرة بأجزاء من الصخرة، كانوا يقتطعوها من الصخرة ليبيعوها للحجاج والزوار ليعودوا بهذه القطع إلى بلادهم بحجة التبرك والتيمن بها. وعلى ما يبدو أنها كانت تجارة رابحة جداً للقساوسة، حيث كانون يبيعون تلك القطع بوزنها ذهباً، الأمر الذي حدا بملوك الفرنج إلى كسوة الصخرة بالرخام وإحاطتها بحاجز حديدي مشبك لحمايتها والإبقاء عليها خوفاً من زوالها إذا استمر القساوسة بهذه التجارة .
ولم يشأ الله عز وجل أن يطيل معاناة قبة الصخرة المشرفة من ذلك الاحتلال الغاشم، حتى هيأ سبحانه وتعالى جيلاً من المسلمين الصادقين وقائداً عظيماً هو صلاح الدين (564 – 589 هجرية/ 1169-1193 ميلادية) لتحرير فلسطين واستردادها من الصليبيين سنة 583هجرية/ 1187 ميلادية. وبذلك تطهرت قبة الصخرة المشرفة من النجس الذي كان عالقاً بها، حيث قام صلاح الدين بإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الصليبيين وإزالة جميع بصماتهم التي وضعوها عليها،
وكذلك قام بإزالة المذبح الذي أضافوه فوق الصخرة والبلاط الرخامي الذي كسوا به الصخرة والصور والتماثيل، وكذلك أمر بعمل صيانة وترميم لما يحتاجه المبنى، حيث تم تجديد تذهيب القبة من الداخل وذلك حسب ما نجده اليوم مكتوباً من خلال الشريط الكتابي الواقع بداخل القبة والذي جاء فيه ما نصه: ((بسم الله الرحمن الرحيم. أمر بتجديد تذهيب هذه القبة الشريفة مولانا السلطان الملك الناصر العالم العادل العامل صلاح الدين يوسف بن أيوب تغمده الله برحمته. وذلك في شهور سنة ست وثمانين وخمسمائة)) .
هذا ولم يغفل المجاهد صلاح الدين عن متابعة مبنى قبة الصخرة والحفاظ عليها، فنراه قد رتب للمسجد إماماً وعين لخدمته سدنة ووقف عليه الوقوفات لكي ينفق ريعها لصالح قبة الصخرة المشرفة. وقد استمر الأيوبيون بعد صلاح الدين بالاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أن معظمهم كانوا يكنسون الصخرة بأيديهم ثم يغسلونها بماء الورد باستمرار لتظل نظيفة معطرة، كما أن الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين (589-595 هجرية/ 1193-1198ميلادية)، قام بوضع الحاجز الخشبي الذي يحيط الصخرة لحمايتها بدلاً من الحاجز الحديدي الذي وضعه الصليبيون .
وفي الفترة المملوكية لم ينس سلاطين المماليك متابعة الاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها. فقد قام السلطان الملك الظاهر بيبرس (658 – 676هجرية/ 1260 – 1277ميلادية) بتجديد الزخارف الفسيفسائية التي تكسو الأقسام العلوية الواقعة في واجهات التثمينة الخارجية وذلك سنة 699 هجرية/ 1270 ميلادية.
أما السلطان الناصر محمد بن قلاوون وفي فترة سلطنته الثالثة (709 –741هجرية/ 1309-1340 ميلادية) والذي اعتبر من مشاهير سلاطين المماليك الذين اهتموا بالإنجازات المعمارية بصورة عامة، مثله مثل الوليد بن عبد الملك في الفترة الأموية، فقد قام السلطان ابن قلاوون بأعمال صيانة وترميم عديدة في قبة الصخرة نذكر منها: تجديد وتذهيب القبة من الداخل والخارج في سنة 718 هجرية/ 1318 ميلادية) وذلك حسب ما ورد بالشريط الكتابي الموجود في أعلى رقبة الداخلية حيث جاء ما نصه: ((بسم الله الرحمن الرحيم. أمر بتجديد وتذهيب هذه القبة مع القبة الفوقانية برصاصها مولانا ظل الله في أرضه القائم بسنته وفرضه السلطان محمد بن الملك المنصور الشهيد قلاوون تغمده الله برحمته. وذلك في سنة ثمان عشرة وسبع مائة)). وكما أنه قام بتبليط فناء (صحن) قبة الصخرة المشرفة الذي يحيط بها .
