لاأحد يعرف متى ينتهي هذا المسلسل الطويل من انتظار خروج الحكومة الجديدة إلى الوجود،لدرجة أن المواطنين ربما يحسون في الغالب بمشاعر يطغى عليها الضجر،بعد مرور مدة زمنية طويلة على تكليف عبد الإله بنكيران، زعيم الحزب المتصدر لنتائج 7 اكتوبر،بتكوين الفريق الذي سيرافقه في تدبير الشأن العام، على مدى خمس سنوات المقبلة.
مع إشراقة شمس كل يوم،تتداول الصحف الورقية والمواقع الاليكترونية أخبارا جديدة عن المفاوضات الجارية بشأن تشكيل الحكومة،مما يصيب المتلقي بالحيرة،أمام كثرة السيناريوهات المتداولة،للخروج من هذا المأزق الذي يحول دون ميلاد التشكيلة الحكومية الجديدة.
وفي كل يوم تظهر في آخر النفق بعض معالم الانفراج، لما بات يسمى ب”البلوكاج”،من خلال بعض التصريحات الإعلامية للمقربين من رئاسة الحكومة،ثم سرعان ما يتضح أن ذلك مجرد سراب خادع،لم يصمد طويلا أمام شمس الحقيقة،ما يؤدي في النهاية إلى مزيد من تعقيد الأمور.
الآن،وفي خضم هذا التخبط،الذي طال عمره كثيرا،يجري الحديث في الصحافة عن سيناريو جديد،يقضي بإشراك حزب الاستقلال،وإبعاد أمينه العام حميد شباط من الاستوزار، مع وعد من الأغلبية بمنحه رئاسة جهة فاس، بعد إسقاط امحند العتصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية،الذي قد يجد نفسه،في حالة تطبيق هذا السيناريو، في صف الخاسرين، وهو الذي اعتاد المشاركة في كل الحكومات.
للمزيد من التفاصيل:صحف الصباح: حل وسط لإنهاء الأزمة الحكومية بمشاركة الاستقلال وإبعاد شباط !
أمام هذه المعطيات،يبدو المشهد السياسي الحزبي في المغرب، كأنه غير عابيء بانتظارات المواطنين، وأن كل ما يهم بعض الفاعلين السياسيين، هو اقتسام المناصب الوزراية،حتى ولو كان ذلك على حساب مصلحة الناخبين الذين اختاروا هذه الأحزاب لمباشرة ومعالجة مشاكلهم،قبل أن يتضح أن مايهمها أساسا هو توزيع “الكعكعة” بينها.
ومما يزيد من إحساس المواطنين بالخيبة،وفقدان الأمل في بعض مكونات الطبقة السياسية، هو غياب أي مؤشر عن البرامج والمخططات التنموية والاقتصادية والاجتماعية،التي ينبغي رسمها والاتفاق حولها،أولا، قبل التفكير في تشكيلة الفريق الحكومي الجديد.
ففي الوقت الذي تتحرك فيه الدولة على أعلى المستويات،في الخارج، لمواجهة التحديات التي تواجه المغرب،تركن الطبقة الحزبية في الداخل إلى جني ثمار ممارسة السياسة بالبحث عما يرضي الأنصار والأتباع،غير آبهة بأن هذا الزمن السياسي الضائع من عمر البلاد،سوف ينعكس سلبا على أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية،ويجعل مؤسساتها،مثل مجلس النواب وغيره، في حالة عطالة.
إلى متى هذا الانتظار،وهل يكون السيناريو الجديد المشار إليه أعلاه،آخر السيناريوهات،أم أن عمر الأزمة الحكومية،سوف يشهد مزيدا من التمدد،وقد يؤدي إلى اختيار سيناريو آخر، قد يكون اكثر قابلية للتطبيق؟