حفل الحديث الصحافي المتميز الذي أدلى به الملك محمد السادس،أمس السبت، لوسائل الإعلام في جزيرة مدغشقر، بعدة رسائل ملكية تنطوي على مجموعة من الدلالات، وتحيب على مجموعة من التساؤلات التي تطرحها زياراته للقارة السمراء.
كما أكدت مضامين الحديث الصحافي على الثوابت التي تربط بين المغرب وافريقيا، والتي لاتنفصم عراها أبدا، بل إن جذورها لاتزداد،مع مرور الأيام، إلا رسوخا في تربة الواقع، لكونها تنبني على أسس قوية، قوامها الاحترام المتبادل، والسعي المشترك لتكريس التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ويخطيء كل أولئك الذين يعتقدون أن المحفزات الكامنة وراء التحرك المغربي في الأقطار الإفريقية، والمشاريع التي يطلقها، والذي تكتسي أهمية خاصة، هي الرغبة في “إعطاء الدروس”، بل إن الدافع الحقيقي، كما أوضح ذلك عاهل البلاد، يكمن في اقتسام التجارب بغية النهوض بالقارة، وتعزيز قدراتها في مواجهة كل التحديات من أجل بناء التنمية المستدامة.
والدليل على ذلك، أنه حتى في الفترة التي أعقبت انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية، سابقا، سنة 1984،احتجاجا على انحرافها على مسار المشروعية بقبولها لعضوية البوليساريو،الجبهة الانفصالية، ظل وفيا لعلاقاته مع كل الأقطار الافريقية، كما يشهد بذلك العديد من رؤسائها واقطابها، الذين يكنون له كل الود والتقدير، جراء وقوفه إلى جانبهم دائما في مختلف المحطات.
إن الهدف الذي يسعى إليه المغرب بقيادة الملك محمد السادس من وراء هذا التحرك عبر افريقيا هو نسج نموذج قوي ومتماسك لإرساء أسس تعاون جنوب ــ جنوب بين مختلف مكونات القارة السمراء، المتطلعة نحو واقع أفضل ومستقبل أحسن، للحاق بركب النمو والتطور.
وهذا كله طموح مشروع ويمكن قطف ثماره المرغوبة ونتائجه المطلوبة،ولا يتطلب أولا وأخيرا، سوى أن “تضع إفريقيا ثقتها في افريقيا”، كما شدد على ذلك الملك محمد السادس في خطابه بأبيدجان، في فبراير 2014، فلديها من المؤهلات والموارد الطبيعية والبشرية ما يساعدها على السير قدما، بالاعتماد على نفسها.
لقد شكل دعم التعاون مع البلدان الإفريقية أولوية من الأولويات الدبلوماسية للمملكة المغربية،في إطارالتعاون جنوب ــ جنوب، ولم يكن وليد اليوم فقط، بمعنى أنه ثابت من ثوابت سياستها، ولم تحركه أبدا نزعة مرتبطة بظرفية ما، كالعودة إلى الاتحاد الإفريقي، كما يدعي ذلك، عن خطأ متعمد، خصوم الوحدة الترابية.
ومن أقوى الرسائل الملكية أيضا الواردة في حديث الملك محمد السادس لوسائل الإعلام في مدغشقر، إزالة اللبس والغموض وتفنيد كل الإشاعات التي تزعم أن المشاريع،التي تم إطلاقها في هذا القطر، تعني فقط الجالية المسلمة، بل إنها تستهدف كل الساكنة، مع توضيح حقيقة أساسية، وهي أن “ملك المغرب هو أمير المؤمنين، المؤمنين من كل الديانات.”
وحين يبادر المغرب لتعزيز تواجده في أقطار افريقيا، من خلال المشاريع والأوراش،فإنه يقوم بذلك من منطلق إيمانه بأهمية تعاونه معها، دون أن تحكمه أية خلفية أخرى، بل إنه يفعل ذلك دون”أي تعال او غطرسة، أو حس استعماري”، كما تحدث عن ذلك الملك بكل وضوح.
وعسى أن تكون الرسائل الملكية،التي لاتحتاج إلى تفسير أو تأويل،قد وصلت إلى من يعنيهم الأمر، وخاصة منهم، أولئك الذين لاينظرون بعين الرضى إلى “الحضور المغربي” في افريقيا.
للمزيد من التفاصيل:الملك يخص صحافيي مدغشقر بحوار استثنائي ويقول الكثير عن إفريقيا