وفي عهد السلطان الملك الظاهر برقوق وفي فترة سلطنته الأولى (784-791هجرية/ 1382 –1389ميلادية)، تم تجديد دكة المؤذنين الواقعة إلى الغرب من باب المغارة مقابل الباب الجنوبي (القبلي) لقبة الصخرة، وذلك في سنة 789هجرية/ 1387ميلادية) على يدي نائبه بالقدس محمد بن السيفي بهادر الظاهري نائب السلطنة الشريفة بالقدس وناظر الحرمين الشريفين، حسب ما ورد في النص التذكاري الموجود عليها .
وفي عهد السلطان الملك الظاهر جقمق (842 – 857هجرية/ 1438 – 1453ميلادية)، تم ترميم قسم من سقف قبة الصخرة الذي تعرض للحريق إثر صاعقة عنيفة . وقد حافظ سلاطين المماليك على استمرارية صيانة وترميم قبة الصخرة والحفاظ عليها إما عن طريق الترميمات الفعلية أو عن طريق الوقوفات التي كانت بمثابة الرصيد المالي الدائم لكي يضمن النفقات والمصاريف على مصلحة مسجد قبة الصخرة المشرفة. فعلى ما يبدو أنه في حال لم يكن هناك ترميمات، اهتم السلاطين برصد الأموال اللازمة لها في حين الحاجة، فنجد السلطان الملك الأشرف برسباي (825-841هجرية/ 1422-1437ميلادية)، قد أمر بشراء الضياع والقرى ووقفها لرصد ريعها للنفقة على قبة الصخرة المشرفة، حيث جاء في النص الوقفي ما نصه: ((جدده وأنشأه ناظر الحرمين الشريفين أثابه الله الجنة وهو مشتراه مما ثمره من مال الوقف من أجور المسقفات في كل شهر ألفا درهم خارجاً عن تكملة جوامك المستحقين وما جدده وأنشأه من الحمام الخراب بحارة حواصل قرية العوجاء والنويعمة بالغور ومرتب الجرجان الواردين تمامه وأن يصرف جميع متحصل ذلك برسم عمارة المسجد الأقصى الشريف والصخرة الشريفة مهما حصل من ذلك يرصد حاصلاً لصندوق الصخرة المشرفة أرصد ذلك جميعه برسم العمارة خاصة إرصاداً صحيحاً شرعياً بمقتضى المرسوم الشريف المعين تاريخه أعلاه ورسم أن ينقش ذلك في هذه الرخامة حسنة جارية في صحائف مولانا السلطان الملك الأشرف برسباي خلد الله ملكه على مستمرة الدوام الشهور والأعوام فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ومضاف إلى ذلك فائض الزيت والجوالي اللهم من فضل هذا الخير وكان سبب فيه جازه الجنة والنعيم ومن غيره أو نقصه جازه العذاب الأليم في الدنيا والآخرة)) .
وفي العصر الحالي أصبح مسجد القبة هو المُصلى الرئسي للنساء بالمسجد الأقصى، وتمتلئ ساحته بالمصليات في ليالي رمضان، حسبما يسمح الإحتلال الصهيوني.
المصلى المرواني:
يقع المصلى المرواني تحت ساحات المسجد الأقصى المبارك الجنوبية الشرقية، ويتحد حائطاه الجنوبي والشرقي مع حائطي المسجد الأقصى المبارك، وهما كذلك حائطا سور البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة. عرف هذا الجزء من المسجد الأقصى المبارك قديما بالتسوية الشرقية.
بناه الأمويون أصلا كتسوية معمارية لهضبة بيت المقدس الأصلية المنحدرة جهة الجنوب حتى يتسنى البناء فوق قسمها الجنوبي الأقرب إلى القبلة على أرضية مستوية وأساسات متينة ترتفع لمستوى القسم الشمالي. ويرجح أن يكون قد بنى قبل الجامع القِبْلي، لهذا السبب، وأنه استخدم للصلاة ريثما يتم بناء هذا الجامع. يضم المصلى 16 رواقا حجريا قائما على دعامات حجرية قوية، ويمتد على مساحة تبلغ نحو أربعة دونمات ونصف (الدونم = ألف متر مربع)، حيث يعد أكبر مساحة مسقوفة في المسجد الأقصى المبارك حاليا.
