الرئيسية / إضاءات / “أثنار” يعلن القطيعة مع الحزب الشعبي وقائمة الخلافات مع راخوي طويلة
رئيس وزراء إسبانيا

“أثنار” يعلن القطيعة مع الحزب الشعبي وقائمة الخلافات مع راخوي طويلة

فك، خوصي ماريا أثنار، رئيس وزراء إسبانيا الأسبق، أخيرا ارتباطه بالحزب الشعبي  الذي رأسه على مدى عقد ونصف، معلنا أنه سيظل مجرد عضو عادي في التنظيم وبالتالي فلن يحضر المؤتمر العام المقبل للحزب المقرر في شهر فبراير المقبل.

وتمنى أثنار، في رسالة، لمن خلفه عام 2004 رئيس الوزراء الحالي، ماريانو راخوي، النجاح في مهامه على رأس الحزب ،معربا عن امتنانه لأعضاء الحزب الشعبي الذين ساندوه خلال مسؤولياته السياسية،زعيما ورئيسا للحكومة، خلال ولايتين متتاليتين من عام 1996 إلى عام 2004  وهي السنة التي  تخلى فيها عن رئاسة الحزب وقرر عدم الترشح لرئاسة الحكومة.

وكان أثنار، اختار لخلافته نائبه ووزير داخليته،ماريانو راخوي، وفضله على منافسين من العيار الثقيل في الحزب ضمنهم: رودريغو راتو، وزير الاقتصاد المالية في حكومته الذي  قيل إنه اعتذر  فرشحه ودافع عنه، أثنار، لاحقا لدى الإدارة الأميركية ليتقلد رئاسة صندوق النقد الدولي،دون أن يكمل ولايته، مفضلا العودة إلى بلاده حيث تلاحقه حاليا تهم ثقيلة بالفساد المالي،يعاني من تبعاتها أمام المحاكم والمحققين.

ولم تحدث استقالة اثنار من الرئاسة الشرفية للحزب الشعبي، ردود فعل خاصة إن في صوف الحزب أو لدى الطبقة السياسية، فقد اعتبرها متحدث باسم الحزب الاشتراكي أمرا عاديا داخليا  يهم الحزب الشعبي في المقام الأول، لكن الاستقالة من وجهة نظر القيادي وتوقيتها، تعكس فتورا مؤكدا  في العلاقة بين زعيمي الحزب الشعبي  القديم والجديد؛ وصار معروفا أن،رَاخوي وأثنار، لا يلتقيان كثيرا، وقلت المشاورات بينهما بخصوص القضايا السياسية الكبرى؛ بدليل انه اختار الإعلان عن استقالته من الرئاسة  وراخوي، خارج البلاد، في نيويورك حيث رأس اجتماعا لمجلس الأمن  لتقديم حصيلة الرئاسة الاسبانية.

ومن جهته لم يستغل  الخصم اللدود، بابلو ايغليسياس، خلاف حركته بوديموس، مع رموز الحزب الشعبي، وبدل أن يتشفى اكتفى  بالتعليق العادي على الحادث بالقول: لا يخلو حزب من نقاش داخلي، في إشارة ضمنية  إلى وضعية تجاذب التيارات  بين اتباع “بوديموس” استعدادا للمؤتمر القادم للحركة.

ويستنتج مما نشرته بعض الصحف الإسبانية عن قطيعة “أثنار” مع القيادة الحالية الحزب الشعبي، إحساسه بأنه  فقد المهابة التي طالما تمتع بها أثناء رئاسته  الفعلية للحزب حين  كان الآمر الناهي، لا يجرؤ أحد على معارضته  والخروج عن طاعته.

وما حز في نفسه أن، ماريانو راخوي، حرص منذ توليه رئاسة الحكومة على نهج  خاص به في ممارسة الحكم والسياسة، بعيدا عن النزعة التسلطية التي ميزت ولايتي “أثنار”.