ويمكن الوصول إليه من خلال سلم حجري يقع شمال شرق الجامع القِبْلي، أو من خلال بواباته الشمالية الضخمة المتعامدة على السور الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، والتي تم الكشف عنها مؤخرا. خلال فترة الاحتلال الصليبي للقدس، حوله المحتلون إلى إسطبل لخيولهم، ومخزنٍ للذخيرة، وأسموه “اسطبلات سليمان”. ولا يزال بالإمكان رؤية الحلقات التي حفروها في أعمدة هذا المصلى العريق لربط خيولهم، وبعد تحرير بيت المقدس، أعاد صلاح الدين الأيوبي ( رحمه الله) تطهيره وإغلاقه.
وقد ظل المصلى المرواني مغلقا لسنوات طويلة، نظرا لاتساع ساحات الأقصى العلويّة، وقلة عدد شادّي الرحال إلى المسجد المبارك.
ثم أعادت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات ولجنة التراث الإسلامي ببيت المقدس تأهيله، وفتحه للصلاة، في نوفمبر 1996م -1417هـ، وذلك بهدف حمايته من مخطط كان يهدف إلى تمكين اليهود من الصلاة فيه ومن ثم الاستيلاء عليه، حيث أقاموا درجا يقود إليه عبر الباب الثلاثي المغلق في الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك. واعتبر هذا العمل أضخم مشروع عمراني في المسجد الأقصى المبارك منذ مئات السنين. وقد نجح المسلمون في فتح بوابتين عملاقتين من بوابات المصلى المرواني الشمالية الضخمة في مايو 2000م، في فترة زمنية وجيزة.
وفي 28-9– 2000م، اقتحم أرئيل شارون، زعيم المعارضة الصهيونية آنذاك، المسجد الأقصى المبارك، ، وحاول الوصول إلى المصلّى المرواني مدنسا باحات المسجد الأقصى، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة في اليوم التالي. وتعاني كثير من أعمدة المصلى المرواني وجدرانه، خاصة في رواقه الأخير الملاصق للجدار الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، وكذلك سقفه، من تصدعات خطيرة تهدده بالانهيار نتيجة تراكم ترسبات من الأوساخ والأتربة بسبب تسرب الرطوبة، مما يتطلب ترميما عاجلا يحظره المحتلون في إطار حصارهم المتواصل للمسجد الأقصى المبارك الأسير منذ 1967م.
ومع ازدياد الوعي الإسلامى لدى أهل القدس، والبلدات المحيطة، اصبح المصلى المرواني بحمد الله يكتظ بالمصلين وخاصة ايام الجُمع ورمضان، حيث اصبح مُكملاً للجامع القبلي في استيعاب أعداد المصلين من الرجال، ولكن حسبما تسمح به سلطات الإحتلال الصهيوني.
جامع المغاربة (المتحف الإسلامي):
بناء قديم جدا يقع في الرواق الغربي للمسجد الأقصى المبارك، إلى الجنوب من باب المغاربة، وله بابان: مغلق في جهته الشمالية، ومفتوح في جهته الشرقية المواجهة للجدار الغربي للجامع القبلي. قيل إن صلاح الدين الأيوبي (رضي الله عنه) بناه سنة 590هـ- 1193م, لصلاة المالكية.
ويستعمل اليوم كقاعة عرض لأغراض المتحف الإسلامي ومقتنياته التي نقلت إليه من الرباط المنصوري، في سنة 1348هـ – 1929م.
ويحوي المتحف آثارا كثيرة من العهود المختلفة للحكم الإسلامي لبيت المقدس, وبداخله ما تبقى من آثار منبر نور الدين زنكي بعد احتراقه على يد اليهود سنة 1969م.
وفي 2004م، قام بعض الصهاينة الذين اعتادوا اقتحام الأقصى من باب المغاربة (والذي صادره المحتلون منذ بدء الاحتلال، ويمنعون المسلمين من استخدامه) بتكسير أعمدة رخامية أثرية قريبة من المتحف الإسلامي، يعود تاريخها إلى العصور الإسلامية الأولى، كما حدث انهيار في جداره الغربي في عام 2003م، بسبب الحفريات اليهودية في ساحة البراق القريبة.
مصلى البراق:
يقع تحت جزء من الساحة الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى المبارك، بمحاذاة حائط البراق الذي ربط فيه سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) دابته البراق في رحلة الإسراء والمعراج. وإليه ينسب. وهو مصلى صغير وضيق ومتقارب، ينزل إليه بدرجات يبلغ عددها 38 درجة، ويقع مدخله في الرواق الغربي للأقصى، إلى يسار الداخل من باب المغاربة، ويفتح يوم الجمعة صباحاً وفي بعض المناسبات.
كان لهذا المصلى قديما باب من خارج سور المسجد الأقصى المبارك في منطقة ساحة البراق. ولكنه أغلق في زمنٍ لاحق، وفتح للمصلى مدخل من داخل المسجد الأقصى المبارك. ويؤكد الباحثون أن باب ومصلى البراق بناء أموي لأنّ العناصـر الموجـودة في هذا الباب هي نفـس العناصر الموجودة في كل من باب الرّحمة، والباب المزدوج، كما يذهبون إلى القول بأنّ هذا المصلى، الذي أعيد بناؤه بشكله الحالي في الفترة المملوكيّة عام 707 ـ737هـ الموافق 1307ـ 1336م، متصل بكل من مصلى الأقصى القديم، والمصلّى المرواني، وباب الرّحمة.
ويعاني مصلى البراق من تشقق في بعض حجارته نتيجة الرطوبة الشديدة وتساقط المياه، وهو وضع يهدد بالتفاقم في ظل الحظر الذي يفرضه المحتلون الصهاينة على أعمال الترميم في إطار حصارهم الشامل للمسجد الأقصى المبارك، خاصة وأن هذا المصلى ملاصق تماما لحائط البراق الذي حولوه إلى “ساحة مبكى” خارج الأقصى. كما تتواجد قوة من الشرطة الصهيونية باستمرار عند باب مصلى البراق القائم داخل المسجد الأقصى، مما يعيق وصول المصلين إليه. ومع بدء هدم تلة طريق باب المغاربة في 6/2/2007م، كشف النقاب عن مساعٍ صهيوني للسيطرة على هذا المصلى بعد فتح الباب الآخر المغلق الذي يؤدي إليه من خارج سور المسجد الأقصى المبارك، والواقع تحت باب المغاربة مباشرة، وذلك بهدف تحويله إلى كنيس يهودي! كما تجري الحفريات الصهيونية المنتشرة في هذه الجهة في موضع قريب جدا من مصلى البراق.
جامع النساء:
يقع داخل المسجد الأقصى المبارك، ويمتد بمحاذاة حائطه الجنوبي بدءا من الجدار الغربي للجامع القبلي، وحتى الحائط الغربي للمسجد الأقصى المبارك، فهو يمثل أقصى الجزء الجنوبي الغربي من المسجد الأقصى المبارك. وهو بناء كبير واسع ومرتفع على مستوى الجامع القِبْلي, يقوم مبناه على عشرة عقود وعرضه عقدان.
ويعود بناؤه إلى العهد الأيوبي حيث خصص لصلاة النساء، وقيل إن بانيه هو صلاح الدين الأيوبي (رضي الله عنه). غير أن باحثين يرون أن بناءه تم في الفترة الصليبية، ككنيسة داخل المسجد الأقصى المبارك، ثم طهره صلاح الدين، وأعاده موضعا للصلاة.
وجامع النساء مقسم اليوم إلى ثلاثة أقسام: أولها غربي ملحق بالمتحف الإسلامي، ويمثل امتدادا للمتحف، وثانيها في الوسط، وبه توجد مكتبة الأقصى الرئيسية، وثالثها شرقي ملاصق للجامع القبلي وملحق به، ويستعمل الآن كمستودع. وكغيره من الأبنية الواقعة أقصى جنوبي المسجد الأقصى المبارك ملاصقة لجداره الجنوبي، يتعرض جامع النساء لمخاطر الهدم بسبب الحفريات الصهيونية في المحيط الجنوبي للمسجد المبارك. ويعتقد أن هذه الحفريات وصلت إلى أساسات الجامع.