وساهمت المواقف المثيرة للزعيم السابق في تعميق شقة الخلاف بين الرجلين سواء بخصوص القضايا الداخلية والدولية. وعلى سبيل المثال أكثر  أثنار من انتقاداته بالدعوة  إلى التشدد مع المطالبين بالانفصال في إقليم كاتالونيا، كما يرفض إجراء تعديل دستوري بناء على مطلب القوى السياسية الأخرى، وهما الملفان اللذان أبدى،راخوي بشأنهما، بعض المرونة في المدة الأخيرة وخاصة بعد  أن نجح في تشكيل حكومة أقلية.

mariano

وإذا كانت  السنوات الثمانية التي قضاها، اثنار، في قصر “لامنكلوا” حققت لبلاده  وثبة  اقتصادية، مستفيدا من نتائج الإصلاحات التي سنها الاشتراكيون قبله ومن الظرفية الاقتصادية العالمية المواتية؛ فإنه كان السبب المباشر في الكوارث التي حلت ببلاده وخاصة الهجوم الإرهابي البشع الذي تعرضت له العاصمة مدريد عام 2004 وخلف حوالي مائتي قتيل وعشرات الجرحى والمعطوبين،حيث اعتبر الاعتداء ردا على تورط، أثنار، في الحرب التي شنتها الولايات المتحدة  على العراق عام 2003 اندفع وراءها  مطبلا ومزمرا، ضدا على الرأي العام الإسباني الذي خرج  بعد الاعتداء الإرهابي  إلى للشارع،رافعا شعارات التنديد بأثنار، منتقدا تبعيته العمياء لصقور إدارة الرئيس السابق جورج بوش الإبن؛ بل يمكن القول إن تلك المظاهرات العارمة  التي عمت  أهم المدن الإسبانية، كانت إيذانا بالموت السياسي للزعيم اليميني، ما ساعد الاشتراكيين على العودة إلى الحكم  في نفس العام.

وكشف موقف أثنار، من الحرب التي شنتها أميركا على العراق، عن حقد دفين على العرب والمسلمين، عبر عنه صراحة في معرض مواقف علنية وفي مذكراته. ولا ينسى في هذا الصدد موقفه العدواني  ضد المغرب وتهديده  بعقاب عسكري جراء حادث  صخرة جزيرة “ليلى” الواقعة على مرمى حجر من الشواطئ المغربية.

يذكر أن أثنار، المتعطش  إلى السلطة، تودد  للإدارة الأميركية كي تكافئه على ما فعله من أجلها في العراق وأفغانستان، طامعا في منصب دولي  فقد  تردد حينئذ أنه يسعى  إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة قبل وقوع  الاختيار على الكوري  ” بن كي مون” لكن مسعاه خاب واكتفى بالتردد على الولايات المتحدة لإلقاء محاضرات  في  بعض جامعاتها  من جهة ولتعميق معرفته باللغة الانجليزية.

وظل نشاطه خلال السنوات الأخيرة منكبا  على مؤسسة الأبحاث  السياسية  والاجتماعية (فايس) التي أسسها قبل 25 سنة. اعتبرت في البداية واجهة فكرية للحزب الشعبي لكن، اثنار، حرص على الابتعاد بها عن الحزب، بالإكثار من  توجيه الانتقادات له  إلى أن أعلن أخيرا فك ارتباطها  بالتنظيم الحزبي، رافضا الدعم المالي  الحكومي، بمبرر الاستقلالية والحياد، بينما أجمعت التعليقات أن قراره  تعبير عن غضب وسوء تفاهم عميق مع،ماريانو راخوي، وجزء من القادة الحاليين للحزب، دون أن يفقد قلة من  الأنصار يحنون إلى زمن القبضة الحديدية التي اشتهر بها أثنار.

هل يكتفي رئيس الحكومة الأسبق بالمؤسسة أم أنه سيتخذها قلعة للانقضاض مجددا  على الحزب لإنقاذه من رياح التجديد التي تهب عليه، لا سيما وأنه يحس بالقدرة والقوة الجسدية على فعل ذلك؟

الواقع أنها أحلام فارس قديم.